يعني ايه اللاعب 9,5 ؟

حسن المستكاوي

(صحفي رياضي مصري)

  • 1 مقال

كاتب صحفي رياضي

•• هل تخلت البرازيل حقا عن كرتها الجميلة ففقدت ثقتها فى نفسها ولم تعد ممتعة؟

•• عاشت البرازيل حيرة طويلة منذ خسارتها أمام إيطاليا فى دور الثمانية بكأس العالم عام 1982، حين لعب منتخبها بنشوة الإبداع والمهارات لدرجة الغرور.. وكانت البرازيل يقودها المدرب تيلى سانتانا، وتملك فريقا عظيما يضم بين صفوفه سقراط وجونيور وزيكو وشيرزو وباولوإيزيدورو.. وهو الفريق الرائع الثالث لبلاد السامبا بعد جيل الماسة السوداء ليونيداس ثم جيل الجوهرة السوداء بيليه.

•• احتارت البرازيل بين الدفاع والهجوم، وبين المهارات والاندفاع، وبين الجرأة والخوف. وفى عام 1994 بدأت تهتم بالنواحى الدفاعية تحت قيادة كارلوس ألبرتو بيريرا، وتطورت هجوميا فى مونديال 2002 فأحرزت الكأس مرة خامسة.. وظل سر البرازيل المطلق هو تعدد المهارات الفردية فى فريق يلعب كرة جماعية وكان نجم البرازيل الأول مثل بيليه يحيط به خمسة نجوم.. لكن كرة القدم تغيرت تدريجيا لاسيما مع بداية الألفية الثالثة، فأصبح الأداء الجماعى هو البطل وليست مهارة الفرد..

•• أيام بطولة كأس العالم بالبرازيل فى الصيف الماضى كتب الأمريكى روجر كوهين مقالا فى نيويورك تايمز، واصفا المونديال بأنه كأس العالم الاشتراكى، وروجر كوهين كاتب سياسى أصلا، لكن الحدث الرياضى جذبه جذبا، وهو لم يدرك أن الأداء الجماعى هو البطل، وأن السرعة وسيلة رائعة وفعالة، وأن التنظيم الدفاعى لم يحجب الهجوم. ولم يدرك أيضا أن زمن النجوم الذين كانوا يفعلون كل شىء يتوارى لأن زمن لعبتهم يتوارى. فلم تعد هناك مساحات، ونجم الملعب اليوم بات محاطا بخمسة لاعبين مجتهدين.. وهكذا فازت ألمانيا بكأس العالم فى البرازيل، وهكذا كانت تستحق أيضا الفوز بكأس العالم فى جنوب أفريقيا.

•• الانتصارات الودية المتتالية التى حققها منتخب البرازيل فى الفترة الأخيرة تحت قيادة دونجا لم تقنع الكثير من الخبراء والنقاد بعودة فريق السامبا، وهؤلاء ينتظرون البرازيل الجديدة فى ثوب الكرة القديمة، حين كانت هناك مساحات ومهارات فردية تهزم المساحات وترتع فى المساحات. وهذا غير وارد الآن، فاللعب الجماعى والمساندة والتمرير وتبادل الكرة بسرعة، والتحرك بسرعة، والجرى بسرعة والضغط على المنافس بسرعة هو جوهر الكرة الجديدة.. وقد نجح الألمان فى تحقيق تلك المعادلة بعد 10 سنوات من البناء والتجديد والهبوط بمعدل أعمار اللاعبين، حتى أن منتخب ألمانيا فى مونديال جنوب أفريقيا كان أصغر فريق يمثل ألمانيا فى تاريخ كأس العالم..

•• إن كرة القدم تشهد تغييرات متتالية وسريعة، على مستوى طرق اللعب ومشتقاتها، وعلى مستوى التكتيك والتحرك فى الملعب، وعلى مستوى الواجبات والمهام. فلاعب الوسط الذى نسميه هنا « ارتكاز مدافع ». مطالب بالهجوم وبناء الهجمات وبدقة التمرير الطولى، فلم يعد متراجعا مدافعا، ومفسدا لهجمات الخصم، بل أصبح هذا اللاعب مطالبا بقطع تمريرة الخصم وليس استخلاصها فقط.. والمهاجم عليه واجبات دفاعية. والظهيران جناحان. والجناحان يدافعان. والأرقام أصبحت مجرد أرقام ليس لها دلالات واجبات، فقديما كان رقم 2 يعنى أنه لاعب ظهير ورقم 9 يعنى رأس حربة. واختفت مهام اللاعب رقم 10، وأصبح هناك لاعب يحمل رقم 96، ولاعب يوصف بأنه 9,5.. ولاتسألنى يعنى إيه؟!