صلاح… من فرعون يغزو أوروبا الى سلعة تنهشها الذئاب!

خلدون الشيخ

(كاتب وصحفي رياضي)

  • 1 مقال

لم تستمر الليالي الرمضانية الجميلة في سرد قصص الأحلام والبطولات والنجاحات للنجم المصري محمد صلاح، فبدل أن يقضي أسابيع الصيف في راحة واستجمام مطمئناً الى مستقبل وردي وواعد، فان النجم المصري على وشك خوض صراعات قضائية مع نادي فيورنتينا الايطالي، الذي أمضى معه نصف الموسم الماضي معاراً من تشلسي الانكليزي.
حتى في القصص التراثية ألف ليلة وليلة، كانت منها ما ينتهي بصورة حزينة غير متوقعة، لكن في حادثة صلاح، ماذا يمكن أن نفهم؟ هل النجم المصري يشاكس ويتصرف بعدم احترافية ويذكرنا بأفعال مواطنيه الذين جربوا الاحتراف في القارة الاوروبية وفشلوا؟ أم أن فيورنتينا تعدى خطاً أحمر، وتعدى صلاحياته وسارع الى خطوة لا داعي لها؟
لا شك أن محمد صلاح أفضل موهبة مصرية عرضت موهبتها في القارة الاوروبية، ولا شك أيضاً أن شخصيته المبهمة، أو بالأحرى الخجولة، تمنعه دائماً من رسم صورة صحيحة لفكره ونياته وتوجهاته، فقلة تصريحاته الصحفية لا تترك مجالاً الى التخمين بمستقبله، وطموحاته، وكأن السفينة تسير مثلما تريدها الرياح العاتية، رغم ان هذا المزاج، وهذه العقلية، يقودان البعض الى مقارنته بنجوم مصريين سطعوا في البداية قبل ان تتحطم أحلامهم مثلما تحطمت معها أحلام وأمنيات محبيهم ومشجعيهم في كل العالم العربي، بسبب تصرفاتهم، وعلى رأسهم عمرو زكي وأحمد حسام (ميدو) وابراهيم سعيد وحسام غالي وغيرهم، لكن الامر لم يرتق بعد الى وصف ما حدث بانه حلم تحطم، ففيورنتينا مارس حقه في الاتفاق المبرم مع تشلسي على تمديد فترة اعارة صلاح لموسم آخر في مقابل مليون يورو، وهو ما وافق عليه النادي اللندني، لكن في هذا الاتفاق الثنائي، هناك طرف ثالث يجب ان يوافق على الصفقة، وهو صلاح نفسه. 
طبعاً كون اعتبار تجربة صلاح في النصف الثاني من الموسم ناجحة بكل المقاييس، بعد تسجيله 9 أهداف في 26 مباراة، وصنعه 4 أهداف، ومساهمته في وصول فيورنتينا الى الدور قبل النهائي في كل من كأس ايطاليا والدوري الاوروبي، فان النادي الايطالي استشرس في المحافظة على نجمهم الجديد الذي نال اعجاب عشاق «الفيولا»، لكن طموح صلاح لن يتوقف عند حد المشاركة مع فريق من قوى الصف الثاني، يكتفي بالمشاركة في المسابقة الاوروبية الثانية ولا يصارع على اللقب المحلي، فآثر الانتظار لدرس عروض المهتمين بضمهم، بينهم يوفنتوس وانتر ميلان وغيرهم من عمالقة اوروبا، لكن فيورنتينا أصر على «التشاور مع محامينا لاتخاذ اجراءات قانونية» في خطوة رد عليها وكيل أعمال صلاح، رامي عباس ببيان، اعتبر فيه تصرف فيورنتينا بانه «ساذج»، قائلاً: «نحن عدنا الى كل الوثائق المبرمة بيننا وقرأنا كل ورقة وهي واضحة وضوح الشمس، واتأسف لقرار فيورنتينا أنه سيلجأ الى القضاء، أنه أمر مؤسف أن نرى ناديا عريقا مثل فيورنتينا يتخذ خطوة ساذجة مثل هذه كي يعودوا على الاتفاق المبرم بيننا».
الآن، لماذا يفقد فيورنتينا أعصابه وحنكته في التعامل مع هذا الأمر؟ في الواقع هذه ليست الحادثة الاولى التي تعكر مزاج الفيولا في الآونة الاخيرة، ففي الشهر الماضي قرر فيورنتينا اقالة مدربه الموهوب فينتشينزو مونتيلا، لانه تأخر في تمديد عقده، بل اتهمه بيان للنادي ان هذا التأخير ينم على «قلة احترام» من المدرب الذي قادهم الى أنجح موسم في السنوات الاخيرة، فكان القرار المتسرع هو الاقالة، وهو ما يعكس تخبطاً في العقلية وأسلوب التفكير عند ادارة النادي.
الآن، ماذا يخبئ المستقبل للنجم المصري صلاح؟ اذا أردنا ان نكون أكثر واقعية فاننا سنعي ان ناديه الاصلي تشلسي سيلعب الدور الرئيسي في مساره في الموسم الجديد، وقد يستخدمه طعماً مرة أخرى لاصطياد نجوما يريدهم في مقابلة التخلي عن الفرعون الموهوب، مثلما فعل أصلا مع فيورنتينا عندما ضم منه الكولومبي خوان كوادرادو. وايضا هناك اهتمام من يوفنتوس والانتر، لكن عندما سئل مدرب الانتر روبرتو مانشيني، عن رغبته في ضم صلاح، قال: «بالتأكيد يعجبني واريده ان يكون معي هنا في الانتر، لكن لماذا لم أتصل به حتى الآن؟ لأنني لا أملك المال لضمه».
اذاً سيكون صلاح في الاسابيع المقبلة تحت رحمة الراغبين في ضمه، فهو غامر برفضه الفيولا، وراهن على اهتمام ناد أكبر وأعظم، لكن الأهم أن يكون أساسياً وليس احتياطياً ومهمشاً.

خلدون الشيخ