" فينتانا" .. التحدي الأول بعد "الحرب" ...

غزة / الرياضية – تقرير مصطفى جبر - إن التحدي في ساحتنا الرياضية هو أحد السبل والوسائل التي يتبعها شعبنا الصامد ضد المحاولات المتعددة التي يتبعها الصهيوني بهدف كسر إرادة الشعب الفلسطيني الذي يُكافح ويناضل في كافة المجالات المتنوعة بحثا عن الحرية والاستقرار والأمان والتمتع بحياة كريمة طبيعية كباقي شعوب العالم.

شركة المشروبات الخفيفة "فينتانا" نموذجاً حياً من نماذج التحدي المختلفة التي خاضها شعبنا بعد الحرب الأخيرة على قطاع غزة وخاصة بعد تدمير مصنعها حديث الإنشاء في مدينة غزة وإصرارها على استكمال البطولة التي بدأتها قبل الحرب تعالياً على النكسة التي أصابت الشركة وأحدث خسائر قدرت بمبلغ "9" مليون دولار.

ولم تقتصر هذه البطولة الكروية التنشيطية على إحداث حراك رياضي بين الفرق المُشاركة في ظل توقف المسابقات الرسمية في قطاع غزة بل كان لها الدور الأكبر في خلق مساحة لمن عاشوا الأمرين في الحرب الأخيرة وخاصة اللاعبون اللذين شاركوا مع فرقهم بالرغم من استشهاد أقاربهم وذويهم وأفراد عائلتهم وفقدان منازلهم حتى يثبتوا للعالم أجمع أن الشاب الفلسطيني لن تكسره ضربات الاحتلال وصواريخه وأن حقنا في العيش بكرامة حق يجب أن نتمتع به من خلال البطولات المحلية والتي كأن أولها بعد الحرب بطولة "فينتانا" التنشيطية التي تعتبر التحدي الأول بعد الحرب...


طلعت طباسي

تحدي وعزيمة

طلعت طباسي رئيس اللجنة المنظمة أكد على أن هدف البطولة لم يقتصر على تنشيط الفرق في ظل الركود الرياضي بل هي رسالة تحدي وصمود وخاصة بعد الأخيرة على قطاع غزة، مشيراً إلي أن الظروف الصعبة وقلة الإمكانيات وما خلفه العدوان الأخير لم يُثني اللجنة المنظمة على استكمالها واجتياز كل العقبات.

وأشار "طباسي" أن مُشاركة لاعبين فقدوا أسرهم وبيوتهم في هذه الحرب اكبر دليل على الصمود الذي يتمتع به لاعبو غزة، لافتاً إلي أن نوعية الشباب الفلسطيني الأصيلة تظهر في المواقف الصعبة.

وقال :" أن تعزيز الجانب النفسي لدى اللاعبين بعد الحرب كان هدفاً من أهداف البطولة نظراً للأجواء الصعبة التي عاشها كافة سكان قطاع غزة وخاصة اللاعبين اللذين ابتعدوا عن التدريبات لأكثر من شهرين، وهذه البطولة من شأنها أن تعيد جزء من الحياة الطبيعية لما قبل الحرب سواء للاعبين المشاركين ومدربيهم ومجالس إداراتهم والجماهير التي كانت تتابع المباريات عن كثب والتي كانت متعطشة لرؤيتها".

وتابع " طباسي" :" لقد كان الإصرار على استئناف البطولة بعد الحرب قوياً جداً ومفاجئاً للجماهير المتابعة والفرق المشاركة فيها نظراً للمحنة التي تعرضت لها "ِشركة المشروبات الخفيفة" راعية البطولة اثر تدمير وحرق مصنعها بالكامل في مدينة غزة".


فينتانا

بطل النسخة الأولى

وكانت بطولة " فينتانا" التنشيطية لكرة القدم انطلقت في منتصف شهر رمضان الماضي، وتوقفت بسبب العدوان الأخير على قطاع غزة والذي دام 51 يوما، وأصرت الشركة الراعية واللجنة المنظمة للبطولة على استكمال البطولة في العاشر من أكتوبر الماضي على ملعب رفح البلدي المُعشب والذي سبق وأن تم قصف مرتين سابقتين.

وحصل على البطولة فريق إتحاد خان يونس بعدما حقق فوزاً مستحقاً على جاره شباب خان يونس بهدفين لهدف وحيد، علما أنه شارك فيها ثمانية فرق هم: خدمات رفح, والاستقلال, والقادسية, واتحاد وشباب خان يونس, وخدمات النصيرات, وخدمات المغازي, وخدمات البريج.

إصرار على البقاء

وعبر " محمد ساق الله" رئيس مجلس إدارة شركة المدينة للمشروبات الخفيفة عن سعادته الغامرة بعد انتهاء البطولة ونجاحها وتحقيق أهدافها، مُشيرا أن مُشاركة اللاعبين محمود النيرب وحسين كلاب اللذين فقدوا عائلاتهم في الحرب يُمثل رسالة تحد وإصرار للعدو من خلال هذه البطولة، ويظهر أصالة الشخصية الفلسطينية الشابة واللاعب الفلسطيني.

 

فينتانا

بطولة سنوية 

وتابع "ساق الله":" سنعمل على رصد ميزانية سنوية لإقامة هذه البطولة التي جاءت في وقت صعب على الشركة الراعية بعد تدمير المصنع الخاص بالمشروبات الغازية فى الحرب الأخيرة على غزة، ولكننا اليوم نتحدى كل الظروف باستئناف البطولة ونجاحها ومشاركة اللاعبين والجماهير ممن تعرضوا لظروف صعبة فى الحرب، وسنعمل على بناء المصنع في بداية العام حتى يعود من جديد لأننا شعب صابر صامد يبنى دائما ويسعى للتطوير وتحد كل الظروف المحيطة به".


فينتانا

عودة الروح

نادر النجار أحد اللاعبين المتوجين بلقب " فينتانا" مع فريق الجديد إتحاد خان يونس أكد أن البطولة بثت الروح المعنوية في نفوس اللاعبين خاصة بعد الضغط النفسي الذي تعرض له اللاعبين والتوقف عن التدريبات والتعرض لمواقف خطيرة في الحرب، منوهاً إلي ان الجانب النفسي الذي نتج عن استئناف البطولة كان ضرورياً لعدة أسباب أبرزها التمهيد لعودة النشاط وتحدى الظروف ومساندة اللاعبين المتضررين من الحرب.

ولم يخف النجار سعادته الغامرة بالمشاركة في هذه البطولة مع فريقه الجديد وتحقيق اللقب الودي الأول، مقدماً شكره وتقديره للشركة الراعية والقائمين على البطولة والجهاز الفني لإتحاد خان يونس الذي منحه الثقة بالمشاركة سريعاً فور انتقاله من شباب جباليا لإتحاد خان يونس.


فينتانا
فينتانا

إبداع من قلب المعاناة

وسطر نجم نادي الاستقلال الرفحي " حسين كلاب " نموذجاً جديداً من نماذج الصمود والتحدي بعودته للملاعب  والمشاركة فى البطولة بعد أن قتل الاحتلال عائلته بشكل بشع خلال القصف الهمجي الذي استهدف منزلهم إبان العدوان الأخير على غزة .

وفقد " كلاب " والدته وأشقائه الثلاثة شهداء , وأصيب والده,  فيما نجا بنفسه بأعجوبة من تحت الركام , ليعود من جديدة للحياة , ويمارس نشاطه الرياضي المُعتاد , متحدياً بذلك مأساته وآلامه بفقده لأكثر من نصف عائلته ويحصل على لقب أفضل لاعب في أول مباراة خاضها أمام إتحاد خان يونس.

ولم يختلف حال اللاعب محمود النيرب صانع ألعاب فريق خدمات رفح عن زميله " حسين كلاب" إذ فقد النيرب ثلاثة من أشقائه ووالدته ومنزله في قصف همجي نجا منه وباقي أفراد العائلة، وبالرغم من كل هذه المآسي فقد حصل النيرب على جائزة أفضل لاعب في البطولة عن جدارة واستحقاق وأقنع الجميع بأننا شعب يستحق الحياة الكريمة كباقي شعوب العالم.

ومع انتهاء البطولة التي اجتازت كل الأهداف الرياضية وبل ساهمت أيضا في  تقديم الدعم النفسي والمعنوي لدى اللاعبين والجماهير وكل المشاركين في البطولة فتحت " فينتانا" باب واسعاً لعودة البطولات الرسمية وتهيئة كل الأجواء لذلك بعد رحلة البطولة التي يمكن وصفها بـ " التحدي الرياضي الأول بعد الحرب".