المنتخب والتحدي القادم

عدي جعار

(صحفي رياضي)

  • 1 مقال

 

منذ قراءتي نبأ استقالة المدير الفني للمنتخب الوطني جمال محمود من تدريب المنتخب الفلسطيني ، وأنا أتيه في نفسي وعليها، لم أتخذ موقفاً حتى الآن، هل أكون في صف المؤيدين ؟  أم في صف المعارضين لذلك ؟  أم أتخذ لي مقعداً بالخلف وأجلس متفرجاً حتى تصل بنا الأمواج المتلاطمة إلى المستقر الذي تريد؟  وهل فعلاً منتخبنا الآن بحاجة لمدرب خبير بآسيا من غير مجاملة ؟  أم كان من الأفضل تكريم الفني الأردني على إنجازاته الكبيرة ؟ 
كثيرة هي الأسئلة التي تبادرت فوراً إلى ذهني فور سماعي ذلك الخبر، ومنذ ذلك الوقت إلى الآن وأنا أحاول تقليب أوراقي, ولكنني كلما كتبت سطر توقفت عنده، لعلّي أستطيع أن أكمل، ولكن الأمر يزداد سوءاً عندما أقرر حذفه لتعود الصفحة بيضاء كما كانت لأعود من جديد، كما تركنا صاحب أكبر إنجاز في تاريخ الكرة الفلسطينية، وعاد من حيث أتى مخلفاً وراءه أوراق مختلطة كثيرة تحتاج للتنقيب من جديد لعلنا نجد السبيل وننطلق من جديد.


بالتأكيد اننا الآن لسنا بصدد التحدث عن مناقب مدربنا السابق، والأهم من ذلك هو أننا لن نضع أنفسنا مكان صانعي القرار، ولن نقل لو كنا مكانهم لفعلنا كذا وكذا، لأننا سنغرق في بحر لجي متلاطم الأمواج، بل قد نزيد الخرق على الراقع أيضاً " هذا إن وجد راقع أصلاً "، وسنأتيه في دوامة تدوي في رؤوسنا بكلمات مفادها " من سننتقد في ذلك  ؟ ألم يكن هذا قراره الشخصي وعلينا احترامه؟! ولكن رغم ذلك علينا الآن أن نعي شيئاً واحداً فقط وهو أن جمال محمود أصبح شيئاً من الماضي، ونحن الآن على أبواب أكبر مشاركة تاريخية للمنتخب الوطني، علينا أن نقرر وبجرأة كبيرة، إما أن نستمر بالبكاء على الماضي الجميل ونذهب إلى أستراليا فقط بهدف السياحة على جزرها وبحارها ومناظرها الخلابة، وإما أن نقف وقفةً جدية نضمد بها الجراح الغائرة ونجري تقييماً شاملاً لما جرى في الفترة السابقة، بعد أن تحول الفدائي من فريق يلعب من أجل تجنب أكبر عدد من الأهداف في مرماه إلى منتخب منظم رأى العالم أجمع ما فعل في جزر المالديف .

عملية التحول التي جرت على أداء المنتخب وقفت خلفه العديد من العوامل التي ساهمت في هذا الإنجاز الكبير، بالتأكيد هي بدأت بالفني الأردني ولكن من المجحف القول أن محمود كان يعمل وحده، نعم هو العامل الأكبر والرقم الصعب، ولكن من أتى به قادر على أن يأتي بغيره ولِمَ لا أن يكون أفضل منه، هذا العامل  بالإضافة لتشكيلة من اللاعبين قد تعد من أفضل التشكيلات في تاريخ المنتخب، والتي تمتلك ولأول مرة حارس كرمزي صالح وفنان مثل أشرف نعمان, مثلثنا لم يفقد سوى ضلع واحد وما زالت باقي الأضلاع على حالها لم يمسسها سوء بل هي في تطور مستمر ومتصاعد.


بالختام، جمال محمود ترك خلفه بناء قائم، لم ولن يهدم بعده، ومن سيأتي خلفه سيعي تماماً أن عليه إكمال أضلع هذا المثلث بأن يبني عليه، فإن كان لا بد من أن يفرض أسلوبه الخاص، ولكن بحكمة متناهية لأن الأيام تحث خطاها نحو مواجهات مصيرية أبرزها أمام الكمبيوتر الياباني.

 ولا تخرج الجماهير من هذه المعادلة، فهي أيضاً يقع على عاتقها واجب عليها أن تؤديه بأن تتعامل بذكاء أكبر من اللازم، يحق لهم النقد ولكن عليهم اختيار الوقت المناسب لذلك، وأي ضغط الآن قد يولد الانفجار بل والانهيار.
 كونوا خلف منتخبكم، لا ترموا له الجزرة وتُتْبعوها بالعصا وإلا سنبقى ندور في حلقةٍ مفرغة يزداد اتساعها مع مرور الزمن ستعيد منتخبنا إلى المربع الأول، بانتظار سنوات أخرى حتى نعيد ترديد ما قلناه بعد التحدي حينما هتفنا سوياً " الحمد لله، صار عنا منتخب ".