في المرمى
أيقونةُ الجَزائِر
فايز نصّار
واجَهتِ الفَقرَ بِبَيعِ فُتاتِ الخُبزِ على الأَرصِفة، لقد واجهتِ المستقبلَ بقَبضةٍ قَويةٍ، للانتقامِ من واقعٍ صَعبٍ، وعالمٍ لا يَرحم، لقد واجهتِ العالمَ بإيمانِ امرأةٍ واثقةٍ، وبإيمانِ روحٍ قويةٍ.
لقد واجهتِ المُتنَمرينَ، وخُبراءَ الوَهمِ بصبرٍ من الفولاذ، وقوةٍ مُذهلةٍ، لقد واجهت التاريخَ من أجلِ مَجدك، ومجدِ بلدك، الذي صرخَ بأعلى صوتك.
لقد واجهتِ الفرح، وعَزَفتِ النشيدَ الوطنيّ لقَسما، حيثُ بدا ثَقيلاً على باريس، وقد رفعتِ مُستوى الشهداء، ممن ارتفعتِ براعةً، وروعةً في أعينِهم.
لقد تَعاملتِ مع جيلٍ من الشبابِ، بإعطائِهم الحَقَّ في الحُلمِ بليلةٍ أولمبيّةٍ ذهبيّة!.. شكراً إيمان الجزائريّة بنت الناسِ المُلهِمة.
بِهذِهِ الكلمات، هنأَ الشاعِرُ الجَزائريُّ عِزّ الدين ميهوبي أيقونَةَ الَمرأةِ الجّزائريّة، التي تّلقت - كما قال الكاتب الكويتيّ عبد العزيز العنجريّ - لكَماتِ العَالم، فكَظَمَت الغَيظَ بِنبلِ الفرسان، ورَدَّت على اللاكِمين تَحتَ الحزام فَوقَ الحَلَبَة.
لا أدري إن كان لدى صُنّاعِ السينما في الوطنِ العربِيّ بعضِ الوقتِ لفيلم دراميّ عن قِصةِ إيمان، التي ذَكرتني – وما كنت ناسياً- بحِكايةَ إيمان حِجو، التي قَمَّطَتها الصَواريخُ بالدَمّ الزكيّ، قبلَ أن تَعرِفَ معنى الحُلم، أو تُفكِرَ في ابتسامةٍ بريئَةٍ على أكنافِ بيتِ المقدس، والفرق أنّ القتلَ هُنا بقذائفِ الدبابات، وفي بلادِ سوزان بكَيدِ اللَكمات.
أقترحُ هنا على صديقي عزّ الدين أن يُفكرَ في عَملٍ جديدٍ يضافُ إلى مكتبةِ إبداعاتِه، فنسمع فُصولَ قِصةِ سليلةِ التيهرتيين، التي هزّت عرشَ الفنِّ النَبيل، وبُحِثَ مَلفُها على أعلى مُستوياتِ السياسةِ بين المَسؤولين غيرِ المسؤولين في هذا العالم الظالم، نُريدُ واحدةً مثل رائعةِ حيزيّة يا أبا العزّ.
الأدوارُ كثيرةٌ في قصةِ إيمان، ولها قبلَ غيرِها البُطولَةَ المُطلَقَة، تاركةً أدوارَ الكومبارس لبَكاءَةِ ايطاليا انجيلا كاريني، ومّغضوبةِ المّجر لوكا هاموري، مع دورٍ جانبيٍّ لرئيسٍ يخططُ لتفجيرِ العالم، إن عبسَ في وجهِهِ الصندوقُ مرةً أُخرى.
قَديماً، غيرت الخولةُ بنت الأزورِ دورَ المرأةِ العربيّةِ بكفاءةٍ واقتِدار، وقبلَ 40 سنة فتحت المُتوكلة المغربيّةُ أبوابَ نُبوغِ شَقائقِ الرِجال العَربيّات في الميادين، بما شَكَلَ إلهاماً للجزائريّةِ بولمرقة، والشاميّة شعاع.
تجدُ أختُ المَرجَلةِ العربيّةِ اليومَ نفسَها أمامَ نَموذجين مُتقدمين، يجِبُ أن تُفتحَ ملفاتِهِما على مَدارجِ الجامعات، التي تضيعُ الوقتَ في التسحيجِ والتطبيلِ، وبيعِ الوهمِ للخريجين.
الدرسُ الأولُ اتت به جَزائِريّة ولدت في الغُربة، وهناك جَرحَها أهلُ البيتِ في أغلى ما تملكُ من مَهارة، مدَّعينَ أنّها لن تقومَ لها قائمةٌ، من التهابٍ في المَفاصل، فتحركت الجيناتُ الجزائريّةُ في أحشائِها، فجلبت كيليا بنتُ نمور الذهبَ لمن يَستحقونَ الذهبَ.
ولمّا تلقت إيمان خليف لكماتِ المعادين، عضّت على جُرحِها، وزادت في جرعاتِ تدريبِها، فكان فصلُ الخِطابِ بنشيدِ" قَسماً" الذي لاحقَ أحفادَ ديغول إلى قلبِ باريس.
كثيرةٌ هي النَماذجُ المُتقدمةُ، التي صنعتها المرأةُ العربية قديماً وحديثاً، والمشكلةُ أنَّ مجتمعَ العكيد أبو شهاب ما زال ينظرُ لبنتِ حواء نظرةً غيرَ عادلة.