التعصب في الملاعب ظاهرة قديمة جديدة تحتاج إلى وقفات

غزة-مصطفي صيام 

ما يميز بطولة الدوري بدرجاته المختلفة في المحافظات الجنوبية الحضور الجماهيري الكبير الذي يتابع المباريات عن كثب، ويتفاعل بقوة مع تفاصيل الحدث بعد نهاية اللقاءات في مشهد يعكس مدي عشق الجماهير الفلسطينية لكرة القدم رغم المعاناة الكبيرة التي يعيشها أبناء شعبنا جراء الحروب الإسرائيلية المدمرة التي طالت مختلف الجوانب لا سيما الجانب الرياضي. 

الشغف الجماهيري لمباريات كرة القدم في الدوري الغزى ليس بجديد وإنما يشكل امتداداً لسنوات طويلة كانت الجماهير هي الحلقة الأبرز في تاريخ الرياضة الفلسطينية. المشهد الحضاري الذي تقدمه الجماهير خلال المباريات بات يشوبه شيئاً من السلبية خلال الألفاظ السيئة والبذيئة والتدخلات اللامبررة والتي أصبحت عادة نشادها مع كل مباراة الأمر الذي يدق ناقوس الخطر على مستقبل كرة القدم والبطولات التي ينظمها اتحاد اللعبة.

 ولطالما حدثنا رواد الزمن الجميل عن المواقف المشرفة التي كانت تقدمها الجماهير في حقب السبعينات والثمانينات ودورها في التشجيع المثالي والملتزم بعيداً عن التعصب الأعمى الذي أصاب عدداً كبيراً من الجماهير الحالية. 

غياب التربية 

علي أبو حسنين رئيس منتدى رواد الحركة الرياضية يرى أن الضغط النفسي الكبير الذي يعيشه أبناء شعبنا الفلسطيني جراء الحروب الإسرائيلية وأحداث الانقسام أحد الأسباب الرئيسية وراء انهيار المنظومة القيمية للجماهير من قبل مجموعة خارجة لا تمثل إلا القليل من متابعي كرة القدم. 

وأشار أبو حسنين إلى أن غياب الجانب التربوي الذي كان يُميز الأندية الرياضية سابقاً، والاقتصار فقط على لعبة كرة القدم أثر على المعنى الحقيقي الذي نشأت من أحجله الأندية التي تهدف إلى تعزيز الانتماء والاخلاق الرياضية. وشدد أبو حسنين على أهمية عودة الدور التربوي للأندية وتكثيف اللقاءات مع الجماهير من أجل إعادة التأكيد على تعزيز المبادئ والأخلاق التي من شأنها أن تساهم في التخفيف من التعصب الأعمى للجماهير. 

وأكد أبو حسنين على أهمية الدور المحوري الذي يلعبه الكادر الرياضي في تعزيز تلك المبادئ، منوهاً إلى الدور المميز الذي قام به منتدي الرواد خلال الجلسة التي جمعت ناديي اتحاد خان يونس وشباب رفح في أعقاب الاحداث التي عصفت بجماهير الناديين مؤخرا. 

" بزنسة" كرة القدم 

وأضاف" بزنسة كرة القدم جعلت الجماهير أكثر تعصباً حيث بات الهم الأكبر لها هو تحقيق الفوز، دون الالتفاف إلى أن ما يجمع الأندية من علاقات تاريخية أكبر من نتيجة مباراة هنا أو هناك"، لافتا إلى غياب الثقة والاحترام ما بين مجالس الإدارات وجماهيرها مما أعطى البعض الجرأة للتطاول والتعدي اللفظي عليها خلال المباريات. 

وتابع أبو حسنين أن أوضاع الملاعب الصعبة وعدم قدرتها على استيعاب الجماهير ساهم في زيادة الاحتكاك بين الجماهير على المدرجات في ظل الإعداد الكبيرة التي تتابع المباريات.

 المسؤولية مشتركة 

إبراهيم أبو سليم نائب رئيس اتحاد الكرة أوضح أن الألفاظ التي تسمع من قبل مجموعة دخيلة على مجتمعنا الفلسطيني لا تمثل بالمطلق الدور الحقيقي للجماهير الرياضية التي لطالما قدمت نموذجاً رائعاً في التشجيع المثالي.

 وأضاف أبو سليم أن كرة القدم كانت ولا زالت أحد أهم أسباب تعزيز أواصر الأخوة والمحبة بين أبناء شعبنا خاصة في ظل الظروف الصعبة التي يعانيها، وما يحدث على المدرجات الغزية أمر خطير يتطلب من الجميع تحمل مسؤولياته للعمل على نبذ تلك الأفعال والحفاظ على سلامة المنظومة الرياضية. 

ظاهرة تجددت

 الصحفي إبراهيم أبو شيخ قال " من العار علينا كشعب فلسطيني يتطلع لـ الانعتاق من نير الاحتلال أن نقوم بالشتم على بعضنا البعض في مباريات كرة قدم ، ومع الأسف الشديد أن ظاهرة الشتم بألفاظ بذيئة من جمهور كرة القدم في المحافظات الجنوبية " ظاهرة ـجديدة قديمة " اختفت لفترة ولكنها عادت مع اشتداد المنافسة".

 وتابع أبو الشيخ "و من الجرم أيضاً أن نشتم ذاتنا ، فنحن أبناء جلدة واحدة ، وفي حاجة ماسة جداً للتكاتف والتعاضد والتلاحم لنكون قدوة لكل عربي من المحيط الى الخليج العربي". 

وشدد أبو الشيخ على أهمية إطلاق حملة إعلامية واسعة يشارك بها كل الزملاء الإعلاميين تهدف إلى توعية الجماهير بمخاطر التعصب على النسيج الاجتماعي وأهمية التشجيع المثالي بعيداً التعصب الأعمى.

 عندما يفقد اللاعب قيمته

 الشاب نهرو الجيش لاعب نادي خدمات الشاطئ قال إن توجيه الشتائم من قبل الجماهير للاعب يفقده الكثير من التركيز ويفقده أيضاً للقيمة التي يتمتع بها اللاعب داخل الملعب".

 وأضاف الجيش الصغير" رغم مشاركتي الحديثة مع فريقي البحرية تعرضت للكثير من الإساءة وصلت لحد التهديد من قبل البعض شعرت خلالها بالخوف الشديد وأفقدني الكثير من قدراتي الفنية والبدنية خلال المباريات".

 وتابع الجيش " نحتاج كلاعبين صغار للدعم والمساندة من قبل الجماهير لتقديم كل ما نملك من إمكانيات لصالح الفريق وخاصة أن الجماهير تشكل كلمة السر في تفوق الفرق خلال المباريات".

 أسابيع قليلة تفصلنا عن نهاية بطولة الدوري العام تزداد معها الإثارة والندية بين الفرق المشاركة، تنعكس على متابعة الجماهير الرياضية لنتائج المباريات والتي قد تشكل سلاح ذو حدين بنهاية رائعة لبطولة أروع