من القلب.. إلى غازي الغريب

أمجد الضابوس

(كاتب)

  • 1 مقال

كاتب

الرياضية أون لاين : أمجد الضابوس
لا أعرف من أين أبدأ الكتابة عن الإعلامي المخضرم غازي الغريب الذي رحل عن دنيانا بعد رحلة عامرة مع صاحبة الجلالة، صال وجال خلالها بين العديد من الصحف والمجلات المحلية والعربية. فكل الكلمات تقف عاجزة أمام "أبو كامل" الذي كان بمنزلة عامود الخيمة في بيتنا الإعلامي الرياضي الكبير.
لم ألتقه كثيرًا، وهذا كان أكثر ما افتقدته خلال عملي الإعلامي، ورغم ندرة اللقاء بيننا، كنت على يقين بأنّ مُجالسة "أبو كامل"، الكاتب المتمرّس، كانت تشكل منبعًا ينهل منه كلُّ باحث عن العلم والمعرفة، ليس في الرياضة فحسب، بل في شتى المجالات، بفعل ثقافته الواسعة، وتجاربه وخبراته، التي راكمها من بكدّه واجتهاده ومجالسة روّاد الإعلام وفي طليعتهم نجيب المستكاوي القامة الإعلامية العملاقة في بلاد الكنانة.
وإن كان يجوز لي أن أمنح "أبو كامل" وصفًا، فلا يليق به إلا ما كان يليق بأستاذه المستكاوي، الذي كان رائد الإعلام الرياضي المصري والعربي، وأُستاذنا "أبو كامل" هو رائد إعلامنا الرياضي الفلسطيني، بما امتلكه من قدرات مذهلة، قلّ أن تجتمع في كاتب واحد، وهو الذي أجاد فنون الكتابة بمختلف ألوانها، فغير لغته الفصحى، كان يُتحفنا بأسلوبه الساخر، ويشدُّنا بأسلوبه الأخّاذ في الكتابة العامية.
كتب "أبو كامل" العديد من الأعمدة الصحفية، وكان يختار أسماءها بعناية مدهشة، وحينما كتب ذات مرة عموده "من القلب" تساءلت عن السر الذي دفعه لانتقاء هذه التسمية، إلى أن عرفت أن كلماته كانت تخرج من القلب، وأن لكل كلمة نكهتها التي تشبه طعم الفاكهة الشهيّة.
ومع "أبو كامل" كان للعصبية معنىً آخر غير الذي نكرهه، فعصبيتُه وحبُّه للأزرق الرفحي وأندية قلعة الجنوب، لم يؤثر على حبه وانتمائه المتجذّر لفلسطين، الذي ورثه من فتحاويته الأصيلة، فكان يتفاعل مع كل إنجاز يتحقق في أندية مدننا وقرانا ومنتخباتنا المحلية ويقدم نفسه كمشجع للكل الفلسطيني.
هكذا عرفت "أبو كامل"، وحين يكون رحيله وهو بهذه السجايا والمآثر، ندرك حجم الفراغ الكبير بعده، ولكن عزاءنا الوحيد يبقى في كلماته النابعة من القلب ومواقفه الوطنية الراسخة، وإرثه العظيم الذي تركه.
رحم الله أُستاذنا غازي الغريب. ولأبنائه، زملائنا الأعزاء، جميل الصبر وحسن العزاء.