اخيراً… الخناق يشتد على رقبة بلاتر!

خلدون الشيخ

(كاتب وصحفي رياضي)

  • 1 مقال

خلدون الشيخ

لم تعد خطوات الثعلب السويسري جوزيف بلاتر ممهدة بالورود، ولم يعد يستقبله المتلقون بالتصفيق والترحيب، بل لم يعد يجرؤ على ترك الحدود السويسرية خشية الاعتقال… لكن اليوم بات الخناق يشتد أكثر وأكثر على رقبة رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، حتى ساد الاعتقاد ان اعتقاله بات مسألة وقت.
كانت المؤشرات كثيرة على مدى السنوات الماضية التي حثته على الرحيل بكرامة وكبرياء، فأبى واستكبر، بل استغرب بكل وقاحة عن سبب هذه المطالبات «غير المنطقية»، بل كان دائماً يقفز الى صفوف أول المندهشين من كل تهمة فساد تكشف داخل منظومته العفنة، وكأن هذه المنظومة يديرها شخص غيره، بل الادهى، وعندما ألقت السلطات السويسرية والامريكية على العشرات من أعضائه الفاسدين في ايار/ مايو الماضي، استمر في نهجه المعتاد، وخاض الانتخابات الرئاسية، وانتصر بفضل زمرته الموالية، وكأن عفن الفساد ينضح من اناء جاره.
كانت فرصة ذهبية له أن يتخلى عن كرسيه المسموم في مقابل حريته، لكنه ثعلب وداهية، رغم ان مكره صب ضد مصلحته، فهو أعلن الرحيل عقب فوزه لولاية خامسة على زعامة الفيفا، لكنه ليس رحيلاً فورياً بل يمتد شهوراً حتى فبراير/ شباط المقبل، والسبب، ان يتمكن من التخلص من كل من يورطه باعطاب اوراق واجهزة، فيها معلومات قد تدينه، والاهم ان يلعب دوراً مهماً في اختيار خليفته، والذي يتمنى ان يكون من حلفائه.
لكن السلطات السويسرية كانت أكثر حنكة وذكاء، واختارت موعد اجتماع اللجنة التنفيذية للفيفا لاخضاعه للاستجواب، في ظل وجود تغطية اعلامية، بل أخضعت مقر الفيفا أيضاً للتفتيش وصادرت بيانات لم تحددها، وبطريقة غير مباشرة أعطته فرصة أخرى للرحيل الكريم، لكنه أبى مجدداً، على اعتبار انه ليس متهماً.
وذكر الادعاء العام السويسري أنه تم اتخاذ إجراءات جنائية ضد جوزيف بلاتر بتهمة الاشتباه في سوء الإدارة الجنائي، واحتمالا بتهمة الاختلاس. وفي الوقت الذي تفترض البراءة ان تسري على بلاتر مثل كافة المتهمين، قال الادعاء العام السويسري أن توقيع بلاتر على عقد مع الاتحاد الكاريبي الذي ترأسه وقتها جاك وارنر نائب الرئيس السابق والمشتبه به حاليا في التحقيقات، انتهاك لواجباته الائتمانية وعمل ضد مصلحة الفيفا. ويقال أن وارنر حصل على حقوق البث بسعر مخفض من الفيفا وحقق أرباحا كبيرة منها. كما تحوم شبهات أيضا حول قيام بلاتر بـ»تقديم أموال بطريقة غير قانونية» قدرها 2 مليون فرنك سويسري (نحو 2 مليون دولار) لميشيل بلاتيني رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم في عام 2011، مقابل «انجاز عمل» في الفترة من 1999 حتى 2002. 
وقال مصدر في وكالة سويسرية لانفاذ القانون إن بلاتيني قدم للادعاء السويسري أدلة ضد بلاتر وإنه ليس هدفا للتحقيقات في هذه اللحظة، رغم انه مرشح لخلافة بلاتر في رئاسة الفيفا خلال الانتخابات التي ستقام في فبراير المقبل. وقال مصدر قريب من الفيفا إن بلاتر ليس رهن الاحتجاز ولم يتم اتهامه بأي شيء والأمر يعود إليه ليقرر اذا كان سيظل في منصبه حتى فبراير عندما يحين وقت استقالته.
لكن الواقع الأليم يقول ان ابن الـ79 عاماً، بات يترنح، وأنها مسألة وقت فقط قبل ان يسقط، ومن الأرجح أنه لن يبقى حتى موعد الانتخبات الرئاسية المقبلة، بل هو بات يستبق كل الامور، فبعدما رفض السفر الى كندا ونيوزيلندا لحضور المباراتين النهائيتين لكأس العالم للسيدات وكأس العالم للشباب، خشية اعتقاله، فانه أمر بنقل اجتماع اللجنة التنفيذية المقبل في نهاية العام الجاري من طوكيو الى زوريخ، خصوصاً أنه لم يغادر سويسرا الا مرة واحدة منذ مايو الماضي، وكانت الى روسيا، التي تحميه بكل قوتها، حفاظاً على حقها في استضافة مونديال 2018.
الآن الأسئلة المهمة، ماذا سيحدث في الانتخابات الرئاسية المقبلة مع تورط اسم بلاتيني بالاستجوابات الاخيرة، خصوصاً أنه يعتبر أبرز المرشحين لخلافة بلاتر؟ بل ماذا سيكتشف المحققون في الأجهزة الحافظة لايميلات السكرتير العام الموقوف جيروم فالكه، وبينها الايميل المزعوم الشهير، الذي قال فيه لوارنر: «هل يعتقد القطريون ان يامكانهم شراء رئاسة الفيفا مثلما اشتروا استضافة كأس العالم؟»، وهو ما يقود الى السؤال الأهم: ماذا تعني التطورات الاخيرة لفرصة استضافة قطر لمونديال 2022، مع اعلان مواعيد اقامة نهائيات المونديال الشتوي؟