عالجوا الأخطاء وابحثوا عن الحلول .. وابتعدوا عن الترقيع !

وليد جودة

(كاتب صحفي فلسطيني)

  • 1 مقال

وليد جودة

قبل عام من الآن، كان الشارع الرياضي في قطاع غزة يتفاخر بموسم ناجح ومذهل في بطولة الدوري المحلي بكافة درجاته، نجاح تنظيمي وجماهيري ومتعة وإثارة، دفعت الكثيرين (ومنهم كاتب هذه الكلمات المعروف بتوجهه الأوربي) إلى التعلق أكثر بمتابعة كل صغيرة وكبيرة في تفاصيل دورينا، لكن الموسم التالي كان بعيداً كل البعد عن مستوى الطموحات، بل أنه وحتى بعد نهايته بغض النظر عن طبيعة النهاية، تتعالى أصوات الآن تطالب بأمر كفيل بتدمير النجاحات سابقة.

الموسم الكروي 2015-2016 حمل معه لنا كل ما يمكن أن يشوه صورة كرة القدم الغزية، البداية بأحداث شغب جماهيري وعنصرية مقيتة ظهرت في المدرجات، مشكلة كان علاجها بالمسكنات التي يزول مفعولها بعد أول احتكاك جديد، والاحتقان بعد كل مرة يزيد أكثر فأكثر رغم كل الجهود المشكورة المبذولة من وجوه الخير، لكن يجب أن نكون واقعيين وأن نعترف بأن الأزمة ما زالت قائمة، وبحاجة إلى حل حقيقي وجذري، لا مسكنات فقط.

الأمر الأكثر سوءً من الشغب الجماهيري، هو ما بات حديث الجميع عن شبهات التلاعب بنتائج المباريات، تعددت المصطلحات بين بيع وتفويت وتمرير والنتيجة واحدة، هي أن بطولة الدوري بدرجاتها المختلفة باتت نتائجها مشبوهة، وبات لزاماً على المسؤولين أن يفتحوا تحقيقاً حقيقياً لا صورياً، يبحثون فيه عن حقيقة المتسببين بهذه الأزمة التي تضرب صلب رياضتنا، وعدم التستر خلف عباءة "أين الدليل؟"، فلا دخان بلا نار، والجمهور قبل الإعلاميين وصناع القرار وكل المنظومة الرياضية بات واعياً لما جرى.

كل ذلك أوصلنا إلى حقيقة مريرة، تمثلت في سابقة لا مثيل لها بهبوط نادي شباب جباليا إلى الدرجة الأولى رغم تحصله على 25 نقطة، في حين أن المعدل المطلوب في كل السنوات السابقة لضمان البقاء في الدرجة الممتازة لا يتجاوز ال20 نقطة، إذن هناك خلل واضح، وربما تعرض الثوار للظلم، فكيف يمكن أن يعالج الوضع ؟!

الحديث الدائر الآن في حملة تطالب بإلغاء الهبوط هو حديث عاطفي لا أكثر، مع كل الاحترام لشباب جباليا وخدمات المغازي، فعلاوة على أن إلغاء الهبوط بدون وجود إشعار مسبق وبدون أسباب واضحة عقلانية، سيؤدي إلى كارثة حقيقية، فأنديتنا جميعها في عيوننا وعلى رؤوسنا، لكن إلغاء الهبوط بحجة تمثيل مناطقي أو أي شيء آخر، هو اعتراف ضمني من المسؤولين بوجود التلاعب أولاً، وثانياً سيضع الجميع أمام معضلة في نهاية كل موسم، فكل الهابطين سيطالبون بإلغاء الهبوط والمسببات العاطفية موجودة، وربما نجد أنفسنا أمام درجة ممتازة يرتفع عدد أنديتها بشكل طردي بعد نهاية كل موسم إلى أن يشاء الله، فهل يعقل هذا ؟!

الحديث الدائر عن أن زيادة عدد الفرق إلى 14 سيزيد التنافسية هو حديث يدخل في دائرة الترقيع لا الحلول كذلك، فالاتحاد إن كان يبحث عن ذلك فعلاً فعليه أن يعلن الأمر منذ بداية الموسم، وأن يتم ذلك من خلال هبوط ناديين وصعود 4 لضمان الحفاظ على التنافسية، لا أن يتم الإبقاء على الهابطين وتصعيد الصاعدين من الأولى، ما هكذا تدار الأمور.

مع كل التقدير والاحترام لأصحاب هذه الفكرة والداعمين لها، وتقديري الكامل لمشاعر الثوار ومحبيهم، إلغاء الهبوط ليس هو الحل، بل هو عملية تجميلية ترقيعية لن تأتي سوى بنتاج سلبي على كرتنا الغزية.

الأولى أن يتم البحث عن أسباب الأزمة، والبحث عن حلول حقيقية لها لتجنب تكرار السيناريو البائس الذي عشناه في هذا الموسم، الأولى أن نحتكم إلى القوانين واللوائح، أن نحتكم إلى لغة العقل لا العاطفة، أن نبحث عن حل حقيقي وأن نبتعد عن الترقيع !