تذبذب مستوى اللاعبين.. ظاهرة تستحق الدراسة

اياد ابو ظاهر

(مدرب واكاديمي فلسطيني)

  • 1 مقال

بقلم: أ‌. إياد ابو ظاهر


لاعب كرة القدم والرياضة بشكل عام يَمُر بفترات يكون الأداء البدني والمهارى والخططي لدية بأفضل حالته ،وهذا المستوى يجعل من اللاعبين بشكل فردى وجماعي قادرين على أداء الأدوار والمهام التي يُكلفون بها من قبل مدربيهم بالشكل المطلوب ،ونرى بعظهم يُبدعون ويتميزون بشكل لافت خلال مباراة و أكثر ،ولكن يتفاجأ المدرب والادارة والجماهير بأن هؤلاء اللاعبين يَحدث لديهم هبوط بالمستوى و ويتذبذب مستواهم الفني من مباراة لأخرى ،الأمر الذي يدفع بالجميع للتساؤل عن السبب ،ولعلى بهذا المقال أستطيع أن أسلط الضوء على هذه الظاهرة التي تنتشر بملاعبنا الفلسطينية بشكل كبير محاولًا أن أُفصل أسبابها وكيفية وضع الحلول مراعيًا بنفس الوقت الظروف الموضوعية لكرة القدم الفلسطينية .
هل الظاهرة عالمية أم محلية :
ظاهرة تذبذب المستوى من مباراة لأخرى مشكلة تواجه كافة المدربين بالملاعب الفلسطينية و تكمن صعوبة تلك المعضلة في انها تحدث لأغلب اللاعبين داخل الفريق و بشكل متكرر، حيث لو كانت فردية لاستطاع المدربون التغلب عليها من خلال استبدال لاعب أو اكثر بآخرين جاهزين فنيًا وبدنيًا .
أسباب عدم ثبات المستوى :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يمكن اجمال تذبذب المستوى الفني للاعبي كرة القدم الفلسطينية في عده نقاط :
1. التدرج في التدريب بالمراحل السنية :
حيث ان اللاعبون الاساسيون في معظم الاندية قد انظموا للفريق الأول وأصبحوا أعمده أساسية و لم يتدرج هؤلاء اللاعبين بالتدريب بالفئات العمرية ،وقد انضموا لتلك الأندية بعد ال18 عامًا أو أكثر ،هؤلاء اللاعبين القادمين من الساحات الشعبية او المدارس الثانوية ودوريات المساجد وغيرها لم يؤسسوا فنيا ولا بدنيا بالشكل المطلوب ،وهذا بخلاف الأندية العالمية او العربية والتي يتدرج فيها اللاعب ب4 فئات عمرية قبل الوصول للفريق الاول ويخوض خلال كل فئة اكثر من 100مباراة خلال الموسم الواحد ،بمجموع كحد ادنى من 600الى 700مباراة خلال دوريات متنوعة توجد بها منافسة قويه ،لذا نجد لدى اللاعب ثبات بالمستوى ،ولو قارنا ما سبق بما هو واقع نجد ان مجموع المباريات بالفئات العمرية بفلسطين بأحسن الأحوال 30مباراة بالموسم الواحد (بشكل غير منتظم ).
2. طرق التدريب وأساليبها :
تعد طرق التدريب التي يعتمدها المدربين بالمراحل السنية وبالفريق الأول أيضًا أحد أهم الأسباب التي تؤثر على عدم ثبات المستوى (التذبذب )، حيث لا يوجد سجل خاص بكل لاعب يحتوى (حالته البدنية ،الاصابات ،نقاط الضعف )وكذلك عدم وجود نظام تدريبي محدد لدى كافة الفئات العمرية وصولًا للفريق الاول ،وعدم وجود منافسات أثناء التدريب ومباريات ودية كافية وكذلك التأهيل الجيد بعد الاصابات ،و لا ننسى عدد ساعات التدريب بالأسبوع وعدد المباريات بالموسم الرياضي ،و كذلك التنظيم الجيد للأحمال التدريبية قبل واثناء الموسم الرياضي .
3. التغذية الجيدة:
تغفل معظم الاندية الفلسطينية وأغلب مدربيها بالاهتمام بالتغذية الجيدة للاعبين ،الأمر الذي يؤثر على تنمية نمو عضلاتهم مما يؤثر على قدراتهم البدنية وبالتالي يجعل من اكتسابهم وادائهم للمهارات الحركية ليست بالشكل المطلوب ،بالتدقيق نجد ان معظم اللاعبين لديهم سوء تغذية نظرا للوضع الاقتصادي وكذلك لجهلهم بأهمية التغذية وأثرها المباشر على مستواهم داخل الملعب ،ولذا من الضروري عمل نشرات و ندوات او ايجاد اخصائي للتغذية بكل ناد من أجل وضع برنامج غذائي متكامل وتوعيه اللاعبين بأهميتها .

4. السهر والعمل والدخان:
لعل من أهم الاسباب التي تؤثر مباشرة على مستوى اللاعبين السهر المستمر حتى الصباح ،ويعود ذلك لعدم وجود ثقافة لدى هؤلاء اللاعبين ومعرفتهم بخطورة هذا السلوك ،فيكفى أن يعرفوا أن هناك هرمونات لا تُفعل إلا في حالة النوم بالليل مثل (لون البشرة ) ،وكذلك وجود بعض اللاعبين بالعمل الشاق على مدار اليوم قبل التدريب او المباراة مما يؤثر على ادائهم داخل الملعب ،وكذلك ظاهرة الدخان والنرجيلة( الشيشة ) المنتشرة بكثره وتأثيرها السلبي على أداء الوظائف الحيوية لأجهزه الجسم (الكبد و الرئتين )ولعل مبرر هؤلاء اللاعبين مشاهدتهم نجوم العالم يدخنون متناسين أن هؤلاء قد وصلوا لمراحل عليا من التدريب ولا ننسى ان هناك تراجع في مستوى هؤلاء النجوم لاحقا ،والذين توجه لهم النقد من قبل الجماهير ووسائل الإعلام .
5. الجانب المالي :
يُعد العائد المالي الذي يتلاقه لاعب كرة القدم بفلسطين مقارنه بلاعبي الوطن العربي والمحيط القاري والدولي ضئيل جدًا بل يكاد لا يذكر ،فمثلا بالمحافظات الجنوبية (قطاع غزه ) متوسط دخل اللاعبين في معظم الاندية لا يتجاوز 150$ في أحسن الأحوال مقابل 20يوم عمل ما بين حصص تدريبية ومباريات واجتماعات ،وهو عائد قليل جدًا مقارنه بما يبذله اللاعب من جهد وتعب مما يؤثر بالسلب على ادائه بالملعب ،علمًا بأن أغلب هؤلاء اللاعبين هم خريجي جامعات وعاطلون عن العمل ويطمحون بالزواج والسكن ، ولا ننسى أن فرص العمل لدى اللاعبين السابقين كانت متوفرة بدرجة اكبر، حيث التفريغ على الأجهزة الامنية والتي توقفت بعد الانتفاضة الثانية وتوقف النشاط الرياضي وكذلك الانقسام الداخلي .
6. نظام المنافسة :
لعل نظام المسابقة وغياب التمثيل الخارجي للأندية في البطولات العربية والقارية وتضائل فرص انضمام اللاعبين للمنتخبات الوطنية من الاسباب التي تؤثر سلباً على اللاعبين مما يؤثر على مستواهم الفني ويجعل من ممارستهم لكرة القدم لمجرد التسلية وقضاء وقت للفراغ ،ولعل عدم تطبيق نظام الاحتراف بالمحافظات الجنوبية من العوامل المؤثرة على عدم ثبات المستوى لدى اللاعبين .
7. الجانب النفسي :
يُعد الجانب النفسي سببًا رئيسيًا في تذبذب المستوى وتراجعه نظرًا للجهل في كيفية ادارة الافراد بشكل يراعى احتياجاتهم واهتماماتهم والابتعاد عن كل ما يؤثر على نفسيتهم من قبل ادارات الأندية والجماهير ، ولعل حنكة المدربين وخبرتهم بذكاء مع هؤلاء اللاعبين ومراعاه خصوصيتهم (التركيبة العقلية والاجتماعية )لكل لاعب على حدى ومعرفتهم بأفضل الطرق التي يستطيع من خلالها اخراج كل ما لديهم من مواهب وطاقات (الدافعية و الحافز )
8. وسائل الاعلام :
تلعب وسائل الإعلام دور هام وفاعل في نقل وتحليل ونشر كرة القدم وهو عمل يستحق الاحترام والتقدير ،ولكنه في بعض الأحيان يكون سببًا في تذبذب مستوى بعض اللاعبين، وذلك من خلال المدح والاشادة الزائدة الغير موضوعية لبعض اللاعبين مما يوهمهم بأنهم أصبحوا نجومًا وحققوا انجازًا كبيرًا ،وبالتالي يحدث لديهم نكوص وتراجع في الاداء مما يظهر على سلوكياتهم داخل الملعب مع زملائهم وخارجه مع مدربهم واداراتهم وجماهيرهم .
ختامًا :
مما سبق نستطيع القول بأن عملية الحفاظ على ثبات مستوى اللاعبين عملية ..علمية سهلة ..قابلة للتطبيق بشكل موضوعي و نملك جميعًا الأدوات في حالة توفر الإرادة ،وان وطننا الحبيب(فلسطين ) يزخر بالكفاءات التي تطمح للنهوض بالحالة الرياضية عامة والارتقاء بهؤلاء اللاعبين الذين هم رأس مال كرة القدم الفلسطينية .

المدرب والأكاديمي
أ‌. إياد ابو ظاهر
رئيس الأكاديمية الرياضية الفلسطينية