الكرة الغزية .. خالية من الدسم الكروي

 

الرياضية/ كتب- محمد سكر

لا يخفي على متتبع الكرة "الغزية" في الفترة الأخيرة حالها المزري بعدما تواصلت عدة إشكاليات مع بعضها البعض لتشكل فجوة كبيرة تحول دون عمل المنظومة الرياضية بشكل سوي , وهذا ارتبط بعدة معضلات من أبرزها القضية التي أثارت جدلاً شاسعاً في صفوف اللاعبين والمدربين خاصة أنها جاءت بوقت عصيب على هذه المنظومة في ظل وجود مشاكل جمة تلاحقها من كل حدب وصوب , كما لرحيل بعض النجوم من الدوري الغزي وانتقالهم للعب في دوري المحترفين في المحافظات الشمالية دوراً لا يستهان به خاصة وأن هؤلاء النجوم لهم ثقل كروي داخل فرقهم ولهم قاعدة كبيرة من الجماهير تتابعهم وتشاهد مهاراتهم عن قُرب , بنفس الصدد قضية إصابات  الملاعب تلعب  دوراً فاعلاً من شأنه أن يحدث نوعاً من الإرباك لعشاق الساحرة المستديرة حيث يتواجد عدد من اللاعبين حتى هذه اللحظة ضمن قائمة المصابين دون إجراءات حقيقية على الأرض من شأنها أن تنهي معاناتهم وتعطي للدوري بريقه بوجودهم ..

 

أجور اللاعبين ...!

أثارت جدلاً واسعاً وتأثر الرأي العام الرياضي بها وعقب عليها جميع الرياضيين وسخر منها اللاعبين لما تحمله من مواجع وآهات خاصة أن هؤلاء " المغلوب على أمرهم "  تعتبر كرة القدم بالنسبة لهم المهنة الوحيدة التي تعود عليهم بالعائد المادي الذي بالكاد يستطيع تدبر نفقاتهم وأمورهم الحياتية , في حقيقة الأمر وبعد مقابلتي لعدد من اللاعبين لاستطلاع آرائهم اتجاه هذا القضية جُلهم أجمع في حال اتخاذ قرار نهائي بهذا الصدد سيبحث كلاً منهم على عمل أخر يمكنه من توفير الحد الأدنى لمتطلبات الحياة إلي جانب ممارسة الكرة كهواية في الساحات الشعبية والاستنكاف عن ممارسة اللعب في النوادي الرياضية التي كان مفترض أن تعطي لهم كل الدعم المطلوب وأن ترفع من شأنهم كقيمة كبيرة داخل المجتمع لا أن تبخس في حقوقهم وتضيق الخناق عليهم في مجتمع لا يرحم رياضياً أو عاملاً أو محتاجاً , ما أعجبني في هذه الدائرة مساندة بعض كبار الشخصيات الرياضية من مدربي ولاعبين سواء بدوري المحترفين أو دورينا خاصة وأنهم يعيشون نفس الجُرح ونفس الآلام بتواجدهم بين هؤلاء اللاعبين .. فهل يُعقل أن يحصل لاعباً متزوجاً ويعيل عدداً من الأفراد على راتب شهري أقل ما يقال عنه لا يكفي لتكلفة المواصلات ..! , كان من المنطق والمعقول لمن سرب هذه المعلومات أن لا يقبل على نفسه بنشرها على الملأ وبين جموع الرياضيين لأنها لم تحترمهم بالمطلق وطأطأت رؤوسهم في التراب وأضفت نوعاً من الضعف حيالها وحيال كرة القدم بقطاع غزة بشكل عام .

 

رحيل النجوم ..!

لعل الناظر ومتتبع الكرة في دوري المحافظات الجنوبية يفتقد لبعض اللاعبين ممن يمتلكون مهارات عالية ومميزة عن غيرهم وهذا بالطبع يعكس نوعاً من الإحباط لدي المشاهد , فمن يخرج من بيته يحمل كيساً كبيراً من الفشار يرغب بالفعل مشاهدة مباريات على أعلى مستوي من الأداء لا أن يشاهد نوعاً من " الدربكة " داخل الملعب لا تغني ولا تسمن من جوع كروي لديه يريد حقاً أن يشبعه بأقدام لاعبين على قدر كبير من النجومية والفكر الكروي العال , مجموعة لا يستهان بها رحلت إلي دوري المحترفين لتلبية طموحاتهم وبناء مستقبلهم وهذا بالطبع حق واستحقاق يجب أن يحصوا عليه في ظل الأوضاع السيئة للدوري الغزي وهذا يطرح سؤالاً معقداً ومركباً يحتاج لإجابة مقنعة , من سيعوض هؤلاء ...؟ وماذا لو رحل من تبقي منهم ...؟

 

لعنة الإصابة.. وندرة الكادر الطبي المتخصص .. !

كرة القدم مهنة حالها كحال المهن الأخرى تحتاج دوماً لمن يراقبها ويهتم بها ويواجه العراقيل التي قد تفرض نفسها في قادم مراحلها , أعيش الأجواء الرياضية منذ صغري وأتفرغ لمتابعة كل صغيرة وكبيرة تحدث في الوسط الرياضي وعلى اطلاع دائم بمعظم الألعاب الرياضية التي تنظم وتُعقد في غزة وأستطيع القول أن أصعب موقف ممكن أن يمُر به اللاعب في حياته الرياضية أن يتعرض لإصابة لا تُمكنه من اللعب دون علاجها بالشكل المناسب والمطلوب , بالفترة الأخيرة وخاصة الدوري المنصرم كُشف القناع وظهرت حقيقة هذه المعضلة وأثارها على الفرق الرياضية , حيث تغيب العديد من لاعبي قطاع غزة عن المسابقات الرياضية لأسباب صحية تحول بينهم وبين ممارسة كرة القدم وأكثر الفرق التي عانت من هذه المشكلة " اتحاد الشجاعية " حيث تغيب العديد من لاعبيه بسبب إصاباتهم المختلفة , وهذا بالطبع انعكس على أداء الفريق ونتائجه في مسابقة الدوري العام , فقد افتقد نادي الشجاعية لعدة أسماء كانت من ركائز الفريق بسبب الإصابة , حيث أصيب اللاعب علاء عطية واللاعب إياد دويمة واللاعب إبراهيم وادي الذي يعاني حتي هذه اللحظة من الإصابة دون أن يكترث له أحد , السبب في ذلك واضح وضوح الشمس فعدم تواجد كادر طبي متخصص في إصابات الملاعب أعاق كثيراً عملية شفاء هؤلاء اللاعبين من إصاباتهم إلي جانب عدم توافر الإمكانيات والأدوات الصحية المطلوبة لتشخيص حالاتهم , هذه المشكلة لا يمكن الصمت إزاءها وتحتاج  إلي حلول جذرية من قبل الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم فإن أمكن توفير وفد طبي متخصص في إصابات الملاعب بين فترة وأخري من أجل تشخيص حالات قد تـُصاب أثناء خوض غمار بطولة الدوري العام يكون نقلة نوعية في تاريخ الرياضة الغزية , جميعنا يعلم بأن الأوضاع صعبة وصعبة للغاية في ظل الانقسام الفلسطيني وأثاره على الرياضة الفلسطينية ككل , لكن هذا لا يعني بأن نقف مكتوفي الأيدي اتجاهها فلا بُد أن نعمل سوياً علي تذليل العقبات التي تحول بيننا وبين المتعة والجمالية وروعة التنظيم والانضباط داخل المجتمع الرياضي ..

 

 لذلك رجاء لا تحرمونا من متعة  الدوري  ...!