سيناريو لم يحدث.. غوارديولا يبكي على الأطلال

محمد عدوان

(محرر صحفي)

  • 1 مقال

 

يا إلهي كم كنت أشتاق لسماع هذه الهتافات، يصعد الدرجات المظلمة قبل أن تبدأ أضواء الملعب باجتياح عينيه، يعود اليوم إلى بيته خصما، عدوا، وليس صديقا ومدربا يعانق الأبناء الذين صنع معهم الأمجاد، ولكن غريب أن يكون اليوم بينهم ببدلته الرمادية المعتادة ولكنه لن يلقي عليهم التعليمات لن يعطيهم كلمة أخيرة ودرسا نهائيا قبل الخروج من غرفة الملابس.

الصيحات تتعالى أكثر فأكثر صارت تفقده تركيزه وهي نفسها التي كان يشعر بها بالسابق كأنها سيموفنية لموزارت أو باخ يرقص عليها فرحا وطربا، لم تعد تلك الصيحات المنطلقة من كل مكان من الكامب نو تهتف باسمه بل اسم صديق آخر لعب معه كثيرا شاركه كل شيء جميل كان أو سيء، عليَ الفوز من أجل أن أثبت للجميع أنني الفيلسوف الأفضل حتى أنه أفضل من أرسطو نفسه.

في الناحية المقررة للمدربين يحاكي عقله الباطن، كيف خرج من برشلونة وهو من كان هان بصانع البهجة والأفراح لسنوات طويلة لاعبا ومدربا، يتسأل كيف تركت هذا النادي؟ كيف ذهبت إلى بلد آخر، ومدينة آخرى وفريق لم يفهم أسلوبه يوما ما، ولن يقدروا فكره الجديد عليهم؟ لا يقطع حبل أفكاره وخطابه الداخلي سوى هدف ميسي الأول صعق تماما مع الهدف، كيف جاء، وكيف تحرك، كيف سدد بهذه الطريقة، ما زال يفكر في كل هذه الأشياء حتى سمع الصيحات تعلو من جديد أكثر وأكثر بهدف ميسي الثاني، وسقوط بواتينغ على الأرض مثل الأبله، كيف لهذا الضخم أن يسقط بهذه السهولة؟ يا له من غبي، يحاكي نفسه، ميسي قصم ظهري، وبواتينغ لم يكسر ظهره بل أنا!

كيف لا؟ ما زال يحادث نفسه، يشرب رشفة من زجاجة المياه، وأنا من أعلم ميسي جيدا، أنا من عانقته عندما كان يحرز الأهداف هنا، أنا من علمه ودربه سنوات، ألم أنسى ما فعله في ميلنر قبل فترة قصيرة، وجعل الجميع يضحكون عليه؟

أقتربت صافرة النهاية، بدأ يسلم أن الأمر أنتهى وأن الكورة الغدارة ستبتسم له هناك في أليانز أرينا ليعود بفريقه من جديد ويهزمهم ويثبت أنه الأفضل، وما زال ينتظر الصافرة حتى جاءته القشة التي قصمت ظهره تماما بهدف نيمار الثالث، وبتمريرة ساحرة من المخادع والمشاكس ميسي، يا إلهي، ماذا سأفعل، كيف علي أن أوقف شخصا لا يستطيع إيقافه إلا الإله، لا يوجد لدي سوى مجموعة من اللاعبين الأغبياء، بواتينغ الذي يتزحلق بسهولة أمام شخص لا يصل إلى نصف طوله وحجمه، وبن عطية الزجاجي كثير الإصابات وتشابي وشفانشتايغر كلاهما كبار السن.

يخرج من البوابة حزينا والتي كان معتادا أن يخرج منها مبتسما، مسرورا، وهتافات الجمهور التي كانت تنادي بإسمه بعد الانتصارات التي يحققها، سيعود الآن إلى الأليانز وحيدا دون ميسي وتشافي وإنيستا، سيعود إلى الملعب المظلم الذي لم يشعر يوما أنه ينتمي إليه، ولكن هذا الذي جنيته بيدي، عليَ اللحاق بالطائرة والتفكير في ناد جديد، لربما أستريح عاما، ثم يطلبونني هنا مرة أخرى لأخرج من نفس هذه البوابة مبتسما؟