الاستشفاء الرياضي

فايز نصار

()

  • 1 مقال

كاتب وناقد رياضي

في المرمى

الاستشفاء الرياضي

فايز نصّار- القدس الرياضي

يُعرِّف الرياضيون الاستشفاء الرياضي على أنّه عملية إصلاح، وإعادة بناء للأنسجة العضلية المتضررة بعد جهد التمارين والمنافسات، بما يساعد الجسم على التخلص من النفايات الخلويّة، وإصلاح الألياف العضلية الممزقة، وتحسين وظائفها، وذلك عن طريق استخدام العناصر الغذائية من الطعام، والراحة الكافية لإعادة بناء الأنسجة التالفة بشكل أقوى وأكثر قدرة.

ولا أعتقد أنّ الجهد الذي بذله أهل غزّة يقل عن الجهود البدنيّة والنفسيّة، التي تبذل في المجال الرياضي، بما يقتضي المسارعة إلى عمليّة استشفاء شاملة، تساعد المتضررين على الوقوف على أقدامهم، ومداواة جراحهم، وضبط حالتهم النفسيّة، التي تحملت ما تعجز عنه الجبال الراسيات.

كان العدوان قاسياً على شعبنا في غزّة الشموخ، وكان أكثر قسوة على قطاع الشباب والرياضة، الذي ارتقى من كوادره ما يزيد على 700 شهيد رياضيّ، مع تدمير ساديّ لمعظم المرافق الرياضية في جميع محافظات الجنوب، ومحاولة منع عودة الدماء لشرايين الحركة الرياضية بعد انتهاء الحرب المسعورة.

نُقل لنا عبر ما وصلت إليه العدسات مشاهد مأساويّة عن آثار الجريمة، التي فتكت عن سبق إصرار وترصد بكثير من المرافق الرياضية، ودمرت الملاعب، والقاعات الرياضية، ومضامير السباق، ومرابض الخيل.. وصولاً إلى تدمير مقار الأندية، التي تساهم في النهوض الرياضي، الذي كان الغزّيون يتقدمون صفوفه. 

كان العدوان قاسياً، وكانت مخلفاته مأساوية، بما يقتضي البدء فوراً في عملية استشفاء شامل، يصل ترياقه إلى مختلف مجالات الحياة، ومنها المجال الرياضيّ، الذي دفع ثمناً باهظاً، يتطلب عملاً كبيراً حتى يعاود الوقوف على قدميه، ويواصل مساهمته في بناء المشروع الرياضي الكبير، الذي يشكل واجهة لمشروعنا الوطني.

يتطلب الأمر خطّة وطنية شاملة للاطلاع بمهمة الاستشفاء الرياضيّ في غزة، بما يقتضي تشكيل اللجان المهنيّة المختصة، التي تكون أولى مهامها رصد آثار العدوان، بالوصول إلى الرياضيين المتضررين، ومساعدتهم على الاسترجاع المطلوب نفسياً ومادياً، وتخفيف آثار الحرب المسعورة عليهم، مع أهمية التركيز على من تحول العفة بينهم وبين الكشف عن مواطن ضعفهم. 

ويجب أن يشمل المخطط رصد المنشآت الرياضيّة، التي درمها العدو في مختلف مناطق المحافظات الجنوبية، ووضع خطة عاجلة لترميم مع يمكن ترميمه، وخطة بعيدة لإعادة بناء ما لا يمكن ترميمه، مع التركيز على المناطق الأكثر تضرراً، والمرافق الأهم في فترة ما بعد الحرب. 

يتألم الجميع لأوجاع غزة، ويجب على الجميع الانخراط في إعادة بنائها، وينبغي على الرياضيين تقدم الصفوف لتخفيف آثار العدوان، والمشاركة في عملية البناء، التي تحتاج إلى سواعد الجميع، وغير مقبول أن يتخلف حرّ عن شرف المشاركة في مشروع إعادة بناء غزّة في المجال الرياضيّ، وغيره من المجالات.