غزة - أسامة الكحلوت
تقف الطالبة نور أبو ندى على بعد متر واحدة من صديقتها فاتن وسط ملعب كرة القدم على مساحة صغيرة داخل جامعة الأقصى بخانيونس ، منتظرة صفارة الحكم لبدء لعبة كرة القدم مع فريقها المكون من خمس فتيات ، مقابل خمس فتيات أخريات من الفريق الخصم .
أبو ندى التي تدرس في جامعة الأقصى تخصص التربية الرياضية مستوى رابع ، عشقت هذا التخصص بعدما كانت تتابع والدها منذ صغرها الذي كان يلعب الكاراتيه ويدربها ويمارس الرياضة ، ورغبت في مشاركته عدة مرات لتتأسس على عشق الرياضة ، ومتابعة مباريات كرة القدم العالمية عبر التلفاز بصحة والدها .
وبدأ حلم الرياضة يكبر معها تدريجيا ، وقالت " بدأ حلمي يتبلور في شخصيتي لأكون رياضية ، ودخلت تخصص الرياضة في الجامعة لأتعلم أجمل الفنون الرياضية في هذا التخصص ، وتقتصر حريتنا في ممارسة اى رياضة نرغبها من كرة قدم وطائرة وسلة داخل أسوار الجامعة في أوقات وأيام محددة ، نظرا لعدم توفر اى مكان رياضي خاص بالفتيات خارج إطار الجامعة ،وعدم اهتمام النوادي المحلية بتخصيص أوقات للفتيات أو قاعات مغلقة ، وهذا يحصر من إمكانياتنا وتطوير قدراتنا في هذا المجال "
وأضافت " تهتم إدارة الكلية بالجامعة بتدريسنا أساسيات هذا التخصص ، وتعمل على تغذية الروح لدى الطالبات وتشجيع المنافسة والتعاون والمحافظة على القوام السليم ، وتعلمنا كيفية التعامل مع الأشخاص الذين نواجههم من كبار وصغار ، من خلال ممارسة الأنشطة والتمارين الرياضية "
وأشارت في حديثها أن المجتمع الفلسطيني مجتمع ذكوري وسلبي ويؤيد احتكار الشاب لممارسة الرياضة ، ورغم ذلك يؤيد فئة كبيرة من المواطنين الرياضة النسائية سواء بشكل فردى أو جماعي ، وتعمل على تشجيع الرياضة الناشئة خارج إطار الجامعة .
ورغم أن هناك بقعة ضوء في طريق تأسيس قاعدة رياضية نسائية في قطاع غزة ، أكدت أن هناك عوائق كثيرة أمام نجاحهن ، تبدأ من المستوى الرسمي في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين بعدم تعيين مدرسة تربية رياضية للفتيات في المدارس الابتدائية ، وتوزيع حصص الرياضة على مدرسات من تخصصات أخرى لإكمال جدولهن الدراسي بهذه الحصة ، وهذا يحد من الرياضة وانتقاء الموهوبين والمبدعين في التربية الرياضية من الأطفال ، واكتشاف التشوه القوامى لديهم ، ويهدم مقولة " العقل السليم في الجسم السليم "
بالإضافة لعدم وجود نوادي وصالات ومسابح خاصة بالفتيات وتهميش الفتيات الرياضيات داخل المناطق ، واعتبار الرياضة النسائية من الكماليات .
وقد تطورت الرياضة النسائية على مدار الأعوام السابقة نقلة نوعية في قطاع غزة ، من خلال تشكيل منتخبات نسائية في كرة الطائرة والسلة والطاولة ، ومشاركة فتيات فلسطينيات في مسابقات دولية بهذه الألعاب ، إلا أن عادات وتقاليد مجتمعنا الفلسطيني المحافظ تحد من انتشار هذه الرياضة وتحرك الفتيات بحرية داخل أو خارج قطاع غزة .
وعلى مقربة من ملعب كرة القدم داخل الجامعة يقف الدكتور نادر حلاوة وسط مجموعة من الطالبات بزى رياضي يسمح لهن بالتنقل واللعب بسهولة وبعيدا عن أعين الطلاب ، ليقوم بتمرين مع طالباته بالتحكم بالتوازن الرياضي والسير على خط مستقيم مع كرة يحركها بقدمه ويتخطى عدة حواجز بلاستيكية بدون إيقاع أيا منها ، ويسير خلفه عشرات الطالبات مقلدين تحركاته ومطبقين لما تعلموه في المواد النظرية على ارض الملعب .
وتشير الطالبة إيمان المغير بكلية الرياضة ، أنها التحقت بهذا التخصص لتعدد مجالاته ورغبة في تنمية موهبتها ، لكن نظرتها سلبية للرياضة النسائية لعدم توفر ملاعب وتنمية هذه الرياضة خارج ارض الجامعة ، لقلة الإمكانيات والحصار ومحاصرتهم بالعادات والتقاليد .
أما الطالبة فاتن عقل مدربة لياقة بدنية ، تطمح بالعمل في مجال الإعلام الرياضي لقدرتها على ذلك بعد إتمام درجة الماجستير ، وأضافت " اعمل مدربة لياقة في نوادي نسائية وأتخطى جميع المعيقات للوصول للنجاح في مجالي الذي أحبه ، رغم أن مجتمعنا من الصعب أن يتقبل الرياضة النسائية ، وقد يكون في الأيام المقبلة فرق نسائية في نوادي قطاع غزة ، رغم رفض الآباء والأبناء والجيران "
وأقامت الجامعة قبل أيام احتفالا بتسليم 45 طالبة من كلية التربية البدنية شهادات تحكيم كرة طائرة ، وتعتبر هذه الفعالية الأول من نوعها في تخريج فتيات محكمات .
الدكتور سامي محمود مدرب الكاراتيه بالكلية قال " تعتبر رياضة الكاراتيه رياضة عنيفة ونعمل في الجامعة على أن تكون رياضة مستقبلية للفتيات ، وينظر المجتمع لهذه الرياضة على أنها عنيفة وقتالية وتحتاج مهارة ولا تصلح للفتيات ، وبدورنا نعمل على تغيير نظرة المجتمع ونساعد الفتيات على بناء شخصيتهن والدفاع عن النفس سواء في المنزل أو الشارع لإسقاط اكبر خصم "
من جهته أضاف الدكتور احمد حمدان محاضر في كلية التربية الرياضية أن هذا التخصص تأسس عام 1995 بعد قدوم السلطة الفلسطينية مباشرة ، وقام بتخريج 1700 طالب وطالبة اغلبهم من الكوادر الرياضية الحالية ، وتحتوى الكلية على منشات رياضية كبرى ، ومكونة من طاقم اكاديمى مختص يفوق 25 محاضر بوجود العنصر النسائي ، وقد منع الحصار المفروض على غزة تطوير وتوفير ملعب اولمبي وملعب كرة قدم دولي والعاب قوى ومسبح ، وقد انتشرت الرياضة النسائية وسط الفتيات وانطلقوا للعمل في نوادي ومراكز مغلقة .
وناشد إدارة الاونروا والتربية والتعليم بتوظيف خريجات كلية الرياضة للمدارس الابتدائية ، قائلا " وجود مدرسة تربية رياضية هي ضرورة ملحة للمراحل الابتدائية لان الرياضة المدرسة هي أساس الرياضة ، وبذلك يتم تأسيس الطلبة من سن 8 سنوات على رياضة الجمباز وكرة القدم والسلة ، ووجود متخصص رياضة ينتج عنه قاعدة قوية وبنية صحيحة "
وأضاف " أطالب إدارة النوادي الرياضية في كل محافظات قطاع غزة بوضع شرط اساسى بتوفير فريق نسائي مكون من فتيات كل منطقة للنادي ، وتخصيص أوقات وأيام معينة لحضورهن وممارسة الألعاب الرياضية الخاصة بهن داخل النادي ".