في المرمى
على رسلك يا عصام
فايز نصّار- القدس الرياضيّ
بسبب البون الشاسع بين قدرات بعض النجوم وتصرفاتهم، قيل: ليت عقل النجم الفلانيّ ربع قدمه، لأنّ موهبة بعض اللاعبين ضاعت في مهاترات ممجوجة، وسقطت قدراتهم في زحمة العراكات والمناكفات، التي لن تزيد في أسهم تألقهم شبراً ولا فتراً.
ولأنّ أيدي حراس المرمى تعمل أكثر من أقدامهم، قيل عن أحد الحراس المشاغبين: ليت سلوكه عشر كفيه، والكلام ينطبق على الحارس المصريّ عصام الحضري، الذي وقع، ولم يعلم أنّه وقع في فخّ برنامج" المجلس" الذي يقدمه الإعلاميّ القطري خالد جاسم على قناة الكأس.
الكلّ يعرف بأنّ سجل الحضري بيه ثريّ، وأنّه حصل على كثير من الإنجازات الفرديّة والجماعيّة، بما يجعله واحداً من خيرة من أنجبتهم ملاعب أمّ الكنانة الولادة، التي قدمت مئات النجوم الموهوبين، الذين ابتسم الاحتراف لعدد منهم، كما حصل مع مجدي عبد الغني، وميدو، ومحمد صلاح، وعمر مرموش، وعبس في وجه آخرين، كما حصل مع النجوم المبدعين محمود الخطيب، ومحمد ابو تريكة، وحسن شحاته، وفاروق جعفر.. وغيرهم .
لا ينكر أحد نجوميتك يا حضريّ، وليس منّا من يقلل من قيمتك، ولكنّك يا عصام لست الهرم المصريّ الرابع، كما وصفت نفسك، عندما فلتت مكابحك في مواجهة استفزاز المحلل العُمانيّ أحمد الرواس، لأنّ نجما مثل بيبو لو أتيحت له فرصة الاحتراف لذهب بعيداً في ملاعب العالم، وكذلك الأمر بالنسبة لتريكة، وفاروق والمعلم، وقبلهم صالح سليم، ويكن، وحجازي، والشاذلي، والجوهري، والقائمة طويلة جداً.
وبعد هؤلاء أين أنت من محمد صلاح صانع التاريخ في البريميرليغ، والذي فرض نفسه بين خيرة أساطير اللعبة، وساهم بحرفيته في كثير من البطولات التي حصل عليها الليفر، مع إنجازات فرديّة لا تتوقف في بلاد الغربة..
هل تقارن لعبك للمريخ بلعب صلاح لتشيلسي وروما وليفربول؟ ليس عيباً أن تعتز بنفسك يا عصام، ولكنّ الأمر لا يجب أن يصل إلى حالة من النرجسيّة القاتلة، والأفضل في كلّ الحالات أن تدع إنجازاتك تتحدث عن تاريخك، وتدع المقارنة بينك وبين غيرك للآخرين، لأنّ مقتل الرجل شططه في الاعتداد والفخر، وتصوره أنّ حواء لم تلد بعده ولا قبله.
يشبه كلام الحضري بيه ما تسمعه أحياناً عن مدرب يريد أن يفهمك أن القالب كسر بعد ولادته، وعن محلل يحبو في مجال الإعلام يرى نفسه المحلل الأول، وعن رئيس ناد يريد أن يفهم الناس بأنّه وحده صنع المعجزات، وعن مسؤول رياضيّ يسوق نفسه على أنّ مثله لم تلد النساء.
لم أسمع عن عربيّ فَخِر بنفسه كما فعل المتنبي، الذي قتله ردٌّ بريءٌ من غلامه مفلح، الذي سأله عندما فكر في الفرار من المعركة: ألخَيْـلُ وَاللّيْـلُ وَالبَيْـداءُ تَعرِفُنـي... وَالسّيفُ وَالرّمحُ والقرْطاسُ وَالقَلَـمُ؟