لماذا أعطبت الطاحونة الهولندية؟

خلدون الشيخ

(كاتب وصحفي رياضي)

  • 1 مقال

بقلم: خلدون الشيخ

قبل أكثر من عام بقليل، كان يبعد بين المنتخب الهولندي والمباراة النهائية لكأس العالم، ركلة ترجيح واحدة، لكن اليوم بات «البرتقالي» مهدداً حتى بعدم التأهل الى نهائيات كأس الامم الاوروبية العام المقبل في فرنسا، خصوصاً بعد كارثتي الخسارة امام أيسلندا وتركيا في الجولتين الاخيرتين في التصفيات، في مجموعة كان من المفترض ان تكون له الاسهل على الاطلاق بين المجموعات التسع، لكن لماذا انهار المنتخب الذي حل ثالثاً في المونديال البرازيلي، وكان وصيف بطل العالم قبلها بأربع سنوات في مونديال جنوب افريقيا؟

أول ما يسهل ملاحظته في المنتخب الحالي ان أبرز نجومه هم من تعدوا سن الثلاثين عاماً، أمثال روبن فان بيرسي (32 عاماً) واريين روبن (31 عاماً) وويسلي شنايدر (31 عاماً) وكلاس يان هونتلار (32 عاماً)، في حين ان أبرز نجومه الصاعدين يبعدون بالسنوات كثيراً عن المخضرمين، وأبرزهم نجم مانشستر يونايتد الجديد ممفيس ديباي (21 عاماً)، حتى ان 12 لاعباً من التشكيلة الاخيرة للمدرب داني بليند هم أقل من 24 عاماً، لتتلخص المشكلة بفقدان جيل كامل بين الفترتين الزمنيتين، حيث ان لاعبين اثنين فقط هما بين سني 26 و30 عاماً، وهي فترة بلوغ الذروة عند أي لاعب. واللاعبان الاثنان هما الحارس ياسبر سيليسين (26 عاماً)، والظهير غريغوري فان در فيل (27 عاماً)، والاخير لا يلعب اساسياً مع فريقه بطل فرنسا باريس سان جيرمان.

المشكلة ليست فقط في ان هولندا لا تملك لاعبين في ذروتهم، بل الأدهى ان جماهير عانت من التوقعات غير المنطقية والمبالغ بها من منتخبها العادي، لكن رغم انجاز المونديال الا ان الواقع يقول ان هولندا استفادت من انهيار المنتخب الاسباني في المباراة الاولى ليفوز 5/1، ما اعتبر انه روعة الطاحونات، رغم انه انعكاس زائف، لان عروضه بعدها كانت عادية، حيث حقق فوزاً صعبا وبشق الانفس على المغمور استراليا، قبل ان يتعادل في مباراة روتينية مع تشيلي. وفي دور الـ16 احتاج الى ركلة جزاء مثيرة للجدل في الوقت القاتل للتغلب على المكسيك، بعد تأخره بهدف حتى الدقيقة الاخيرة، وأيضاً احتاج الى ركلات الترجيح للتغلب على المكافح كوستاريكا ليصل الى نصف النهائي.

ومع جنيه العديد من الاشادات وعبارات التبجيل، الا ان الواقع يقول انه لعب مباراة واحدة بصورة جيدة خلال المونديال، بل ان الانطباع الزائف قاد 14 لاعبا من تشكيلة الـ23 لاعباً الى الانتقال الى أندية أكبر واقوى عقب المونديال، بالاضافة الى انتقال المدرب لويس فان خال الى مانشستر يونايتد، لكن قلة منهم تألقت واقنعت، ما عكس الانطباع بان منتخب 2014 كان مبالغا بقدراته.

السبب الثالث يكمن في المدرب، ففان خال قد لا يكون صنع المعجزات في يونايتد بعد، لكنه من المؤكد انه ترك فراغا كبيراً في المنتخب الهولندي، فعودة المخضرم غوس هيدينك طالت 10 أشهر فقط، فاز خلالها مع المنتخب في 4 مباريات من أصل 10، ومن بعده عانى مساعده السابق بليند فخسر اول مباراتين ويكافح لابعاد الناقدين والمشككين.

السبب الرابع، ان انهيار المنتخب الهولندي هو انعكاس لخيبة الاندية الهولندية وضعف الدوري المحلي، فلا يوجد أي ناد هولندي نجح في العبور من دور المجموعات لدوري ابطال اوروبا منذ 2007، حتى ان هذا الموسم أخفق أياكس في التأهل من الدور التمهيدي الى دور المجموعات، ليترك أيندهوفن وحيدا في المسابقة. حتى ان مسابقة الدوري الهولندي باتت تحتل المرتبة العاشرة في تصنيف اليويفا، وقد تتأخر أكثر في الموسم المقبل، وقد يتسبب ذلك بخسارة عدد الفرق المتأهلة الى المسابقتين الاوربيتين، ما سيقود الى رحيل مبكر للنجوم الصاعدين وفقدان فرصة الصقل في الاكاديميات الهولندية المرموقة، حيث عانى بشدة أياكس أبرز هذه الاكاديميات، وأخفق في تخريج جيل مماثل لجيل التسعينات الذهبي.

يضاف الى كل ذلك بعض من سوء الحظ، باصابة عدد من النجوم، حيث غاب روبن عن عدد من المباريات المهمة، اضافة الى غياب صخرة الدفاع رون فلار الذي وفر الخبرة للفريقن والغياب المستمر للموهبة الواعدة كيفن ستروتمان بسبب الاصابات المستمرة، حيث انه خاض آخر مباراة له مع المنتخب في اذار (مارس) 2014، والذي كان نجما مع فريقه روما الايطالي. كل ما يحتاجه المنتخب الهولندي حالياً هو التريث والصبر واعادة البناء.