ازدواجية معايير الفيفا وصبغ الرياضة بالسياسة

الرياضية أون لاين / غزة - كتب : حسام الغرباوي

فصل جديد من سياسة الكيل بمكيالين ينتهجها الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" تجاه التعامل بازدواجية المعايير والأهواء في القضايا والاحداث وصبغ الرياضة بالصبغة السياسة كالحالة التي تابعناها قبل عدة أيام على خلفية الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا يطبق فيها القوانين بقوة على روسيا وسمح برفع يافطات وشعارات وأعلام تساند أوكرانيا في الملاعب الرياضية كانت محرمة ومجرمة سابقاً عندما ساند عدداً كبيراً من اللاعبين العرب والأجانب القضية الفلسطينية في مواجهة الجرائم الإسرائيلية الممنهجة ضد الرياضة الفلسطينية، أم أن الأمر عندما يتعلق بدولة أوروبية فإنها تلتمس بذلك العذر وتختلق ثغرات بقوانينها وضوابطها وان كان الأمر يخص فلسطين أو دولة عربية فإنهم يخرجون بعقاب وقوانين عنصرية وتدل على ازدواجية التعامل، حتى أنهم يتجاهلون بشكل غير مبرر الجرائم والانتهاكات التي يقترفها الاحتلال الإسرائيلي من عنصرية وهمجية تجاه منظومة الرياضة الفلسطينية، والتي تتطلب موقفاً دولياً حازماً يضع حداً لتلك الجرائم من خلال تعليق عضوية الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم بالفيفا باعتباره شريكاً لصمته المتواصل على تعنت حكومته تجاه أحد الاتحادات الوطنية الأعضاء بالاتحاد الدولي للعبة.

وقرار منع أندية روسيا ومنتخباتها من المشاركة في كافة البطولات يجب أن يقابله منع للأندية والمنتخبات الإسرائيلية من المشاركة في البطولات ومعاقبة الاحتلال على ما يقترفه من انتهاكات لم تتوقف يوماً عن الرياضة الفلسطينية، حيث وسعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي دائرة عدوانها على الحركة الرياضية الفلسطينية، بعد أن رأت أن شمسها قد سطعت، وأنها سجلت حضوراً قوياً ورافق هذه الإنجازات رفع العلم الفلسطيني وعزف النشيد الوطني الفلسطيني في كل المحافل الرياضية، فتعمدت سلطات الاحتلال قصف مقر اللجنة الأولمبية الفلسطينية على بحر السودانية بمدينة غزة بطائرات F16 وتسويته بالأرض ليصبح أثراً بعد عين عام 2008، بالإضافة إلى منع وعرقلة تشييد البنية التحتية للمنشآت الرياضية، وتدمير عدد كبير من المنشآت القائمة ومنها مقر الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم شمال قطاع غزة وهو أحد مشاريع الفيفا في فلسطين ومرفوع عليه علم "الفيفا" وتم استهدافه بشكل سافر، إلى جانب ذلك كان اقتحام مقر الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم في الرام عدة مرات وموثق بفيديوهات شاهدها الجميع في تحدٍ صارخ لقوانين وضوابط "الفيفا"، وتدمير ممتلكات العديد من المؤسسات والأندية والمراكز الرياضية، وإغلاق البعض منها، ومنعها من ممارسة نشاطاتها، واستهداف حياة اللاعبين والإداريين ليرتقي العديد منهم شهداء، وعملت أيضاً على تقييد حرية انتقال وسفر الرياضيين، وزجت بأعداد كبيرة منهم في السجون والمعتقلات، ناهيك عن منع وعرقلة دخول الوفود الرياضية العربية والدولية إلى فلسطين، واحتجاز الأدوات والمعدات في الموانئ، ولم تتوقف الانتهاكات عند هذا الحد بل أنشأت ما يسمى بـ "أندية المستوطنات" الغير شرعية كأحد أدواتها لخدمة الاستيطان وابتلاع المزيد من الأرض الفلسطينية وهي تلعب بالدوري الإسرائيلي في انتهاك مخالف للقوانين الدولية الرياضية وغير الرياضية، إضافة إلى لعب مباريات رسمية على ملعب "تيدي" بالقدس المحتلة عاصة دولة فلسطين.

وكل هذه الممارسات لسلطات الاحتلال الإسرائيلي موثقة لدى لجان شكلها الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم برئاسة الفريق جبريل الرجوب لرصد وتوثيق الانتهاكات والجرائم الإسرائيلية بحق الرياضة والرياضيين الفلسطينيين، وتم مخاطبة الجهات ذات الاختصاص بالفيفا بكافة المستندات والوثائق، ولكن تهدف سياسة المحتل الإسرائيلي إلى محاولة اغتيال الحركة الرياضية الفلسطينية التي تمثل أحد الرموز الوطنية الفلسطينية كجهة ترعى قطاع الشباب الذي يعول عليه تشييد المستقبل الفلسطيني لتنتهك بذلك كل المواثيق والأعراف الدولية، وعلى وجه الخصوص الميثاق الأولمبي والنظام الأساسي ولوائح الاتحاد الدولي لكرة القدم، وحتى الاتفاقيات والمبادئ الناظمة لحقوق الإنسان، وتجاهل "الفيفا" كل هذه المعاناة في سياسة غريبة عن الرياضة التي تعتبر لغة المحبة والسلام والتسامح بين الشعوب، ولم يقف الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم صامتاً أمام العنجهية والصلف لسلطات الاحتلال الإسرائيلي وعمل بكل ما أوتي من قوة لتطوير الرياضة الفلسطينية بإمكانياته وبدعم ومساندة الأشقاء العرب وأحرار العالم لمواصلة مسيرة النهضة التي خطها أبطالنا الرياضيين بعرقهم ومعاناتهم.

وما حدث مع على خلفية الحرب بين روسيا وأوكرانيا من الاتحاد الدولي لكرة القدم كان الأجدر أن يحدث مع إسرائيل كقوة احتلال تمارس كل الأساليب التي تتنافى مع المواثيق والأعراف الرياضية والإنسانية بحق الرياضة الفلسطينية بجرائم وممارسات يندى لها الجبين، وكل ذلك موثق لديهم، وأخذ قراراً من الاتحاد الدولي لكرة القدم تجاه إسرائيل من البداية لردع انتهاكاتها كان سيشكل ردعاً لكل من يحاول تشويه الصورة الجميلة والرسالة السامية للرياضة ويمنع سياسة الازدواجية بالمعايير والكيل بمكيالين من الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" والتي شجعت إسرائيل على التغول على الرياضة الفلسطينية وأعطت المساحة الكافية لغيرها لممارسة نفس هذا الدور المتنافي مع قيم ومبادئ الرياضة، مما يجعلنا أمام مشهد جديد بمنظومة "للفيفا" تتدخل فيه المستويات السياسية المتنفذة بالقرار الرياضي والذي من المفترض أن يكون على مسافة واحد من كافة الاتحادات الوطنية المنضوية تحت مظلته.