لا تتوفر نتائج هذه اللحظة

عن سنوات العذاب الست وأصدقاء لن تنسى ولن تسامح " شهداء الأهلي"

الرياضية أون لاين/محمود ضياء

الساعة الحادية عشر والنصف من ظهر يوم الأول من فبراير عام 2012، القطار رقم 451 من القاهرة حمل معه شبابًا عادوا إلى بيوتهم بعد ذلك منقوصين من 72 صديقًا وفياً ومن جزءٍ من أرواحهم ظل هناك ليعودوا محملين بآلام وذكريات ستظل حتى الموت.

ست سنوات مرت على رحيل 72 شابا في مباراة لكرة القدم، سنوات تحولت فيها ردود الأفعال من تعاطف إلى ضجر، ثم إلى هجوم. سنوات كانت كافية لأن ينسى الكثيرون ما حدث، إلا الأهالي الذين فقدوا ذويهم، أو مجموعة من الشباب كانوا شاهدين على ما حدث، أو فقدوا أصدقاء قضوا معهم لحظات الشغف والحزن على تشجيع نفس الفريق.

لم يكن طبيعياً أن ترى صديقًا شاركت معه لحظات - ربما لم ترها مع عائلتك - وهو يموت بهذه  الطريقة البشعة، أو أن تسمع صوته يصرخ طالبًا النجدة دون أن تكون لديك القدرة على مساعدته.

 

شاب في مقتبل عمره، أو طفل لم يبدأ حياته بعد، أو رجل ينتظر مولوده الأول، يُقتل بأبشع الطرق وهو يستنجد بصديقه الذي ربما فقد عمره في نفس اللحظة.

مجزرة بورسعيد

اللحظة الأصعب على أي رجل هي التي يشعر بها بالخوف. فما بالك بمن يرى الموت أمام عينه له ولأصدقائه دون أن ينجح في إنقاذهم؟ أو حتى النجاة بحياته، ليتم إلقاءه من فوق سور الملعب أو يتعرض للضرب حتى الموت.

هل فكرت كم استغرق من شاهد ذلك بعينه وقتًا ليتعافى من هذه الصدمة؟ كم منهم لم يعد إنسانًا سوياً بعد ساعتين من الرعب بسبب مباراة كرة قدم؟ هل فكرت في من لم يتعافوا بعد من عيش تلك اللحظات؟

بين هول صدمة ما حدث، وبين الألم على فراق أصدقاء جمعتك بهم ذكريات لن تنسى، تجد نفسك مطالبًا بالبحث عن حقوقهم في محكامة عادلة لمن قتلهم. نظرة أم شهيد لأيٍّ منهم تقول إنه لن يُعيد الحق غيرهم كانت كافية لأن تشعل النيران المتأججة بالفعل بداخل مجموعة من الشباب شاهدوا الموت بأعينهم.

شهور من جلسات المحاكمة والحديث عن تأجيل الحكم في أكثر من مرة، واستفزاز من الجميع، حتى جاءت أخيرًا اللحظة الحاسمة بإجراء المحاكمة التي أحس وقتها بعضهم بأن الجبل الذي أُلقى على عاتقه قد انزاح أخيرًا ولو لبعض الوقت، بتلقي البعض لأحكام الإعدام وحبس البعض الآخر، قبل أن يتطور الأمر بعدها لنقضٍ، ثم لجلسات محاكمة أخرى استمرت لسنوات.

مجزرة بورسعيد

الأمر تطور ليتم منعهم من مجرد إحياء الذكرى التي يذكرون فيها العالم بفجاعة ما حدث. عام مضى دفع فيه بعضهم ضريبة طلب إحياء هذه الذكرى بقضاء عشرة أشهر في السجون، ثم منع جديد هذا العام لتقتصر الذكرى على الحديث فيما بينهم.

لا شيء يؤلم أكثر من الذكريات. موقف يحدث أمامك مشابه لما كان يجري مع أحدهم، أو كلمة يقولها شخص تعيد إليك ذكرى من فقدوا الحياة بدون أي ذنب. أن تنام بدموعك على موتهم، أو ترى أحدهم في نومك فتستيقظ لتجد الدموع على خديك قد جفت من الألم.

أيام تمر حتى يأتي الأول من فبراير ليُعاد أمام عينك في لحظات سيناريو ما حدث يومها وما تلاه من آلام. أعوام تمر ويتحول رأي الجميع من التعاطف إلى الضجر والهجوم، وقد يصل الأمر أحيانًا لاتهامك بأنك من تسببت في موتهم.

مجزرة بورسعيد

ست سنوات كألف عام لن تكون كافية لأن ينسى الأوفياء ما حدث في مجزرة بورسعيد. مجموعات من الشباب كانوا ليصبحوا رجالًا أو حتى كهولًا عندما تأتي لحظة الحق، ولكنهم سيظلوا ينتظرونها ولو بعد حين.

قد تُلهيهم الحياة بكل أشكالها ولكن الذكرى ستظل دائمًا في القلوب. ومع كل أول من فبراير سيعود شريط الذكريات للعقول مجددًا. ألم لن يشعر بمدى قسوته إلا من عاش هذا اليوم وتبعات ما بعده.

72 شهيدًا انتقلوا لجوار ربهم قبل ست سنوات من الآن. نحسبهم عند الله في جنة الخلد، وأصدقاؤهم في الأرض ما زالوا يعانون الآلام لفقدانهم، وسيعيشوا على ذكراهم، ليذكروا الجميع، ولينتظروا لحظة اللقاء مجددًا.

/موقع goal