في المرمى
العشاءُ الأَخير
فايز نصّار
ما زالت تردداتُ حفلِ الافتتاحِ المائع تثيرُ جدلا، مشوباً بالغَضب، لما تضمّنهُ الحفلُ الباريسيّ في بعضِ فقراتِهِ اللامسؤولة، بما جعلَ اللجنةَ المنظمة تُكثرُ من الاعتذارات لاحتواءِ المَوقف.
اعتذرت اللجنةُ لكوريا الجنوبية، لأنّ مسيرةَ القواربِ في السين مَسحَتها عن الخارطة، واعتذرت اللجنةُ عن ارباكِ المُواصلات، وعن غلطةِ علمِ الأولمبيادِ المقلوب، وعن غلطةِ نَشيدِ جنوب السودان، ليكون الاعتذارُ الأَهم عن مشهدِ" العشاءِ الأخير" الذي تناولّ جوانبَ عقائديّة بسخرِيَةٍ مُسيئة.
ملخصُ الحكاية، أنّ الحفلَ تَضمنَ محاكاة للوحةِ العشاءِ الأخير، للسيد المسيح والحواريين، التي أبدَعَها الفنانُ ليوناردو دافينشي، بعرضِ مشاهدَ تحملُ ايحاءاتٍ جنسيةٍ لفنانينَ متحولين جنسياً، بما أثارَ غَضباً واسعاً، لأنّهُ - كما ذهب الكثيرون – إساءةً للمعتقداتِ الدينيةِ المسيحية.
خُذ مثلاً، ما قاله رئيس رابطة الدوري الإسباني خافيير تيباس: "هذا غيرُ مقبول، وغيرُ محترم، لوحةُ العشاءِ الأخير في أولمبيادِ باريس إهانة للمسيحين"، فيما ذهبت ماريو مارشال، العضوُ في الاتحادِ الأوروبيّ إلى كونِ جميعَ المسيحين شعروا بالإهانةِ من هذهِ المحاكاةِ الساخرة.
والأهم هنا أنّ أساقفةَ الكنيسة الكاثوليكية في فرنسا استنكروا الاحتفال، الذي "تضمنَ مشاهدَ السخريةِ والاستهزاءِ بالمسيحية".
بصعوبة حاولَ مُنظمو الدورة، امتصاصَ الغضب، واعتذروا للكاثوليكِ، وللطوائفِ المسيحيةِ الأخرى، بسببِ اللوحةِ الفنيةِ الهزلية، التي أثارت استياءَ الكنيسةِ الكاثوليكية، فقالت المتحدثةُ باسمِ الألعاب إن ديكا: "بالتأكيد لم تكن هناك نية على الإطلاق لإظهارِ عدمِ الاحترام لأيِّ طائفةٍ دينية.. حفلُ الافتتاح حاولَ الاحتفاء بقيم التسامح".
ووصلَ الغضبُ العارمُ إلى معظمِ الطوائفِ في جميع البلدان، لأنّ الخيرين توقعوا أنَّ الحَفلَ عرضٌ عائلي، سيُشاهدُهُ الجميع، وإلا كان يجبُ على المنظمين، التحذيرَ مسبقاً بأنَّه مخصصٌ لمن هم فوق الثامنة عشرة، مع وضعِ علامةٍ حمراء على البث، حتى يخرجَ أبو العبد من مأزقِ سؤالِ حفيدته - التي ستدخلُ الروضةَ بعد أيام - عن الرجلِ الملتحي ذي الثديين!
هذا السؤال، وأسئلةٌ كثيرةٌ مثله، لا يمكنُ أن يجيبَ عليها إلا مخرجُ العرض توماس جولي، ومن سهلَ له تمريرَ مظاهرِ النشازِ المُسيئةِ للكثيرين.