منتدى رواد الحركة الرياضية الفلسطينية.. عام من العطاء

غزة- كتب : حسام الغرباوي

كان عاماً من التميز والإبداع والعطاء ... يوماً بعد يوم تزهو رياضتنا الفلسطينية وينبت في حديقتها العديد من الأزهار التي تسهم في تعميق حالة النهوض والتطور وفق نظم ومعايير تُحاكي دول مزدهرة تعيش بحالة استقرار, وبالرغم من غطرسة الاحتلال وصلفه ومحاولته منع إحداث أي مؤشرات لنهضة رياضية إلا أن عملقة وقوة إرادة شعبنا تثبت دوماً أن الاحتلال إلى زوال وأن عنفوان شعبنا وإصراره على نيل حريته هو الباقي بقاء جبال جرزيم والجرمق وعيبال.

زهرة غُرست ورويت بعرق من أرسى قواعد ثابتة لا تهزها العواصف ونضجت داخل بستان الأزهار الذي حقق الانجازات لفلسطين في العديد من المحافل العربية والإقليمية والدولية, ففي أواخر عام 2014, لاحت في مخيلة الرياضي الكبير علي أبو حسنين الرئيس السابق للاتحاد الفلسطيني لكرة السلة, ورئيس نادي الشاطئ, فكرة تأسيس مظلة للرياضيين المؤسسين ممن شغلوا مناصب إدارية وفنية وكان لهم باع طويل في منظومة العمل الرياضي الفلسطيني.

أصول هذه الفكرة بدأت تُنبت عندما ترأس "أبو حسنين", وفد قدامى الرياضيين في المملكة الأردنية الهاشمية, بدعوة لجمعية قدامى الرياضيين الفلسطينيين, من نادي الجليل وقدامى نادي الفيصلي, وقتها جال الوفد في العديد من الأندية والهيئات الرياضية في الأردن الشقيق, حتى وصل به المطاف إلى زيارة هيئة رواد الرياضة الأردنية والتي تضم كبار رواد الحركة الرياضية الأردنية.

كنت مرافقاً إعلامياً للبعثة ومن النظرات الأولى عقب خروجنا من الهيئة وجدت أن "أبو حسنين" كما لو أنه يحادث نفسه, في نفس الليلة تحدثت معه وقال لي أنه سوف ينقل الفكرة إلى فلسطين لتكوين مظلة جامعة لرواد الحركة الرياضية الفلسطينية على غرار هيئة رواد الرياضة الأردنية التي كانت من أوائل الدول العربية التي أنشأت كيان لرواد الرياضة.

وفور عودتنا إلى أرض الوطن لم يهدأ "لأبي حسنين" بال حتى عمل جاهداً برفقة أقرانه من ثوار الحركة الرياضية ومفجريها, لتخرج الفكرة وتكبر وتنضج وترى النور على أرض الواقع بمسمى "منتدى رواد الحركة الرياضية الفلسطينية", والذي بدأ العمل من قطاع غزة ولكن عين مؤسسيه ترنو نحو كافة أرجاء فلسطين والشتات ولكنهم أرادوا أولاً تثبيت الفكرة ووضع ركائزها, وكان لهم ذلك من خلال نيل "المنتدى" الشرعية الرياضية والحصول على رخصة رسمية في الفاتح من يناير عام 2015, وحصل المنتدى أيضاً بعد نشاطات مميزة اعتراف عربي "مظلة عربية" من الشقيقة السعودية المؤسسة لرابطة رواد الرياضة العربية وهي المظلة لكافة روابط رواد الرياضة العربية التي تقيم نشاطات للرواد.

لقد أنجز المنتدى على مدار عام كامل العديد من البرامج التي استندت لخطته، وأسس لمرحلة جديدة عنوانها الأمل لكافة الرواد الأوائل, حيث كانت بذور هذا المنتدى بداية للتكاثر قد انطلقت في اجتماع تأسيسي بحضور نخبة كبيرة من كبار وعمالقة الرياضة الفلسطينية لاسيما في قطاع غزة, بالرغم من برودة الطقس حيث كان يضرب المنطقة وقتها منخفض جوي عميق سمي "هدى", وأعقب هذا الاجتماع إفراز مجلس إدارة تحضيري للمنتدى يتكون من "علي أبو حسنين رئيسا, درويش الحولي نائبا, عيسى سابا         أميناً السر, نعمان صالح أميناً الصندوق, إسماعيل  المصري علاقات عامة, سليم المصدر مشرفاً اجتماعياً, فارس أبو شاويش, ويوسف عودة اللجنة الرياضية, علي الكاشف اللجنة ثقافية, وحماد حماد      مديراً تنفيذياً, وليد أيوب مستشاراً قانونياً, وأسامة فلفل رئيساً للدائرة الإعلامية".

وبدأت مرحلة إسناد الزهرة حيث توفرت بعض الأمور اللوجستية بتبرعات من الخيرين من الوسط الرياضي, وتم اعتماد سبورت لاند أكاديمي بقرية "المصدر" في المنطقة الوسطى مقراً مؤقتاً بتبرع من رئيس الأكاديمية السيد سليم المصدر, ومقر آخر في اللجنة الأولمبية الفلسطينية مقراً آخر, وطبعت البطاقات والباجات للأعضاء المنتسبين, إلى أن وصل عدد المنتسبون ما يقارب 185 عضواً, إلى جانب عدد من العضويات الشرفية.

وعلى الصعيد الإعلامي فقد عمل رئيس اللجنة الإعلامية أسامة فلفل, برفقة فريق العمل المكون من الإعلامي حسام الغرباوي وشاهر خماش الذي توفاه الله بعد رحلة عمل قصيرة مع المنتدى ترك خلالها بصمات واضحة له على وصول فكرة المنتدى إلى كافة وسائل الإعلام المحلية والعربية, إلى جانب توثيق كتيبات منذ بدء العمل مع المنتدى وهي كتيبات توثيقيه للنشاطات والزيارات لرواد الحركة الرياضية, وتم إنشاء صفحة خاصة للمنتدى على موقع التواصل الاجتماعي "الفيس بوك", حيث كرم المنتدى ما يقارب 45 شخصية رياضية ضمن العيد الوطني للرياضي الفلسطيني من الأحياء والأموات من الرواد الذين خدموا الرياضية الفلسطينية, إلى جانب مشاركة المنتدى للرياضيين في أفراحهم وأتراحهم, وإقامة بطولة بكرة الطاولة في ذكرى يوم الأرض.

من أحد أهم أهداف المنتدى الذي تم تطبيقه في الكثير من الحالات, وقف المنتدى كالجبل الأشم في وجه كثير من الظواهر السلبية وخاصة نبذ ظاهرة العنف وعمل على إصلاح ذات البين في عدة حالات موثقة تم تدخل المنتدى مباشرة وعمل على رأب الصدع وإعادة اللحمة لمواصلة مشوار النهوض برياضتنا.

ومن الانجازات التي حققها المنتدى التواصل مع عدد من المؤسسات الأهلية والمجتمعية لخدمة شريحة الرواد, وتم المساهمة بجزء بسيط في المساعدات المجتمعية لبعض الرواد خلال شهر رمضان, بجهود اللجنة الاجتماعية والعلاقات العامة والإعلام.

وعلى الصعيد العربي فقد تم الاعتراف من رابطة رواد الرياضة العربية ومقرها بالعاصمة السعودية الرياضي, بمنتدى رواد الحركة الرياضية الفلسطينية, ووصل للمنتدى العديد من الدعوات وكان آخرها دعوة رابطة رواد الرياضة العربية لمشاركة رواد فلسطين في دورة الألعاب الرياضية لرواد الرياضة العربية بالتعاون مع نادي شرم الشيخ بجمهورية مصر العربية خلال الفترة من 23 – حتى 30 – نوفمبر2015, وتم الموافقة على الدعوة وتشكيل وفد مكون من ستة أفراد ولكن ظروف إغلاق منفذ رفح البري حالت دون تمكن الوفد من المشاركة.

وأهم دعم للمنتدى الدعم المعنوي من كافة أطياف مجتمعنا الفلسطيني الذي يمر بمرحلة الانقسام البغيض.

وختاماً .. فإن المنتدى وعلى مدار عام عمل بجد وإخلاص بالرغم من الظروف القاهرة التي تمر بها وفلسطين عامة وقطاع غزة على وجه الخصوص كونه مكان التأسيس للمنتدى, وعدم توفر الإمكانيات التي تسهم بتنفيذ كافة البرامج والخطط والاستراتيجيات إلا أنه حقق انجازات ملموسة بشهادة الجميع, وقد وضع المنتدى أمام عينيه العديد من الأهداف ويسعى من أجل تحقيقها, على الصعيد الاجتماعي والصحي للرواد وكذلك توثيق تاريخ الحركة الرياضية الفلسطينية وتوفير مبنى إداري خاص يليق باسم وسمعة الرواد, وتثبيت ميزانية من الجهات الرسمية, والتواصل مع المؤسسات الأهلية والشركات الخاصة للإسهام في تعزيز دورهم في خدمة الرياضة والشباب, وبناء جسور التعاون مع الرواد العرب, وعمل ندوات وورش عمل لمعالجة العديد من الظواهر وتثبيت الإيجابيات الرياضية ونبذ السلبيات ومحاولة تلاشيها.