لا تتوفر نتائج هذه اللحظة

إصرار عنوانه التحدي للحرب والحصار

البطل حرارة يضع الملاكمة الفلسطينية على مدارج التاريخ

الرياضية أون لاين : كتب / أسامة فلفل  

  

 البطل المعجزة أحمد حرارة ابن حي المقاومة (الشجاعية) رمز الشموخ وعرين الأسود وعبق النضال والتاريخ، بطل فلسطيني التقطته بطولة الجمعية المصرية لملاكمة المحترفين والكيك بوكس وهو عند نقطة الصفر، فتحول إلى فدائي مضى بعزم جسور نحو كسر كل القواعد الثابتة والمعتادة وغير المعتادة، رفض مع أبطال فلسطين والرياضة الفلسطينية أن يحنوا هاماتهم السمراء وأصروا على البقاء، كانوا يدركون أن الطريق طويل وشاق، لكن استعلاء التوكل وكبرياء الانتماء كان فوق مستوى كل التحديات  

 فرغم شظف العيش وحجم وطبيعة الاستهداف الصهيوني، والنكبات والحروب الطاحنة، كان من الطبيعي أن يحترقوا شوقا لاقتحام الساحات الرياضية للمشاركة وتأكيد الحضور الفلسطيني وتحقيق الإنجازات التاريخية.  

 البطل قصة مكتملة الأركان  

البطل  المحترف أحمد حرارة قصة مكتملة الأركان لا يوجد للخيال فيها دور، فبطلها فدائي وثائر تمرد على الواقع المؤلم والحصار الجائر، فالاستسلام واليأس عنده حالة مرفوضة ومنبوذة ولا توجد لها مكانة في أجندته الوطنية، عندما شارك في بطولة الجمعية المصرية للملاكمين المحترفين بجمهورية مصر العربية علا منصات التتويج بشموخ وكبرياء الثائر الفلسطيني المنبعث من الرماد كطائر العنقاء، هذه البطولة صدرته لأن يظل يسير في نفس المسار على أثر ودرب الذين أحبهم وتعاهد على أن يحفظ وصيتهم في الذاكرة والوجدان  مشاعل ورموز الرياضة الفلسطينية ولعبة الملاكمة ،وأن يستمر على طريق ذات الشوكة.  

الإصرار هو المحفز الوجداني  

 مضى البطل المقاتل، والإصرار هو المحفز الوجداني، ليشق في الأفق نافذة وطريقا جديدا في رياضة الملاكمة ويمثل فلسطين في العديد من البطولات على مستوى العالم ، وتفتح الأبواب المغلقة ولكن هذه المرة بمفتاح شهداء مجزرة الشجاعية  الذين ارتقوا دفاعا عن حماية حياض الوطن السليب ، ويدخل مرة أخرى في سجال مفتوح لبطولات عالمية وإقليمية ، تغرد له  بلابل الوطن  وتشدوا بأجمل الألحان وتناجي البطل من على أغصان شجرة الزيتون التي زرعها هناك أجداده السالفين في ربوع الوطن المسلوب ، هذه التغريدات أطربت البطل بأنغامها الساحرة ، فزادته عشقا لحصد مزيد من البطولات و يسجل الإنجازات بضرباته القاضية التي لفتت وأبهرت أمم وشعوب  الأرض.  

الملاكمة الفلسطينية على مدارج التاريخ  

اليوم وأمام المتغيرات الكبيرة التي يعيشها العالم عادت الملاكمة الفلسطينية إلى مدارج التاريخ ، حيث أصبح البطل الفلسطيني أحمد حرارة الذي لا يشق له غبار أول ملاكم محترف في فلسطين بعد أن فاز بست مبارياتٍ متتالية في العاصمة المصرية القاهرة، ضمن مباريات الجمعية المصرية لملاكمة المحترفين والكيك بوكس، منها ثلاث مباريات بالضربة القاضية، لفت من خلالها البطل حرارة الأنظار بشكل كبير، وكسر كل القواعد وحطم كل المعادلات والنظريات، ليثبت للعالم على قوة وصلابة الإرادة الفلسطينية والروح القتالية العالية، وأصالة الجذور الضاربة في عمق التاريخ الرياضي ، هذه الإنجازات المبهرة، والبروز بهذه القوة الضاربة والثقة كانت نقطة تحول جعلته يتجه إلى طريق الاحتراف.  

حفظ في الذاكرة وصية الأبطال  

 عشق الشاب الفلسطيني ابن حي المقاومة (حي الشجاعية) الملاكمة منذ طفولته المبكرة حيث كان ينصت لكبار الملاكمين وهم يتحدثون عن أساطير الملاكمة الفلسطينية الذين غيروا مجري التاريخ الرياضي بإنجازاتهم التاريخية التي تطوق عنق الوطن وخارطة الرياضة الفلسطينية، أبطال التاريخ الرياضي الفلسطيني ( البطل محمد اديب الدسوقي بطل الشرق الأوسط الذي فاز على البطل المصري في سنما الحمراء  بمدينة يافا عروس البحر الأبيض المتوسط عام 1938، بطل الألوية الفلسطينية البطل محمد الريس ، البطل عصمت الحلبي صاحب الضربات القاضية في كل مشاركاته ورئيس الاتحاد الفلسطيني للملاكمة في الشتات، البطل المرحوم عمر حمو صاحب أول ميدالية ذهبية بالدورة العربية الأولى بالإسكندرية عام 1953، البطل المرحوم أكرم عرفات صاحب الميدالية البرونزية بالدورة العربية الأولى بالإسكندرية عام 1953، البطل المرحوم إبراهيم كحيل صاحب ثاني ميدالية ذهبية بالدورة العربية الثالثة بالدار البيضاء بالمغرب عام 1961، و البطل المرحوم محمد مدها ، والمرحوم فاروق شلبية، محمود شلبية ، خليل مناع ، يعقوب سمارة ، فايز أبو دية ،  البطل منير ابوكشك ، وأبطال آخرين غطوا شعاع الشمس بالإنجازات العظيمة ، ) ،  

كان البطل حرارة من محبي وعشاق أسطورة الملاكمة الأمريكي الراحل محمد علي كلاي وبطولاته أمام جو فريزر.  

من مواليد حي المقاومة والبطولة الشجاعية  

وُلد البطل أحمد حرارة المولع بالوطنية في حي الشجاعية، وترعرع في منطقة تل المنطار القلعة الحصينة التي صدت العدوان والاجتياحات الإسرائيلية عبر كل محطات النضال حيث اعتاد سكانها التعايش مع القصف الصهيوني أكثر من غيرهم لم يكن البطل رياضياً عادياً، كان ما يمزه الثبات والعقيدة الراسخة، والايمان القوي بحتمية الوصول للطموح مهما طال الزمن، لم يُبال أمام القصف بالخروج لأجل التدرّب ومواصلة مسيرته التي خططها لنفسه منذ نعومة أظافره.  

 من أسرة رياضية مولعة بالوطنية  

عاش البطل أحمد حرارة في منزل عائلة متوسطة الحال التي عشقت وأحبت الرياضة، فوالده مطر حرارة كان يلعب في نادي اتحاد الشجاعية لكرة القدم مع نجوم الزمن الجميل، وشقيقه الأكبر زاهر (33 عاماً) كان يلعب الكونغ فو قبل أن يُصاب عام 2012 بشظايا في صدره ورأسه أوقفته عن ممارسة الرياضة.  

من أبطال رياضة الكونغ فو والننشاكو  

لعب حرارة رياضة الكونغ فو والننشاكو، والتحق بفريق منتخب فلسطين للننشاكو عام 2009، لكن الحرب الإسرائيلية الأولى دمرت طموحاته بالمشاركة في بطولة العالم للننشاكو في الولايات المتحدة الأمريكية مع أقرانه من أبطال اللعبة لاسيما البطل إياد عرفات ومحمد أبو صقر الذين وضعوا فلسطين على عرش العالم وتفوقوا على أبطال العالم في هذه الرياضة.  

بطل المراكز الأولى    

انضم لـنادي غزة الرياضي" عام 2010 الذي كان يعتبر الرافد الرئيس لهذه اللعبة والأبطال عبر مراحل التاريخ والمشاركات الإقليمية والدولية، شارك في بطولة قطاع غزة للملاكمة لوزن 69 كيلو، وكانت المفاجأة أنه حصل على المركز الأول.  

في عام 2011، ترشح حرارة للعب في بطولة قارة آسيا للملاكمة في كوريا الجنوبية، لكنه لم يسافر نظراً لعدم وجود ميزانية كافية، وكانت هذه أولى الصدمات التي تبعتها مواقف كثيرة محبطة ومحاولات عدة لإقناعه بترك هذه اللعبة.   

رُشّح للمشاركة في الدورة العربية للألعاب الرياضية في قطر  

جاءت الصدمة الثانية عام 2012، عندما رُشّح للمشاركة في الدورة العربية للألعاب الرياضية في قطر، لكن الظروف وقفت حائلا من المشاركة، في عام 2013، رشح للمشاركة في بطولة قارة آسيا للملاكمة في العاصمة الأردنية عمان، لكنه تعرض للإصابة وحرمه من المشاركة رغم الظرف الاستثنائية التي واكبت مسيرة البطل والضغط والإحباط لم يبالي وواصل تدريباته الشاقة، وكله ثقة في تجاوز هذه المحطات المؤلمة، عاد وانضم في نفس العام لبطولة قطاع غزة للملاكمة وحصل على المركز الأول.  

 رشح للمشاركة في بطولة دورة الألعاب الأولمبية الآسيوية في كوريا الجنوبية  

عام 2014 كان عام مثخن بالإلام والجروح المؤلمة حيث الحرب الإسرائيلية المدمرة تصدرت المشهد في القطاع، ورغم الظروف الاستثنائية التي كان يعيش القطاع المثابر والصامد والرياضيون كان الملاكم الفلسطيني البطل أحمد حرارة قد رشح ضمن البعثة الفلسطينية للملاكمة والتي كان من المقرر أن تشارك في بطولة دورة الألعاب الأولمبية الآسيوية في كوريا الجنوبية، لكن الحرب أتت لتهدد هذه المشاركة.  

 ورغم الأوجاع وما خلفته هذه الحرب المجنونة أصر البطل على التدرب وسط الأحداث الساخنة، وخصوصا انه يقطن على خط التماس المباشر للحدود، خط المواجهة الأول للمقاومة مع الاحتلال، كان يخرج للجري بجانب البيوت المدمرة، وبينما تدوي أصوات القصف وأزيز الرصاص ودوي الطائرات، اتجه للتدريب في نادي النصر العربي، وتعرض البطل لضغوط من الأهل بعدم الخروج خلال أيام الحرب، ومع اشتداد ذروة القصف تم قُصف الطابق الثالث من منزل البطل حرارة وكانت أسرته آخر عائلة تنزح من حي الشجاعية خلال المجزرة، والأمر الملفت للنظر عند الخروج والاخلاء للمنزل كان همه الأول والأخير الزي الرياضي و دوات الملاكمة.  

حصل البطل على الفيزا، فزاد حماسه، لكن بعد انتهاء الحرب وحلول يوم البطولة لم يتمكن من دخول معبر رفح، رغم أنه أجرى اتصالات مع عدد من المسؤولين.  

أُحبط حرارة كثيراً لكنه عاد في نفس اليوم للتدرب، بينما كان بصيص أمل المشاركة في بطولة محمد السادس الدولية للملاكمة حاضراً بالنسبة له.  

أول ميدالية دولية لفلسطين، وحصل على ميدالية برونزية  

راسل حرارة أحد أعضاء الاتحاد المغربي للملاكمة للمشاركة في البطولة عام 2014، وتم منحه خمس تذاكر سفر والإقامة في المغرب على حساب الاتحاد، كونه يمثل حالة خاصة لرياضي نجا من حرب ومجزرة إسرائيلية، وانضم للمشاركة مع أقوى ملاكمين في العالم، لكن رحلة السفر كانت صعبة، حيث انتظر ثلاثة أيام في مطار القاهرة، كان يتدرب فيها رغم اعتراض الأمن في بعض الأوقات.  

المشاركة في البطولة كانت مفاجأة، فقد حصل حرارة على أول ميدالية دولية لفلسطين، وحصل على ميدالية برونزية في البطولة، وعاد لغزة حاملاً الميدالية، لكنه كان ينظر للمعبر وإغلاقه كعائق أمام حلمه.  

قرر حينها السفر خارج قطاع غزة لمتابعة مشواره في الملاكمة، وكذلك الالتحاق بالدراسات العليا في الجامعات المصرية.  

 

 

المشاركة مع ألعاب التضامن الإسلامي في أذربيجان عام 2017  

سافر حرارة عام 2015 إلى القاهرة، وقرّر دراسة الماجستير حتى يحصل على الإقامة ويتنقل قانونياً، ولم ينقطع البطل أحمد حرارة من التواصل مع الاتحاد الفلسطيني للملاكمة، فشارك مع ألعاب التضامن الإسلامي في أذربيجان عام 2017، لكنه أصيب بخلع في كتفه الأيمن أثناء التمرين، فنصحه الطبيب بعدم المشاركة لأن الإصابة صعبة، لكنه أصر على مواجهة بطل عالمي أوزبكي أوقعته القرعة معه، ورغم الخسارة إلا أنه تلقى إشادة في أدائه.  

شارك بمعسكر تدريبي في تايلاند للتحضير لبطولة العالم للملاكمة في روسيا  

في تموز/ يوليو عام 2019، شارك حرارة في معسكر تدريبي في تايلاند للتحضير لبطولة العالم للملاكمة في روسيا، لكن مشاركته في البطولة لم تكن مؤكدة لعدم وجود ميزانية داخل الاتحاد الفلسطيني للملاكمة، بينما أُبلغ بقرار المشاركة قبل 10 أيام فقط من بدء البطولة، وكان يتحتم عليه الوصول لوزن 63 كيلوغراماً فيما كان وزنه 69 كيلوغراماً، ولعب مع بطل الصين، لكن عامل الوزن كان عائقاً أمامه.  

الانطلاقة للاحتراف  

 

حصل البطل الفلسطيني أحمد حرارة على حزام العرب لمحترفي الملاكمة بوزن ٦٧ كجم، بعد فوزه في منازلته ضد منافسه المصري أحمد الهندي في البطولة التي أقيمت بجمهورية مصر العربية. 

 الفوز بست مبارياتٍ متتالية في العاصمة المصرية القاهرة، ضمن مباريات الجمعية المصرية لملاكمة المحترفين والكيك بوكس، منها ثلاث مباريات بالضربة القاضية 

 

 

ستة انتصارات متتالية عام 2020م  

يقول حرارة إن خسارته في بطولة العالم، جعلته يقرر الدخول في عالم الاحتراف أواخر عام 2019، مع الجمعية المصرية لملاكمة المحترفين والكيك بوكس. ومنذ ذلك الحين، خاض العديد من المباريات والتدريبات القاسية، وواجه أبطالاً مصريين يحصلون على برنامج رياضي مكثف على عكس ما يحصل عليه، فأنهى عام 2020 بستة انتصارات متتالية، فاز في ثلاثة منها بالضربة القاضية، ضد ملاكمين مصريين محترفين، وأصبح أول فلسطيني محترف في رياضة الملاكمة في الاتحاد الدولي للملاكمين المحترفين.  

يسعى للحصول على ميدالية عالمية ورفع العلم الفلسطيني.  

تصنيف حرارة اليوم هو 796 على 2417 ملاكم محترف في العالم، لكنه حصل على أفضل ملاكم في الجمعية في مصر، وكان عُرضة للاعتزال كما ينوه عام 2015 و2017، إلى جانب أن الكثيرين حاولوا إحباطه لاعتبار الملاكمة رياضة لا تُدِر دخلاً عليه، ومع ذلك يصر على أنه يسعى للحصول على ميدالية عالمية ورفع العلم الفلسطيني.  

الظروف الاستثنائية في فلسطين كانت سبباً في انطلاقه للاحتراف، فأن تكون ملاكماً فلسطينياً محترفاً ليس بالأمر السهل، حيث لازال البطل صاحب الإنجازات وعلى مدار خمسة أشهر يبحث عن ممول لكي يلعب مباريات دولية على حلبات عالمية.  

  

 ختاما ...  

تركيزه أن يلعب على حلبات عالمية وممول  

البطل أحمد حرارة عنده هدف طويل الأمد، و إصرار قوي وعزيمة فولاذية لا يمكن أن تقهر ، لعل الإنجازات و النتائج المبهرة للبطل تتحدث عن نفسها عبر مشواره الطويل في الملاكمة ، لكنه يحب أن  يأخذ كل شيء خطوة خطوة،  اليوم تركيزه كله البحث عن ممول حتى يلعب مباريات دولية على حلبات عالمية ، حيث كل الملاكمين البارزين في العالم لديهم داعم مالي من رجال أعمال وشركات دعايات،  رغم كل الظروف المحيطة والتحديات لن تحبط البطل  ، العام 2021 يسعى جاهدا  للمنافسة على حزام عالمي ، ويؤكد ثقته كبيرة في تحول التحدي إلى انجاز والمحنة إلى منحة لرفع راية الوطن والرياضة الفلسطينية ، وإعادة الملاكمة الفلسطينية لمدارج التاريخ ومكانتها المرموقة التي تستحقها ويهدي هذه الإنجازات للقيادة الرياضية ممثلة برئيس اللجنة الأولمبية الفلسطينية و لناديه الأم نادي اتحاد الشجاعية وكل الأسرة الرياضية الفلسطينية وأبطال الملاكمة.