لا تتوفر نتائج هذه اللحظة

دموع بارزالي وبوفون ،، أغلى من مونديال الثلج الملعون ؟!!

الرياضية اون لاين / كتب-سمير كنعان

لم يتمالك نفسه قائد المنتخب الإيطالي "جان لويجي بوفون" صاحب أعلى رصيد بالمباريات الدولية في بلاده حين انفجر باكياً بعد خروجه ومنتخبه من تصفيات الملحق الأوروبي المؤهلة لمونديال روسيا 2018م إثر التعادل السلبي أمام السويد في ملعب سان سيرو قبلها خسارة بهدفٍ نظيف في ستوكهولم من كرة غيّرت اتجاهها واتجاه بطاقة التأهل، وليس وحده من ذرف الدمع فقد انهمرت عيون كل الشعب الإيطالي والعديد من اللاعبين والإداريين والعشاق حزناً على غياب إيطاليا لأول مرة منذ 60عاماً عن العرس العالمي.

وبصراحة لستُ أجد أبجديةً تعينني على وصف الكارثة بالألفاظ ولا العبارات، فهي نكسة تاريخية لبلد بأكمله لا يُضاهيها ربما في كل الخيبات الكروية سوى كارثة الماراكانا حين خسر البرازيليون لقب العالم في أرضهم وسط 100000 متفرج، وبات ذلك اليوم أسوداً تنكّس فيه الأعلام البرازيلية للأبد!

ويبدو أنّ إيطاليا ستكون النكسة رقم2 على مستوى العالم بعدها، فحتى الآن وربما حتى انطلاق المونديال بل ومع صافرة نهايته لن يُصدّق أحدٌ أنّ الآزوري لن يلعب بطولة كأس العالم، ونشيد إيطاليا لنْ يُعزفَ في روسيا، وصرخات اللاعبين وقتاليتهم المعهودة وهتاف الجمهور، وكل ذلك بسبب رجلٍ لا يحيط من كرة القدم شيئاً!

جيامبيرو فينتورا مدرب المنتخب الإيطالي وأسوأ مدرب في تاريخ إيطاليا على الإطلاق، كان حجر الأساس في نعش دولةٍ تتنفس كرة القدم، بل هي جنة كرة القدم!

وحمّله الجميع مسئولية الكارثة جملةً وتفصيلاً، فكان سيئاً في اختياراته للتشكيلة وسيئاً في التكتيك الخططي بالملعب وأسوأ في تبديلاته، وغبياً في تصريحه الذي قال فيه يوم أوقعت القرعة إيطاليا مع السويد: "أفكر في مجموعتنا بالمونديال، وليس بالملحق المؤهل"، ولمْ تكن ثقةً بقدر ما هي غباء لم يشهده أحدٌ من قبل على مدربي إيطاليا الذين طالما تميزوا بالواقعية والتكتيك والتحضير البدني والنفسي للاعبيهم أمام أعتى الخصوم حتى لو كانوا يفوقونهم قوة أو العكس!
بل حتى أن الكاميرات التقطت مشهداً سيبقى عالقاً في الأذهان طويلاً حين طلب المدرب من دي روسي الإحماء الأخير تمهيداً لإشراكه، ثار اللاعب في وجه المدرب قائلاً أن علينا الفوز وليس التعادل، ويجب إشراك إنسيني!! بما يدلل على تخبط قرارات المدرب أو أنّ سراً بينه وبين إنسيني نجم نابولي تحديداً والمتميز جداً هذا الموسم بعطائه محلياً وأوروبياً، لكنّه لم يشارك في مباراة الحسم برؤية فينتورا، الذي كان أسوأ خيارات الاتحاد الإيطالي، فرجلٌ لم يدرب سوى نادي باري لأشهرٍ قليلة ثم تورينو لأربعة مواسم لا يمكن له تولّي قيادة منتخب النجوم المونديالية الأربعة في ظرف صعبٍ كهذا، خاصة وأن الطليان اشتُهروا بالتكتيك والتدريب والحراس الأكفاء والمدافعين الأشداء عبر التاريخ!!

صحيح أنّ الهزيمة يتيمة والفوز له مائة أب، ولو أنّ فرصة كاندريفا أو إيموبيلي أو عارضة دارميان أو تسديدة فلورنزي أو الشعراوي وجدت سبيلها على الشباك لكان الوضع معكوساً بالفرح بدل الأحزان، إلا أنّه لن يسلمَ من الانتقادات التي ستطوله بما اقترفت يداه في الميدان!

وصحيح أنّ الآزوري لم يعدْ يمتلك المواهب التي نافس بها أساطير العالم عبر تاريخه، ولكنّ إيطاليا ولادة دوماً وإيطاليا بمنْ حضر، وبها من الأسماء ما يتيح لها التأهل بسهولة، ولا ننسى أنها نفس الوجوه التي كانت مع كونتي في اليورو2016 قبل عام وزلزل بهم أوروبا كلها آنذاك، بيْد أنّ كونتي كان يُحارب بهم كمقاتلين في معركة وليس كلاعبين على الميدان!

وعلى الهواء مباشرةً أعلن بوفون اعتزاله الدولي وتأسفه لكل شعب إيطاليا بعد النكسة، وحذا حذوه بارزالي ودي روسي الذي قال: لستُ أصدق أنها آخر مرة أخلع فيها القميص الذي دافعت عنه أكثر من عقدٍ من الزمان!

وأجمع العالم أنه حان وقت التغيير داخل إيطاليا على مستوى المنتخب والاتحاد نفسه والإدارة، مع مواساة هذه الأساطير بجملة: دموعكم أغلى من المونديال!

ذلك المونديال الثلجي في روسيا الذي أراه ملعوناً بمعنى الكلمة على منتخبات كبرى في قارّاتها، فغياب هولندا وإيطاليا عن أوروبا، تشيلي وباراغواي من أمريكا الجنوبية، ومن أفريقيا الكاميرون وغانا وساحل العاج يُعطي انطباعاً كيف كانت تصفيات المونديال ملحميةً بمعنى الكلمة، وتعذّبت أغلب المنتخبات لتنعمَ بلذة الوصول وتمثيل دولها في المحفل العالمي، ولا يمنع أنّ الحظ والقرعة خدمت البعض الآخر.

وسيُخلَّد هذا المونديال تاريخياً ليس فقط لأنه يشهد غياب إيطاليا وبعض الكبار، بل لأنه يسجل حضوراً عربياً قوياً لأول مرة برباعي قوي جداً انتزع بطاقات التأهل بجدارة، فكانت السعودية الفائزة على أرض اليابان بهدف وحيد لكنه بقيمة الذهب، أول فرحة عربية والوحيدة من آسيا، تلتْها 3 أفراح لعرب أفريقيا أولها الانتفاضة الجماهيرية لــ100مليون مصري مع منتخب الفراعنة بعد فوزهم على الكونغو، ثم الضربة القاضية للأفيال العاجية من أسود أطلس المغاربة بفوزٍ عربي للتاريخ بثنائية نظيفة، ثم نسور قرطاج التي حلقت بعلم تونس إلى روسيا، وكاد المونديال ليصبح بخمس نجوم عربية لولا خيبة أمل المنتخب السوري الذي أُقصي بالملحق من أستراليا بظلم كرة القدم التي أدارت ظهرها للأجدر!