دعوا الاتحاد يموت في سلام

ياسر ايوب

(صحفي رياضي مصري)

  • 1 مقال

صحفي رياضي مصري

فقط فى الحالات الميئوس تماما من شفائها.. يأمر الطب الأطباء بأن يتركوا المريض يموت فى سلام.. أى يعيش أيامه الباقية دون جراحات وأدوية ومعاناة وآلام جديدة.. أما لو كان هناك أى مسحة أمل، فكل المحاولات لازمة وممكنة ومعها مكاشفة الجميع بالحالة ومخاطرها حتى يتحمل الجميع فواتير العلاج ويتقاسموا آمال الشفاء..

وما يجرى طبيا على البشر يجرى أيضا بنفس القواعد على البلدان والمجتمعات والمؤسسات والهيئات.. فإن قرر أى مجتمع أن يغلق كل ملفاته، مدعيا أن كل شىء على مايرام فثق بأنه مجتمع اختار الموت واستسلم له.. وحين تسمع عبارة «لا صوت يعلو فوق صوت أى شىء آخر يقولونه لك».. فتأكد أنها مجرد محاولة أنيقة لقطع الألسنة كلها.. لأنه لا دولة تنجح بدون أصوات الكثيرين وأفكارهم ورؤاهم حتى لو اختلفت وتناقضت.. وإن رفضت أى مؤسسة مواجهة واقعها وأخطائها وعيوبها وطالبت الجميع بعدم الالتفات لذلك، فهى مؤسسة لن تنجح أبدا، ولن تستقر أو تتخلص من أى وجع أو مشكلة..

وفى مؤسسة اتحادنا لكرة القدم كان هناك مرشحون فى الانتخابات الماضية لم ينالوا التوفيق، واكتشفوا أنها لم تكن انتخابات سليمة وصحيحة ونزيهة فلجأوا بمنتهى التحضر والرقى إلى القضاء ليفصل فى الأمر ويحدد إما أنها انتخابات جرى تزويرها أو انتخابات سليمة يستحق من فازوا بها البقاء فوق مقاعدهم.. إلا أن اتحاد الكرة بقى طوال الوقت يماطل، رافضا أن يفصل القضاء فى الأمر.. وحين اقترب القضاة من إصدار حكمهم كانت المحاولات والأكاذيب والادعاء الرخيص بأنه لو أصدر القضاء حكما بعدم سلامة الانتخابات وضرورة إبعاد أعضاء المجلس عن مقاعدهم فسيقوم «فيفا» بتجميد نشاط الكرة المصرية، لأن «فيفا» ضد اللجوء للقضاء.. قالوا ذلك للجميع.. للقضاء ولرئيس الحكومة وللإعلام.. حتى يتراجع الجميع عن فكرة سيادة القانون، بدعوى حماية الكرة المصرية من الأذى والعقوبات.. وحاولت تنبيه الجميع إلى أن «فيفا» يمنع اللجوء للقضاء فى الأمور الفنية والخاصة بكرة القدم فقط.. أما التزوير والانتخابات والأمور البعيدة عن النشاط المباشر لكرة القدم فليست من ممنوعات «فيفا» قضائيا.. وجئت بأكثر من مثال لأندية واتحادات فى أوروبا تلجأ للقضاء حاليا..

والآن أقدم لهؤلاء الكاذبين مثالا يفضح كل دعاواهم.. فقد بدأت أمس الأول محكمة مدنية فى عاصمة أوروجواى نظر القضية المرفوعة من نقابة لاعبى الكرة هناك ضد أوخينيو فيجيريدو، حيث تتهمه النقابة بالاحتيال والتزوير والتلاعب فى حقوق البث التليفزيونى للأندية.. والمثير فى الأمر أن فيجيريدو هو نائب رئيس «فيفا» نفسه.. أى لو أن مجرد اللجوء للقضاء يستدعى عقوبات «فيفا» لكان «فيفا» أولى بأن يغضب من أجل نائب رئيسه وليس فقط من أجل الاتحاد المصرى.. لكن يبدو أن الاتحاد المصرى لا يريد فعلا أى تغيير أو مواجهة أو إصلاح حقيقى.. يريد فقط قطع ألسنة الناس خوفا من «فيفا» ويمنعهم من اللجوء للقضاء بحثا عن حقوق ضائعة.. وكما يقول الطب: دعوا الاتحاد المصرى لكرة القدم يموت فى سلام.