بعد ثورة كرة القدم العصرية
أدوار جديدة لحراس المرمى المتألقين مع الأندية والمنتخبات
المحرر الرياضي
الحلقة الأولى
يحظى حراس المرمى بأهمية كبيرة من قبل المسؤولين والمحللين والجماهير، لما لهم من دور حاسم في المباريات، حتى أنّ المحللين يحسبون الحارس نصف الفريق، فيما يجاهر كثير من نجوم الملاعب، بأنّهم لا ينظرون خلفهم، إذا كان الحارس الفلاني في فورمته.
ويذهب كثيرون إلى كون الحارس هو جنديّ الفريق المجهول، لثقل المهمة التي توكل له، لأنّه آخر مسؤول عن منع الكرة من هزّ الشباك، ومن عنده تنطلق الهجمات العصرية، ويكفي أن يتألق الحارس في منع هدف من فرصة صعبة لشحن فريقه بالمعنويات، التي تساهم في تحسن المستوى، فيما قد تتسبب زلة للحارس في إرباك الفريق بأكمله!
لذلك أصبحت الفرق تولي اهتماما متزايدا لحراس المرمى، وتخصص لهم المدربين المؤهلين، الذين يخصصون للحراس تدريبات استثنائية بعد تدريبهم الجماعيّ مع الفريق .
الحارس مظلوم دائماً
ولا ينظر الكثيرون إلى دور الحراس في حسم النتائج، ويبقى الحارس كالمصور وراء الكاميرا، لأنّ الأضواء تسلط على المهاجمين، الذين يغيرون مسار المباريات بأهدافهم الحاسمة .
ولا يتذكر الكثيرون الحراس عندما يحققون النتائج المذهلة، وعلى العكس فإنّهم يحمّلون الحراس مسؤولية الخسائر، ويُوجه لهم النقد اللاذع من قبل الجمهور والصحافة، رغم أنّ الحارس ليس وحده المسؤول عن الخسارة.
ولعل خير مثال على تحميل الحارس مسؤولية الخسارة، ما حصل مع حارس البرازيل باربوزا في مونديال 1950، حيث عاش الرجل حياة صعبة، والسبب أنّ الإعلام والجمهور حملوه مسؤولية الخسارة أمام أورغواي بهدفين لهدف أمام ما يقرب من ربع مليون متفرج، اكتظ بهم ملعب ماراكانا .
مؤهلات الحارس
وحتى يتألق الحارس في المباريات يجب أن يكون في الفورمة، التي تمثل أعلى درجات جاهزية عوامل الإنجاز، الفنية، والبدنية، والتكتيكية، والنفسية.. والموهبة حاسمة بالنسبة للحارس الناجح، حتى يقوم بدوره على أكمل وجه، ولكنّ الموهبة يجب أنّ تثرى بالخبرة في التعامل مع المواقف الصعبة في المباريات، ليأتي الدور على الشجاعة، وحسن التوقع، دون نسيان الجاهزيّة البدنية، التي تُنمى بالمواظبة على التدريب.
ويجب أن يمتلك الحارس حسن البديهة، والهدوء، والرؤيا الجيدة، ودقة التقدير، وكلّها عناصر تثرى بالخبرة والمراس، بما يعني أنّ الحارس بحاجة إلى الموهبة الفطرية، والمواظبة، والعمل، والخبرة والمراس، وكل ذلك لن ينفع إذا لم تكن ثقة الحارس بقدراته عالية.
الحارس لاعب ماهر
وأصبح الحارس في الكرة الحديثة لاعباً ماهراً، وهو بحاجة إلى جميع مهارات اللاعبين الآخرين، مع جاهزية متطلبات حارس المرمى، يقول الحارس التاريخي للسوفييت ليف ياشين: " حارس المرمى يجب أن يكون لاعب كرة قدم ممتاز، ليحصل على غريزة اللعب الجماعي، بالإضافة إلى مميزات حارس المرمى" ولعل ما يؤكد رأي ياشين أنّ قوانين الفيفا أصبحت منذ عقود تمنع الحارس من مسك الكرة في كثير من الحالات، لذلك لا بدّ على الحارس من التدرب على المراوغة، والمناورة، وللتمرير، والتسديد، ولعب الكرة بالقدمين والرأس، وغيرها من فنيات المدافعين والمهاجمين.
ويلعب الحارس دوراً نفسياً مؤثراً في حسم المباريات، لأنّه إذا نجح في التصدي لتسديدة صعبة، أو انفراد واضح يحصل على معنويات، تساهم في شحنه، وشحن زملائه إيجابيا، وعلى عكس ذلك فإذا تلقى الحارس هدفاً من كرة سهلة قد يساهم في تحطيم معنوياته، ومعنويات جميع لاعبي الفريق، وربما خرج مرماه مثقلاً بالأهداف.
مهام جديدة للحراس
والمعروف انّ خطط كرة القدم القديمة كانت تعتمد على كثافة المهاجمين، بما كان يزيد من مهمة الحراس، ولكنّ تطور أساليب الدفاع حدّ من خطورة المهاجمين، بسبب الصراعات التكتيكية في الخطوط الخلفية، حيث أصبحت معظم الفرق تدافع بعيدا عن مرماها، باعتماد أسلوب الدفاع المبكر، وتخصيص أكثر من لاعب في الارتكاز، بما جعل الحراس بحاجة أكثر لدراسة الأوضاع وتوجهات اللعب، بدل اللجوء إلى التدخلات البهلوانية، التي رأسمالها الشجاعة والبسالة والاستعراض .
ويتحمل الحارس مسؤولية كبيرة في النتائج، التي يحققها الفريق، يقول جان فيليب في كتابه عن حارس المرمى: " إنّ مسؤولية حراسة المرمى صعبة، لأنّها مسؤولية الحركة النهائية والحاسمة، والتي بعدها يتحدد مصير المباراة بأكملها، فكلّ ما بناه اللاعبون من أهداف خلال المباراة، يمكن أن يهدم بمجرد أن يقبل حارس المرمى هدفاً" لذلك فإنّ مصير المباراة في يدّ هذا الرجل، لأنّ زلاته لا يمكن تداركها .
الحارس أيوب الملاعب
ولعلكم تذكرون أننا عندما كنا صغارا، لم نكن نقبل اللعب في مركز الحراسة، لأننا كنا نعتقد أنّ هذا المركز لا يؤدي إلى التألق والبروز، ومع ذلك يعكف المدربون على اختيار أفضل اللاعبين مهارة وقدرة على السيطرة على الكرة لمركز حارس المرمى، حتى أنّ هناك معاهد خاصة أسست لإعداد الحراس، كمعهد فيشي في فرنسا.
والملاحظ أنّ كثيراً من الحراس لا يظهرون إلا بعد سن ال 25، لأنّ الخبرة عامل حاسم في مسيرة الحارس، وإذا كان حارس البي اس جي الايطالي دوناروما قد برز صغيرا، فإنّ أغلب حراس المرمى لم يتألقوا مبكرا، ومنهم حارس مصر التاريخي أحمد شوبير، الذي لم يحصل على فرصته كاملة إلا بعد بلوغه سن ال 25، ولكنّه صبر على مقاعد البدلاء، حتى سميّ بأيوب الكرة المصرية، وذلك بسب تألق اكرامي والمرحوم ثابت البطل، ولكنّه عندما أثبت نفسه سحب البساط من تحت أقدام الكبيرين.