لا تتوفر نتائج هذه اللحظة

"كبت" غزة يخرج في الملاعب..!!

عاهد فروانة

(مدير تحرير صحيفة الرياضية - فلسطين)

  • 1 مقال

كاتب فلسطيني

كتب/ عاهد عوني فروانة

لم تعد تخلو أي مباراة في ملاعب كرة القدم في قطاع غزة من السباب والشتائم والتي وصلت إلى درجة مقززة جدا طالت الوطنية والأعراض، جعلت كافة من يتواجد على المستطيل الأخضر في دائرة الاستهداف سواء لاعب أو حكم أو مدرب أو إداري، وتصاعدت إلى المدرجات التي لم تقف عند تبادل الشتائم بل انتقلت بسهولة غريبة إلى التراشق بالأحجار وكل ما تصل إليه الأيدي، وامتدت في الكثير من الأحيان إلى الشوارع المحيطة بالملاعب، ما جعل الكثير يطلق عليها "حرب شوارع".

الملاحظ هذا الموسم أن كافة هذه المظاهر السلبية بدأت مبكرا مع انطلاق الموسم ومنذ المباراة الأولى، وشهدنا تكاثرا رهيبا لكافة هذه الاحداث وبنسبة قياسية عن المواسم الماضية التي شهدت العديد من الأزمات ولكنها لم تصل إلى ما نحن فيه الآن.

وأسوأ ما رأيته في إحدى المباريات المهمة بين فريقين كبيرين هو قيام بعض الفتية الذي كانوا قبلها بساعات قليلة يرشقون قوات الاحتلال على الحدود الشرقية، يلاحقون جماهير الفريق المنافس ويرشقونهم بكل ما وصلت إليه أيديهم وكأنهم يواصلون رجم "عدوهم" في اختلاط كبير وانقلاب تام للصورة.

هناك العديد من الأسباب التي قد تبدو منطقية لتحليل هذا الانفلات الرهيب في ملاعبنا الغزية أهمها أن هذا أبناء شعبنا في قطاع غزة واجهوا وما زالوا يواجهون ما يفوق احتمال البشر من ثلاثة حروب خاضوها خلال أقل من 6 سنوات، تخللها استشهاد وإصابة الآلاف وتدمير البيوت والمدارس والمساجد والبنية التحتية، إلى جانب تهجير مناطق وأحياء بكاملها، وغياب الأفق مع الحصار الخانق وإغلاق المعابر وتعثر المصالحة وتدهور الأوضاع الاقتصادية والبطالة الخانقة، وعدم توفر المستلزمات المعيشية من الكهرباء والمياه الصالحة للشرب والأغذية الآمنة وغيرها من المتطلبات الأساسية.

كافة هذه الأمور أنتجت تدهورا كبيرا في المنظومة الأخلاقية نتيجة العيش في ظل ضغوط رهيبة لا يقبل بها أي انسان، مع غياب قنوات التنفيس والتي أولها استبعاد الشعب من ممارسة حقه الأساسي في أن يكون له رأي في حاضره ومستقبله.

ومع عدم قدرة الشعب على الخروج من شرنقة أزماته المتواصلة أو حتى تفريغ الشحن الكبير، وجدت الجماهير الرياضية فرصة لها للتفريغ عن كبتها وإحباطها من خلال الملاعب، فشاهدنا هذا الشغب المتصاعد الذي لن يتوقف طالما لم نستطع حل أو تفكيك الأزمات المتلاحقة.

جمهور الرياضة هو عينة كاشفة لما وصلت إليه الأمور في قطاع غزة، وعلى الجميع أن يقف عند مسؤولياته من خلال حلول قصيرة وطويلة الأجل، علها تنقذنا من الواقع المأزوم الذي يراد لنا أن نتعايش معه.