في المرمى
في حاجة غلط
فايز نصّار
بحسابِ الِنسبةِ والتَناسبِ تَتَصدرُ البحرينُ جدولَ ترتيبِ ميدالياتِ أولمبيادِ باريس، الذي وَلى دبُرَهُ قبلَ أيام، والتَعليل أنّ البحرينَ- التي لا تقاسُ مَساحَتُها، ولا يُقارنُ عددُ سكانِها بملِكَتيّ الذهبِ الباريسيِّ، أَمريكا والصين- شاركت بِوفدٍ رياضيّ، يتكونُ من 12 لاعباً فقط، فنالَ كلُّ ستةٍ منهم ذَهبية، فيما نالَ كلُّ عشرةِ أمريكيين تقريباً ذَهبية، على اعتبار أنَّ العَم سام اجتاحَ الأولمبياد ب 388 رياضيّ. سَيَقولُ لكَ المُستغرِقونَ في اللغةِ: ولكنَّ ذَهبيتيّ البَحرين أتت بِعضلاتِ المُجنسين، والقولُ حَقٌّ إذا عَممنا الأمرَ، وحاسبنا كلَّ الوُفودِ الرِياضيِةِ المُشارِكةِ على دَمِّ وجينات رِياضييّها، ولنَبدأ بالمُضيفَةِ فرنسا، التي تتغذى ببطولاتِ الوافدين – طوعاً أو كَرهاً- من مستعمراتِها القَديمة، فتأكُلُ عَرَقَهُم في المِلاعبِ، وتَحرِمهم حتى من حقِّ ارتداءِ المَنديلِ في حفلِ الافتتاح! فرنسا هذه من أكبرَ الدُولِ استفادةً من مَياعَةِ نُظمِ التِجنيسِ الرِياضيّ، ولكم أن تتصفحوا وجوهَ لاعبي مُنتخبِ فرنسا الكُرويّ – الأٌولمبيّ وغير الأُولمبي- لتُحَدِثكُم عن أُصولِهم، ولتتأكدوا أنَّ بَينَهُم بعضُ البعضِ فقط من سلالةِ بونابرت وريمون كوبا، والأمرُ ينسحِبُ على معظمِ الرياضاتِ الأُخرى، باستثناءِ ما فعلهُ الحوتٌ مارشان! يأخذُ الكثيرونَ على دولةِ قطر هدرَ المالِ في تَجنيسٍ غيرَ مُجدٍ، كونّه لم يمنح الدولةَ الغنيّةَ ولو تعادلاً في مونديالِها، ولم ينجح بتأهيلِ العِنابيِّ ولو مرةً للنِهائياتِ في المَيدان، وهذا صحيح، إذا زدنا عليهِ أنّ مُعظمَ المُجنسينَ يتَرعرعون في أكاديميةِ اسباير، وأنّ الخِطَطَ البعيدةَ قد تأتي بنتائجَ كثيرة إذا استمرَ هذا النهج. وفي المقابل، دونت الدَوحةُ اسمَها على مَنصاتِ التتويجِ الأولمبيّةِ، فنالت تسعَ ميدالياتٍ، من بينها ذَهبيتان، فرضتا عَزفَ النشيدٍ القَطريِّ على منصاتِ التتويجِ الأولمبيّة، فيما لم يَقترب معظمُ جيرانِ قطر من هذا الرَقم، رغم كثرةِ الأَموالِ في خَزائنهم، حتى أنّ العراقَ العَريق نالَ في مُشاركاتِهِ برنزيَةٍ واحدةٍ فقط! أمّا السعوديّة، التي تبحثُ عن موطئِ قدمٍ تحتَ شمسِ الأولمبياد، فلا يزيدُ رصيدُها الأولمبيّ عن فضيتين وبرونزيتين، رغمَ وَفرةِ الأصفرِ الرَنّان، وكَثرةِ النجومِ، وبناءِ دُررِ المُنشآتِ الرياضيّةِ، وتواجدِ خيرةِ خُبراءِ الرياضيةِ الوافدين، وتوفرِ القرارِ السياسيِّ الداعم! أكيد" في حاجةَ غلط"، ولست من يَملكُ خاتمَ سليمان لتزويدِ الإخوةِ السعوديين بالتَرياقِ الناجعِ، ولكن ماذا لو أكثروا من التَجنيسِ الرياضيّ، الذي بدأت خُطواتُهُ فِعليَاً، ضمنَ سِياسةِ رُؤيا 2030 ؟ ولماذا لا يَستثمرون في أبناءِ الجاليات، من المُقيمين، وعددُهم قد يصلُ إلى 15 مليون؟ حسناً فعلَ السُعوديون بضخِ المالِ في ملاعبِ الكُرة، بما حَسَّنَ مستوى الدوري هناك، ولكن لماذا لا تُستثمر نصفُ الأموالِ المُهدورة على الكُرةِ في الرياضاتِ الأُخرى، وخاصةً أمّ الالعابِ والسباحة، اللتان تبيضان ذهباً أولمبيّاً وَفيراً؟ وقبل ذلك: ماذا لو صُرفت الأموالُ التي دُفعت للدون رونالدو على تَأهيلِ نجومٍ مُواطنينَ ومُجنسين؟ أليسَوا مُؤهلينَ لجَلبِ النَفائِسِ الأُولمبيّةِ للسعوديّةِ، فيما لم يجلب العجوز رونالد غير الشو؟ الكلامُ المُباحُ كثيرٌ في هذا الملف، والأهم أن يُنفقَ الإعلاميون الرِياضيون العرب نصفَ حِبرِهم في طرحِ هذا الملف، بدل مواصلةِ العزفِ على قولِ ما يريدُهُ المَسؤولون، ولو أخفقوا !