الرياضية أون لاين : رام الله- كتب خليل جاد الله
ناشد ظهير أيمن نادي خدمات رفح الفلسطيني إبراهيم العرجات (26 عاماً)، وهو أحد المصابين، أمام مركز للمساعدات الإنسانية في خانيونس، لاعبي كرة القدم العرب والمسلمين بإعلاء صوت نظرائهم الفلسطينيين، في ظل الظروف الصعبة التي يعيشونها وعدم قدرتهم على إيصال معاناتهم للعالم كله.
والتقى مراسل "العربي الجديد" العرجات بعد إصابته خلال انتظاره المساعدات. إليكم النص الكامل للمقابلة:
• كيف كانت مسيرة العرجات الكروية قبل الإصابة الحالية؟
بدأت مسيرتي الكروية مع فرق الفئات السنية مع فريق خدمات رفح، وانتقلت إلى نادي القادسية، ثم عدت إلى نادي خدمات رفح في صيف العام 2021، وهناك كتبت أبرز لحظاتي في ملاعب كرة القدم، وتمكنت من مساعدة الفريق في التتويج باللقب السابع بطلاً للدوري الفلسطيني الممتاز لكرة القدم في موسم 2022-2023، وكنت أطمح إلى تمثيل منتخب فلسطين الأول لكرة القدم، لكن ظروف الحرب أعاقتني، كما منعت زملائي في قطاع غزة تحديداً من تحقيق هذا الحلم. وأما على المستوى الشخصي، فأنا حاصل على شهادة في مجال هندسة المباني من جامعة العلوم والتكنولوجيا في خانيونس، متزوج، ولديّ طفلان (صبي وبنت).
• ما هي الآثار التي تركتها الحرب على حياتكم؟
تركت الحرب آثاراً على كل مناحي الحياة لدينا، ونجونا من الموت في مرات عدة، وكما هو حال معظم أهالي قطاع غزة، اضطررت وأسرتي للنزوح إلى مدينة خانيونس بعد نحو ثمانية أشهر من الحرب، بسبب اشتداد الاستهداف لمدينة رفح، وتعرض منزلنا أثناء وجودنا فيه للدمار الجزئي، قبل تدميره بالكامل في حي الجنينة في مدينة رفح. وخلال أيام النزوح تأثرنا بسياسة التجويع الممنهجة التي تمارسها سلطات الاحتلال الإسرائيلي، ولم نتمكن لأيام عدة من إيجاد شيء نسد به جوعنا. ولقد مررت بعدد كبير من الملاعب أثناء رحلة النزوح، وكلما حاولت الاستناد إلى ذاكرتي فيها، أصبت بخيبة أمل جديدة، لأن كل شيء تغير من حولنا في قطاع غزة منذ السابع من شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بما في ذلك الملاعب التي كانت تذكّرنا بموهبتنا وأحلامنا.. هُدمت كلها وأصبحت "نسياً منسياً".
• كيف تعرض العرجات للإصابة الحالية؟
خلال أيام النزوح في خانيونس، وفي الأسابيع القليلة الماضية بدأنا نفقد أبرز حاجاتنا الأساسية، مثل الطعام والشراب، بعدما فقدنا المسكن وارتفعت أسعار هذه الاحتياجات بالأساس ولم تُعد بمتناول الجميع. وفي التاسع من يوليو/ تموز الماضي ذهبت مع عدد من الأصدقاء إلى إحدى نقاط المساعدات الغذائية الإنسانية في شارع الطينة، جنوب خانيونس، وأثناء انتظار المساعدات فوجئنا جميعاً بوابل من الرصاص الذي أطلقته قوات الاحتلال باتجاهنا، ونحن عُزّل لم نأتِ سوى للبحث عن الطعام.
وأصبت بثلاث رصاصات خلال الاستهداف، واحدة في قدمي اليُمنى، وأخرى في اليُسرى، وثالثة في البطن، وبمعجزة كبيرة بقيت على قيد الحياة لأنني نزفت لمدة ساعة كاملة، وأحاطني الجنود ومدرعاتهم، وبعد انسحابهم من المكان، تمكنت بمساعدة أبناء عمي من النجاة، وفهمت لاحقاً أن عدد الشهداء تجاوز 28 شهيداً في تلك الضربة.
وقمت حالياً بتركيب "بلاتين" في القدمين، وأجريت عمليتين من أجل علاج القطع في الأمعاء بسبب الرصاصة التي اخترقت بطني، وإذا ما تلقيت العلاج اللازم خلال الفترة الحالية والمستقبلية قد يؤثر ذلك على قدمي وعلى قدرتي على ممارسة كرة القدم.
• كيف يقضي العرجات أيامه الحالية؟
موجود حالياً في خيمة للنزوح وأعتمد - إلى جانب أسرتي - على المساعدات الإنسانية من أجل ألا نموت جوعاً. قبل فترة نشرت مناشدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي أشرت فيها لحاجتي إلى كرسي متحرك، ووفر لي أهل الخير كرسياً متحركاً يمكّنني من الخروج يومياً لمدة نصف من الخيمة والعودة إليها.
• ما تقييم الأطباء لخطورة إصابتك وقدرتك على ممارسة اللعبة من جديد؟
حالياً لا يمكن تقدير ذلك بشكل مؤكد، لأن الأمر يعتمد على الغذاء الذي يجب أن أتناوله في فترة الإصابة، وعلى الجلسات التي يجب أن أخضع لها، وهذا الأمر غير متوافر على الإطلاق خلال هذه الأيام. وآمل ألا يطول أمد الحرب أكثر وأن أتمكن من إنقاذ ما يمكن إنقاذه، لأنني ما زلت أطمح لتحقيق عدد كبير من الأهداف في ملاعب كرة القدم، ولا يزال في جعبتي الكثير من أجل فعل ذلك. وإذا سارت الأمور على خير، بإمكاني العودة إلى الملاعب.. الإصابة حرمتني من المشي حالياً، ولكنها لن تمنعني من فعل ذلك إلى الأبد.
• هل لديك طلب تود إيصاله من خلال "العربي الجديد"؟
مثل كل الناس، فقط أريد من العالم كله أن يتحد من أجل وقف الحرب التي يشنها الاحتلال علينا حتى نستمر في الحياة ونُعيد بناء قطاع غزة الذي نحبه. وقرأت تعليق محمد صلاح، الذي سأل فيه عن "هوية قاتل زميلي سليمان العبيد"، معقباً على تغريدة الاتحاد الأوروبي، وأتمنى أن يسعى صلاح وبقية اللاعبين العرب والمسلمين المؤثرين إلى إيصال صوتنا، لأن صوتهم أعلى من صوتنا المخنوق، ولأننا كذلك زملاء لهم نمارس اللعبة نفسها، ولأننا - فوق كل شيء - شجعنا فرقاً لم نخطط لتشجيعها يوماً، فقط لأنهم أصبحوا لاعبين لها. وتسببت سياسة التجويع الممنهجة التي تمارسها قوات الاحتلال بحق المواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة في سقوط أكثر من 220 شهيداً، حسب المصادر الطبية المحلية، بينما لم تتمكن الجهات المختصة من الإعلان عن عدد الجرحى والمصابين نتيجة هذه السياسة، وتكشف قصص الأفراد عن إعاقات دائمة وإصابات بالغة في الأطراف.