حكاوي الملاعب .. تعرف على الحكم الذي حطم القوانين والراحة الشتوية عَطلة

جهاد عياش

(صحفي رياضي فلسطيني)

  • 1 مقال

غزة – كتب/ جهاد عياش

وصل قطار دوري الوطنية موبايل لأندية قطاع غزة الممتازة إلي محطته الأخيرة من مرحلة الذهاب وقد عرف كل فريق مركزه حسب ما بذله من مجهود وحصله من نقاط على غرار حامل اللقب فريق الصداقة الذي واصل عروضه القوية وتبوأ الصدارة عن جدارة واستحقاق فيما فاجأ العميد عشاقه واستقر في مركز الوصافة على ضوء نتائجه المبهرة وكذلك النشامى شباب خانيونس، وتبقي علامة الاستفهام والسؤال المحير ما الذي أصاب قطبا الكرة الفلسطينية في قطاع غزة شباب وخدمات رفح اللذان تمركزا في مواقع متأخرة نسبيا مع عروض سيئة ونتائج سلبية خاصة فريق الزعيم.

أولا : الصداقة بطل على طول

الصداقة بطل الشتاء حقيقة لاشك فيها بعد تصدره قمة ترتيب الدوري الممتاز منفردا برصيد 24 نقطة ولكن ليس هذا كل شيء فقد ارتدي هذا الفريق العريق ثوب البطولة من قبل عدة مرات في الشتاء ولكنه كان يتراجع في الأمتار الأخيرة حتى استطاع في العام الماضي الجمع بين بطولة الشتاء والصيف، وها هو يكرر نفس الانجاز وبأرقام مميزة في هذا الشتاء والسؤال الكبير كيف لهذا الفريق الذي تقلب قبل عدة سنوات بين الدرجة الأولي والممتازة أن يصل لهذا الابداع ويصبح منافسا حقيقيا على البطولات في الخمس سنوات الأخيرة متجاوزا العديد من الفرق ذات الخبرة والصيت وللإجابة أقول :

  • ·     فريق الصداقة ينتمي إلي مؤسسة رياضية وثقافية واجتماعية ذات جذور راسخة في المجتمع الفلسطيني قوامها الأخلاق الحميدة والتربية الحسنة وتقويم السلوك والعلاقات الاجتماعية والمحبة والأخوة تهدف إلي تخريج أجيال رياضية من جميع الفئات وفي العديد من الألعاب بعد احتواء المواهب الشابة وصقلها وتهذيبها وتقديمها في أبهي الصور ومن ثم تنطلق هذه القدرات والابداعات والمواهب  في سماء فلسطين وتساهم في رقي الإنسان الفلسطيني .
  • ·     يقوم على إدارة هذه المؤسسة العملاقة مجموعة من الكوادر المثقفة والشخصيات المحترمة والعقول النيرة والنفوس المنسجمة ويقف على رأسهم الدكتور سعيد الغرة على أساس البذل والعطاء ونكران الذات والتفاهم التام وتقديم مصلحة النادي على أية مصلحة أخرى وربما يعتبر نادي الصداقة من الأندية القليلة المستقرة إداريا وماديا منذ سنوات .
  • ·     الجهاز الفني والإداري والطبي الكفء الذي يقف على رأسهم المدرب عماد هاشم الذي يتمتع بخبرة كبيرة في مجال التدريب رغم صغر سنه ويكفي أن نعرف أنه قاد المنتخب الوطني للكرة الشاطئية أكثر من مرة وحاز معه على نتائج طبية إضافة إلي قيادته للعديد من الأندية قبل أن يستقر به المقام في نادي الصداقة .
  • ·     المجموعة الشابة من أبناء النادي الذي اعتمد عليهم المدرب في السنوات الأخيرة وتأقلمهم مع اللاعبين ذوي الخبرة من أبناء النادي إضافة إلي العناية الشديدة في انتقاء لاعبي التعزيز حسب حاجة الفريق .
  • ·     من خلال هذه المجموعة المتنوعة استطاع المدرب عماد هاشم من خلق تشكيلة منسجمة وقوية قادرة على استيعاب فكر المدرب وخططه كما عمل المدرب هاشم على خلق دكة بدلاء مؤثرة وجاهزة لتلبية النداء في أية لحظة .
  • ·     نوعية الجماهير التي تزحف خلف الفريق نوعية مميزة من حيث الأخلاق والسلوك وتفهم ظروف الفريق والتعامل مع النتائج السلبية بحكمة وروية مما خفف الضغط عن الجهاز الفني وعن اللاعبين وعلى الرغم أن هذه الجماهير ليست بحجم جماهير أندية رفح والشجاعية والشاطئ إلا أن مساندتهم للفريق قوية ومؤثرة والجميل أن جماهير الصداقة قلما تعرضت لعقوبات .

ثانيا : وصافة العميد وطمع البلعاوي

كلنا يتذكر الظروف الصعبة التي رافقت مسيرة غزة الرياضي في الموسم الماضي على الصعيد الإداري والفني والتكتيكي والنتائج السيئة التي حصدها الفريق والتي كادت تودي به إلي الدرجة الأولي على الرغم من مجموعة التعاقدات الكبيرة التي قامت بها الإدارة القديمة، ومع نجاة العميد من الهبوط قررت الإدارة التعاقد مع المدرب القدير غسان البلعاوي ظنا منها أن هذا المدرب قادر على إعادة التوازن واسترجاع هيبة العميد التي اهتزت بعض الشيء، ولم يخيب البلعاوي ظن الإدارة وكان عند حسن ظن الجماهير التي عشقته لاعبا قبل أن تحترمه مدربا بعد أن عمل على تنقية الفريق من بعض الزوائد واعتماده على كوكبة من النجوم الصاعدة من أبناء النادي ونفض الغبار عن بعض المركونين على الرف وصياغة أسلوب تدريبي يمزج كل هذه العناصر المكملة لبعضها البعض واستطاع من خلق توليفة تمتاز بالشباب والخبرة والمهارة العالية والوعي التكتيكي والطموح المتجدد، استطاع من خلالها الفريق إلي تقديم عروض مميزة فحصد الانتصار تلو الانتصار حتى وصلت إلي 7 انتصارات وتعادل وحيد فيما ضل الفريق الطريق في 3 مناسبات فقط وأخذ يتقدم في الترتيب حتى وصل في نهاية الدور الأول إلي المرتبة الثانية برصيد 22 نقطة خلف المتصدر الصداقة برصيد 24 نقطة مما فاجأ الجميع بمن فيهم أعضاء مجلس الإدارة وعشاق النادي واللاعبين والجهاز الفني نفسه الذي لم يكن يتوقع أن يصل إلي هذه المرتبة بهذه السرعة وبهذا الكادر الضيق من اللاعبين كما صرح المدرب غسان البلعاوي الذي طمعته نتائج الفريق في المنافسة على لقب البطولة وأصبح يبحث الآن عن لاعبي تعزيز لملئ الشواغر وتغطية العجز في بعض المراكز وليكون الفريق قادرعلى مجاراة بقية المنافسين ولكن تبقي المشكلة في العجز المالي الذي قد يحرم الفريق من التعاقدات اللازمة وعلى إدارة العميد تدبر أمرها إذا ما أرادت من المدرب واللاعبين مواصلة المنافسة على لقب البطولة .

ثالثا : المدربون الجدد في مهب الريح

تغيير المدربين هي سنة من سنن كرة القدم مهما طال الزمن ومهما حالف التوفيق هذا المدرب أو ذاك فلا بد من لحظة التجديد والتبديل تبعا لحصيلة المدرب من النتائج الإيجابية والسلبية ومدى تواؤم هذه النتائج مع طموحات إدارة الفريق وجماهيره موازيا لقدرة المدرب على تكوين فريق منسجم ومنظم وتسخير كل طاقات اللاعبين ومواهبهم لخدمة أهداف النادي ، وقد حصل بالفعل التغيير في بعض أندية الدوري الممتاز نظرا لنتائجها السلبية وأملا في تحسن الأداء وتحسين النتائج ولكن ومن خلال المتابعة الحثيثة للفرق المجددة لم تتغير النتائج كثيرا، واستمر الحال على ما هو عليه كاتحاد خانيونس الذي يقوم على رأس إدارته الفنية المدرب القدير نعيم السويركي الذي صرح أكثر من مرة على وجود نقص في بعض المراكز إضافة إلي الأخطاء القاتلة التي يرتكبها حارس المرمي التي كلفت الفريق الخسارة أمام خدمات رفح وشباب خانيونس وغزة الرياضي، وفي ذات السياق فشل مدرب الشاطئ الجديد في إحداث الثورة المنتظرة في أداء اللاعبين والقفزة في نتائج الفريق وتلقي خسارتين محبطتين من الصداقة المتصدر والهلال الذي فاز عليه 4/0 في نتيجة صدمت الجميع والتي على إثرها فرضت إدارة الشاطئ عقوبات مالية على اللاعبين واستغربت تعاطي المدرب مع الفريق من ناحية التشكيل وطريقة الأداء التي أضعفت الفريق وجاءت بنتائج عكسية فيما بقي أهلي غزة في المركز الأخير على الرغم من تولي المدرب توفيق الهندي لمقاليد الجهاز الفني الذي حقق تعادلين مع جاريه في القاع اتحاد خانيونس والقادسية مما أزم وضعه كثيرا في قاع الترتيب ، وظل شباب رفح في أزمته رغم استقالة ناهض الأشقر وتسلم مساعده سعيد عبد الوهاب بعد الخسارة الأليمة على أرضه ووسط جماهيره من شباب جباليا الصاعد الجديد الذي تخطاه في الترتيب أيضا ، ولم ينج من هذه العاصفة الكروية سوى نادي هلال غزة الذي انتفض بعد رحيل احميدان بربخ وتولي حازم الوزير القيادة الفنية للفريق ليحقق انتصارين خياليين على الزعيم شباب رفح في عقر داره وعلى الشاطئ برباعية نظيفة وتبقى فسحة الأمل لهذه الأندية في فترة الاستراحة الشتوية لتقييم الأداء وتصحيح الأخطاء وتنقية الأجواء واعطاء المدربين الجدد المزيد من الوقت والدعم لإعادة تأهيل هذه الفرق المنكوبة ويجب عدم التسرع في اصدار الأحكام نتيجة وجع النتائج وصرخات الغوغائيين .

رابعا : تعرف على الحكم الذي حطم القوانين

مباريات كرة القدم أصبحت محط أنظار جميع أفراد الأسرة سواء من يحضر منهم إلي أرض الملعب أو من يمكث منهم في البيوت بحكم العادات والتقاليد ويتعرف على أخبار النتائج عبر المذياع، وفي السنوات الأخيرة شاهدنا حضور العديد من آباء وأمهات وزوجات اللاعبين إلي أرضية الملعب لتشجيع ذويهم على غرار والدة اللاعب فضل قنيطة ووالدة الأخوين صيدم من قبل ومشاركة والدة اللاعبين عيد وأحمد العكاوي وعلى الصعيد العالمي نشاهد والدة النجم البرتغالي كرستيانو رونالدو نجم ريال مدريد ووالدة النجم الفرنسي بول بوغبا لاعب مانشستر يونايتد وقبلهم والدة اللاعب البرازيلي رونالدينيو ناهيك عن الحضور الكثيف لزوجات اللاعبين وأبنائهم، وما إن يحرزاللاعب هدفا يقوم بإهداء هذا الهدف لأفراد عائلته فإن كان خاطبا يقوم بتقبيل الخاتم وإن كانت زوجته حاملا يضع الكرة في بطنه وإن كانت مرضعة يقوم بوضع إصبعه في فمه إلي غير ذلك من الأمور التي تمتزج بها المشاعر الإنسانية مع الاحتفال بالأهداف والانتصارات ولم نر حكما يعاقب لاعبا على حركاته العاطفية تجاه أفراد عائلته فما بالك عندما تحضر أم بهاء الدعالسة هداف خدمات البريج وأحد هدافي دوري الدرجة الأولي لمؤازرة ابنها الذي وفقه الله لإحراز هدف في مرمى منافسه الجلاء وانطلق هذا اللاعب لتقبيل يد ورأس أمه في لحظة بر وعرفان بالجميل نفتقدها في العديد من المواقف ثم يقوم الحكم محمد أبو شهلا بإشهار البطاقة الصفراء في وجهه بحجة أنه خرق قانون كرة القدم بخروجه من أرضية الملعب فأي قانون هذا الذي درسه هذا الحكم وطبقه فقوانين كرة القدم ليست أهم من القوانين الشرعية والإنسانية ويجب ألا تكون سيفا مسلطا على اللفتات الإنسانية وبر الوالدين والسلوكيات الحميدة الذي نربي أبناءنا عليها ولتتحطم هذه القوانين على صخرة المبادئ والأخلاق الحميدة وربما يقول البعض أن الخروج من الملعب بدون إذن الحكم يعتبر مخالفة قانونية يعاقب عليها اللاعب بالبطاقة الصفراء والجواب بسيط جدا أنه في حالة الاحتفال بإحراز هدف فإنه يسمح بالاحتفال دون مبالغة ومن صور الاحتفال إهداء الهدف لأحد المقربين أو أحد الزملاء أو الاحتفال مع الجماهير أو تقبيل رأس شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة وكل ذلك يتطلب الخروج من الملعب ونشاهده كثيرا في ملاعبنا ( محمد بركات خرج قبل ذلك وقبل يد والده ومحمود فحجان وخالد أبو مغصيب .. ) والأمثلة كثيرة على شاشات التلفاز ولم يشهر حكم أي بطاقة في وجه اللاعب المحتفل فما بالك عندما يهدي اللاعب هدفه لأغلي مخلوق عنده وهي أمه ويذهب لتقبيل يدها أو رأسها فحينها بئس كل قوانين الدنيا في سبيل تلك اللحظة والسؤال ماذا كان رد الحكم أبو شهلا لو توجه اللاعب واستأذنه للقيام بهذا الفعل وما قرارك أنت عزيزي القارئ لوكنت أنت الحكم ؟ ومن هنا يتضح أن المشكلة تتعلق بالاستئذان وليس بالخروج من أرضية الملعب لأن اللاعب قد يضطر للخروج في أية لحظة بسبب أي حدث طارئ والقانون والمشرع راعي حالة النشوة والفرحة التي يكون عليها محرز الهدف وسمح ببعض التجاوزات غير المخلة بالقوانين وعليه أتوجه للجنة الحكام بإلغاء هذه البطاقة كي لا يكون هذا الموقف محبطا للعائلات التي ترغب في حضور المباريات ودعم أبنائها .

خامسا : الراحة الشتوية عطلة بفتح العين وليس عطلة بضمها

انتهت مباريات الدور الأول بحلوها ومرها وانتظرت بعض الأندية العطلة ما بين الدورين بفارغ الصبر حتى تعيد حسابتها خاصة تلك الأندية التي كانت حصيلتها سلبية ولم تلب نتائجها أهداف وطموحات الجماهير لكي ترمم هذه الأندية من تحطم من كبريائها ومجدها عن طريق استقطاب بعض اللاعبين لملئ الشواغر أو التخلص من بعض اللاعبين المهملين أو استعادة بعض اللاعبين المصابين أو المعارينأو تغيير الجهاز الفني أو القيام بفترة إعداد جديدة تؤهل الفريق نفسيا وبدنيا وذهنيا لما هو أصعب في مرحلة الإياب الصعبة ولكن كيف يتأتي لجهاز فني أن يقوم بفترة إعداد جديدة ولم تستغرق مدة مشاركته في الدور الأول سوى شهرين وأسبوع تقريبا وهذا يعني أن اللاعبين ربما لم يصلوا بعد إلي قمة مستواهم نتيجة قصر الأسابيع  (11)  ثم يفاجأ الجميع بهذه العطلة الشتوية القسرية التي تقترب من الشهر ونصف الشهر على الرغم من أن بعض الفرق بدأت تتنفس الصعداء في الأسابيع الأخيرة على غرار شباب جباليا والهلال والشجاعية وكانت ترغب في المواصلة لأنها بلغت حدا من اللياقة الفنية والذهنية ما يؤهلها لتحقيق نتائج إيجابية بعد انطلاقتها السيئة  وهذا يعني أن اللاعب وهو في قمة انطلاقته تفاجأه بوقفة تعيده إلي الوراء مسافات كبيرة خاصة أن هذه الوقفة تكون فيها راحة سلبية وإن طالت سيكون لها مردود سيء على مستوى الفريق ويصعب على الجهاز الفني معالجتها ونجد كثيرا من الأندية تلجأ إليها نظرا للصعوبات المادية التي تعاني منها وتريد التوفير ولكن على حساب المستوى الفني ، وإن استمرت بعض الأندية في التمارين فلن تجد أندية أخرى تباريها لأن لياقة المباريات الرسمية تختلف عن لياقة المباريات الودية فهي غالبا ما تكون عطلة بفتح العين والطاء وليس عطلة بضم العين وسكون الطاء لأنه لا يوجد نسبة وتناسب بين المدة التي تستغرقها المباريات وبين فترة الراحة .