ميتزيلدر: كرة القدم تؤثر في الجميع

لاعب لا يمكن وضعه في خانة معينة. لطالما كان كريستوف ميتزيلدر لاعبا محترفا من نوع مختلف. فغالبا ما تكون كلماته مسموعة وتصريحاته عميقة. وكان مدافع المنتخب الألماني السابق قلب دفاع قوي في النزالات الثنائية وصاحب روح الانتصار. كما شارك في نسختين من نهائيات كأس العالم FIFA حتى أنه خاض مباراة النهائي في دورة 2002. لكنه أيضا ذلك الرجل الذي يفضل دائما التطلع إلى الأفق. 

بالنسبة لابن الثالثة والثلاثين، الذي تنقل بين أندية برويسر مونستر وبوروسيا دورتموند وريال مدريد وشالكه وأنهى مسيرته الاحترافية قبل أحد عشر شهرا، كان عشق الساحرة المستديرة ومازال عنصرا أساسيا في حياته اليومية. لكن ومع ذلك عاد اليوم ليعيش مجددا بشكل مميز. 
وإلى جانب عمله كخبير كروي في قناة "سكاي" ومزاولة مهام رئيس وكالة للتسويق الرياضي وإدارة مؤسسة كريستوف ميتزيلدر التي تقدم في ألمانيا مشاريع التكوين من أجل الشباب، يواصل اللاعب الدولي السابق لعب كرة القدم مع ناد هاو في مدينته الأصلية. 
وقد خصص ميتزيلدر حيزا من وقته لإجراء حديث شيق مع موقع FIFA.com بخصوص قوة كرة القدم ومشاعره حيال المونديال وتطلعاته فيما يتعلق بالنهائيات العالمية في البرازيل إلى جانب متعة أن يصبح المرء مشجعا من جديد ولحيته الشهيرة التي مازال يستحضرها الكثيرون حول العالم خلال البطولات الدولية الكبرى.
سيد ميتزيلدر، هل سيكون لديك لحية المراحل النهائية ابتداء من 12 يونيو/حزيران؟
(يضحك) لقد ولّى أسلوب المتمردين، لهذا أنا أكون في كل الأحوال بلحية الثلاثة أيام. لكن للدعابة فقط، لا يقوم بهذا سوى لاعب محترف حاليا. وأريد أيضا أن أتركها.رأر
ماذا كانت تعني تلك الحركات في السابق؟
لطالما كنت أستمتع كثيراً بالفترة التي أقضيها مع المنتخب الوطني، خاصة خلال الاستعدادات للبطولات الكبرى. مثل هذه التصرفات كلحية المرحلة النهائية توضح بكل بساطة أن الأيام التي نعيشها في إطار المونديال أو البطولة الأوروبية كانت بالنسبة لي مميزة على المستوى العاطفي وتمثل فخرا عظيما. 
هل يمكنك أن تصف لنا في بعض الكلمات أية مشاعر يعيشها اللاعب في هذه الأسابيع خلال النهائيات العالمية؟
كان ذلك مثل رحلة طويلة. عندما يخوض المرء التحضيرات في أول معسكر تدريبي، تغمره فرحة كبيرة. فهناك يحصل على ملابس خاصة وحقيبة وألبسة جديدة للتمارين. صحيح أنها مسائل صغيرة لكنها تبرز أنك جزء من منتخب. وبعد ذلك يدرك المرء يوما بعد آخر الأهمية التي تحملها البطولة المقبلة بالنسبة للفريق لكن أيضا بالنسبة للوطن وكرة القدم العالمية. فكل واحد يزيد توتره شيئا فشيئا حتى أول مباراة في دور المجموعات. وعندما يلعب في أول ملعب يشعر أن العالم يشاهده.
مقبلون الآن على مونديال البرازيل، أرض الساحرة المستديرة. هل تتمنى لو أنك أصغر سنا ببضع سنوات؟
لقد ولّى عهدي، وبدأ الآن فصل جديد من حياتي لكن وبالطبع هناك لحظات يتمنى المرء فيها أن يكون مازال لاعبا محترفا. لكنني خضت غمار المونديال في نسختين وكنت قريبا في مناسبتين من الوصول للقب حتى النهائي (المشاركة في نهائي 2002، ومباراة تحديد المركز الثالث في دورة 2006). وستظل هذه الذكريات حاضرة في ذهني!
ما هي النقاط التي يختلف فيها المنتخب الحالي عن ذلك الفريق الذي لعبت معه؟
أعتقد أنني كنت من جيل انتقاليّ. عندما نتكلم عن فريق مونديال 2002 فنحن نتكلم عن مجموعة متمرسة بلاعبين شباب مثل سباستيان كيل وجيرالد أسامواه وميروسلاف كلوزه وأنا. وفي مونديال 2006 كانت لحظة التحول. لدينا الآن جيل يملك موهبة هائلة ولاعبين رائعين بمؤهلات عالية وثقة مبهرة في النفس.
هل يمكن اعتبار ذلك عيبا أيضا؟
يمكن ليواكيم لوف بفضل مراكز التكوين الخاصة بكرة القدم الألمانية أن ينهل من خزان عظيم. إنه امتياز كبير. لكن يمكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث محنة داخل الفريق، بسبب الكثير من القرارات الصعبة والمؤلمة التي يتعيّن عليه اتخاذها. ولطالما كان التماسك من أهم المواصفات الألمانية!
ماذا تتوقع أن يحقق الألمان في البرازيل؟ هل يمكنهم الفوز باللقب؟
مبدئيا، يجب علينا دائما أن نتوقع أي شيء من الألمان! ويمكنني التأكيد على ذلك بنفسي علما أنني أنحدر من جيل أقل موهبة لكنه كان دائما يصل إلى دور متقدم. وفي هذه المرة يضاف إلى الاستعداد والتنظيم المثاليين، الجودة الكبيرة التي يتمتع بها الجيل الحالي. وأتوقع أن نكون مجددا ضمن المربع الذهبي على أقل تقدير.
ومن مهم في رأيك المرشحون الآخرون للفوز باللقب؟
البرازيل في جميع الأحوال. وحتى المنتخب الأسباني يبدو مستقرا، لكن مازالت أظن أنه من المستحيل الفوز بأربعة ألقاب كبرى على التوالي. وقد تطور الفريق البلجيكي بشكل رائع، ومن أمريكا الجنوبية أتوقع أن تصل الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي إلى مراحل متقدمة.
من المؤكد أن تكون الإثارة في الموعد؟ كيف ستتابع مونديال 2014؟
بكل صراحة؟ سأتابعه هذه المرة كمشجع عادي وأنا متشوق كثيرا لذلك. وسأشاهد كل البرنامج من ألمانيا ومن أجل ذلك خصصت الكثير من الوقت من أجل مشاهدة جميع مباريات الدور الأول – كما كنت أفعل في شبابي. 
تُعتبر إنسانا يفضل أحيانا أن يتطلع إلى الأفق. ماذا تعني لك كرة القدم؟
رافقتني كرة القدم طوال حياتي تقريبا. قبل 28 سنة اصطحبني صديق لي في روض الأطفال إلى التدريبات ومنذ ذلك لم أفارق هذه الرياضة. وأنا مدين لها بكل شيء.
ما الذي يجعلها فريدة هكذا؟
في أبسط أشكالها يمكن أن تلعب كرة القدم في جميع أنحاء العالم بشيء مستدير مثل الكرة بين لاعبين على الأقل. وخاصة وفق نفس القواعد. وهنا يكمن هذا السحر. فكل واحد منا سبق له أن داعب كرة القدم في حياته ويفهم القواعد ويمكن أن يميز بين ما هو سيء وجيد. كرة القدم ليست حصرية بل هي في قلب المجتمع. ابتداء من رئيس في البورصة وصولا إلى عامل بسيط، الجميع يحتفل ويتعاطف معها – والكل فيها سواسية. 
كيف تستمتع بكرة القدم في الوقت الحالي؟
في نادي موطني توس هالترن، وهو نموذج النادي الألماني الهاوي حيث تلعب كرة القدم في أنقى أشكالها بالكثير من الشغف والشرف. بعد نهاية مشواري عدتُ إلى الأصول. إن كرة قدم الهواة تعيش بالشغف والمتعة دون الجانب المهني في كرة القدم الاحترافية. وقبل كل شيء أنا مشجع عاشق لنادي توس هالترن حتى النخاع!
هل مازالت تلعب كرة القدم؟
شاركتُ في الصيف الماضي في الاستعدادات وبطولة المدينة والمباريات الرسمية الأولى. ليس لدي وقت لذلك الآن، حيث يقتصر على عملي كمساعد مدرب فريق شباب يلعب في دوري محلي وأحاول إدارة التمارين مرة واحدة في الأسبوع. إلى ذلك، يوم الأحد مقدس بالنسبة لي إذ أتكفل بشباب توس هالترن ابتداء من الساعة 11 قبل الظهر، وبالكبار انطلاقا من الثالثة بعد الظهر. 
يواجه لاعب كرة القدم المحترف كل يوم ضغط آمال الجماهير وضرورة الظهور بوجه جيد. هل يجعل الشوق وكل ما يفرضه من تفكير وتأمل كثير هذه الحالات أصعب؟
نعم، يمكنني قول ذلك. فمسألة أنني كنت أفضّل الانشغال دائما بأشياء أخرى جعلت مني ربما لاعبا محترفا بامتياز. لكنني لم أتمكن من الارتقاء بشكل دائم إلى مستوى اللاعب العالمي. بالنسبة لفصل الحياة الذي بدأته الآن كان ذلك في المقابل امتيازا. 
ورغم ذلك، فضلا على بوروسيا دورتموند وشالكه لعبت أيضا لنادي ريال مدريد...
كانت بلا شك محطة مميزة في مسيرتي. وحتى عند زيارتي في الوقت الحالي لمدينة مدريد ألاحظ: 'لعبت يوما لريال مدريد وسيظل دائما بيتك'. ودائما ما يكرس النادي هذا الشعور أيضا. علاقتي مع أكبر وأنجح ناد في العالم – بصفتي أيضا كمشجع يحق له التصويت – تربطني معه بكل فخر.