أين سيكون قلب غوارديولا؟

خلدون الشيخ

(كاتب وصحفي رياضي)

  • 1 مقال

ربما يكون المدرب الاسباني بيب غوارديولا سعيداً بمجرد وجود فريقه بايرن ميونيخ ضمن المربع الذهبي لدوري أبطال أوروبا من دون التفكير بمنافسه المقبل، كون الليلة التي سبقت الثلاثاء الماضي وضعته تحت ضغوطات عنيفة، شككت في قدراته، بل اعتبر كثيرون أن الخروج «المتوقع» أمام بورتو بعد الهزيمة 1/3 في الذهاب، ستسجل النقطة السوداء الوحيدة في سجله ناصع البياض، فكان الفوز الساحق في الاياب بمثابة نفس عميق أخذه المدرب الاسباني، وكأنه أنقذ سمعته من الانهيار. وكان هذا كافياً بألا يجعله يفكر في ما سيأتي من منافسات. 
لكن اليوم وبعد وقوع فريقه البافاري مع فريقه السابق برشلونة، فان البعض سيرمي سهم العاطفة في اتجاهه، وسيتساءل عن شعوره الحقيقي في ليلة اللقاء الاول في «كامب نو»، رغم ان الغالبية تشهد لغوارديولا باحترافيته وهوسه في تحقيق نجاحات لأي فريق يدربه وضد أي فريق يقابله، لكن هذا الفريق الذي سيقابله هو كل ما كان يعرفه المدرب الموهوب في عالم كرة القدم، فبعدما أمضى سبع سنوات منذ نعمة أظافره في أكاديمية البارسا عندما كان في الثانية عشرة من عمره في 1983، وبعدها أمضى 11 عاماً لاعباً في الفريق الاول، وعاماً آخر مدرباً للفريق الرديف، و4 سنوات مدرباً للفريق الأول، الذي جعل منه أحد أروع الفرق التي شهدها العالم في تاريخ كرة القدم، رغم الجدل على ذلك. 
غوارديولا يدرك أن برشلونة سيبقى دائماً في قلبه، حتى عندما يهجر اللعبة، فأنه سيكون مشجعاً عادياً للنادي الكتالوني، وسيفخر بما حققه، ويحققه من انجازات، والتي هو نفسه ساهم في الكثير منها، بينها وهو لاعب حقق 6 بطولات دوري محلي وكأس أبطال اوروبا مرة واحدة وكأس ملك اسبانيا مرتين، وكأس أبطال الكؤوس الاوروبية مرة واحدة، ونصب قائداً للفريق خلال الـ11 عاماً التي أمضاها معه، وخاض خلالها 350 مباراة. وبعدما خاض تجربتين في ايطاليا وقطر عاد مدرباً للفريق الرديف في البارسا وأحرز معه لقب الدوري، وفي 2008 حل مكان الهولندي فرانك رايكارد مدرباً للفريق الاول، في خطوة اعتبرت مغامرة من ادارة النادي الكتالوني، لكم ما حققه خلال السنوات الأربع التالية كان خيالياً، فصنع فريقاً شيقاً، اعتبر من أمتع ما شاهدته كرة القدم الحديثة، بأسلوب «تيكي تاكا»، ففاز بطولة الدوري المحلي ثلاث مرات من المواسم الاربعة التي قضاها مع الفريق، بالاضافة الى كأسي دوري أبطال أوروبا، بينها ثلاثية العام 2009، في الواقع فان غوارديولا احرز 14 لقباً في سنواته الاربع، في انجاز غير مسبوق، حيث أضاف أيضاً بطولتي كأس الملك وكأسي بطولة العالم للأندية.
ومن لمساته التي ترك لها أثرا كبيرا في النادي الكتالوني، رفع شأن نجمه الأول ليونيل ميسي ليجعل منه الأفضل في العالم، حيث أحرز الكرة الذهبية 4 مرات متتالية، منها ثلاثة تحت ادارة غوارديولا، وسجل النجم الارجنتيني 211 هدفاً في 219 مباراة تحت اشراف المدرب الاسباني، وهو الأمر الذي قد يصب في مصلحة فريقه الجديد البايرن، كونه سيستغل كل معرفته بنجومه السابقين، خصوصاً أنه حقق أرقاماً مخيفة مع النادي البافاري منذ تعيينه مدرباً الموسم الماضي، اذ كان الفوز على بورتو يوم الثلاثاء الماضي هو الـ77 في 100 مباراة خاضها معه، وخسر فقط 11 مباراة في كل المسابقات، حتى أنها نسبة نجاح فاقت ما حققه مع برشلونة، والتي بلغت 72 ٪ خلال 247 خاصها معه مدرباً.
الآن لا يتعين فقط على برشلونة التعامل مع مدرب يعرف كل شيء عنه وعن نجومه ونقاط قوته وضعفه، بل يقف في وجهه سجله السيئ والسلبي في تاريخ مواجهاته مع العملاق البافاري، حيث التقى الفريقان فقط ثماني مرات، وهو عدد قليل مقارنة بتاريخ مشاركاتهما الأوروبية، لكن الأغرب أن برشلونة لم يحقق الفوز سوى في مباراة واحدة من الثماني، وهو يتذكر «المجزرة» الاخيرة في 2013 عندما خسر ما مجموعه 0/7، وهو العام الذي أحرز فيه البايرن ثلاثيته الرائعة، وكان وقتها غوارديولا يأخذ راحة، ربما يفكر خلالها ماذا لو دربت البايرن وواجهت برشلونة؟ الآن سيعرف الاجابة. 
@khaldounElcheik