"في المرمى"... مجزرة في الملعبكتب فايز نصّار- القدس الرياضيمرة أخرى أطل العنف بأبشع صوره في ملاعب القارة السمراء، وأسفر عن مقتل أكثر من مئة مشجع غينيّ، جاءوا للاحتفاء بالدكتاتور مامادي دومبويا، الذي وصل العارضة السياسيّة في كونكري على ظهر دبابة، داست جنازيها صناديق الاقتراع في أدغال القارة المنسيّة!حصل هذا في غنيا كونكري، وهي غير غينيا بيساو، وغير غينيا الاستوائية، وللدول الثلاث منتخبات كرويّة منافسة، وكان يمكن أن تكون أشدّ مراساً لو جمعت الملاعب نجوم الثالوث الغينيّ، ولكن قاتل الله سباقات الكراسي، التي طالما عرقلت التنمية الموعودة في قارة تحبل بالخيرات!كانت الحقبة الاستعماريّة البغيضة فرضت قسمة ضيزى، فتحررت غينيا كونكري من فرنسا، وتحررت غينيا بيساو من البرتغال، وتحررت غينيا الاستوائية من إسبانيا، وكلّ هذه الدول- مثل شقيقاتها الافريقية- تعاني من انقسامات متعددة الأشكال، تلقي بظلالها على المشهد الكرويّ، الذي قد يتسبب خلاف على تسلل فيه بحرب أهلية داميّة.كانت ثاني مدن غينيا نزيريكوري تحتضن مباراة حبيّة، احتفاء بالجنرال مامادي دومبويا، الذي وصل سدة الحكم سنة 2021، وفي رمشة عين تحولت متعة الكرة إلى حرب طاحنة، أسفرت عن مقتل عشرات الأشخاص في اشتباكات داميّة، وصفتها مصادر طبيّة بأنها "مجزرة جماعية".وقال طبيب في احد المستشفيات: إنّ "الجثث مصطفة على مدّ النظر. آخرون ملقون على الأرض في الممرات. المشرحة ممتلئة"، مضيفاً بأن "عدد القتلى يقدر بنحو 100"، مع امتلاء المستشفى والمشرحة بالجثث، فيما أكد طبيب آخر وجود "عشرات القتلى".وأظهرت مقاطع فيديو نشرها المغردون الكثير من الجثث الهامدة، وإحراق غاضبين مركز شرطة نزيريكوري، وفقا لشهود عيان، قال أحدهم: "بدأت الأحداث بقرار مثير للجدل من الحكم. ثم اجتاح المشجعون الملعب".وانتشرت مثل هذه البطولات في غينيا، في خطوة يُنظر إليها على أنها دعم لترشيح محتمل لدومبويا في الانتخابات الرئاسية المقبلة، بما يعتبر زجّاً مقيتاً لرهانات السياسة في ميادين الرياضة، واستغلالاً للمباريات البريئة في خدمة اللاهثين وراء الكراسي.كثيرة هي الهموم التي تثقل كاهل الفقراء في القارة الغنيّة.. ويفترض أن تكون كرة القدم رئة سليمة يتنفس منها السمران، الذين وصلت دقات أقدامهم الكرويّة إلى ملاعب كلّ الدنيا، ولكنّ المغرضون يخططون لتنغيص حياة الغلابى هناك، بتحويل الملاعب إلى منصات سياسية تخدم أجنداتهم الخاصة.