الفلسطينيون يتحسّرون على تأخر قرار الفيفا بشأن أندية المستوطنات

نقلا عن موقع المونيتور :

عندما اعتلى رئيس جمعية كرة القدم الفلسطينية جبريل الرجوب المنصة في 11 أيار/مايو خلال المؤتمر السابع والستين للاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، شعر القادة الحاضرون بالإحراج.

وكانت حركات رئيس الفيفا جياني إنفانتينو الجسدية تعبّر بوضوح عن حالته. ردّاً على تأجيل الفيفا لقرار حول الطلبات الفلسطينية بمنع ستة أندية من مستوطنات إسرائيلية عن اللعب في الضفة الغربية المحتلة، قال رجوب: "هذه المرة الخامسة التي أتوجه فيها إلى المؤتمر، وأنتم تقولون إنّ الوقت لم يحِن لاتخاذ قرار." وقد بُثّ اجتماع الجمعية العامة للفيفا الذي دام خمس ساعات مباشرة وأُضيف إلى أرشيف موقع يوتيوب.

وتابع الرجوب هجومه قائلاً: "سبق أن عاقبتم بلداناً مثل النيجيريا والكويت لأنّ حكوماتها تدخلت في إدارة الاتحادات المحلية."

رفض الرجوب الخضوع لتكتيكات التخويف التي يستعملها رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي طالب في 8 أيار/مايو أن يسحب إنفانتينو الطرح الفلسطيني لمنع نوادي المستوطنات عن جدول الأعمال.

أضاف: "إنّ تدخّل رئيس الوزراء الإسرائيل في قرار الاتحاد واضح هنا."

حاول إنفانتينو الذي فشل في تنحية الطرح الفلسطيني الذي قُدّم قبل شهرين في اللحظة الأخيرة تفادي الموقف. بعد أن أمّن في 9 أيار/مايو إجماع المجلس التنفيذي على التصويت على تأجيل المسألة لسنة كاملة، قدّم للمندوبين طرحاً لاتخاذ قرار في غضون عام. لم يحبط اعتراض الفلسطينيين على منع قوانين الفيفا المشاركة في اللحظة الأخيرة عزيمة رئيس الفيفا الذي سارع إلى وضع قراره لتصويت فوري.

ولتفسير قرار المجلس، قال إنفانتينو إنهم لم يتلقوا بعد التقرير المكتوب النهائي للجنة مراقبة الفيفا حول إسرائيل والأراضي الفلسطينية، علماً أنّ الوزير الجنوب إفريقي السابق طوكيو سيكسويل يرأس اللجنة.

تمّ تعيين اللجنة خلال المؤتمر الخامس والستين للفيفا لتفادي تصويت على المسألة نفسها. ولكنّ الفلسطينيين سحبوا اقتراحهم حينها، إذ تأمّلوا خيراً بسيكسويل الذي هو قائد سابق مناهض للعنصرية، ظناً منهم أنه سينصر العدالة والحق.

وقال جيمس دورسي، خبير كرة القدم، في مقال نشر في 8 أيار/مايو على موقع "لنكد إن" إنّ مسودة تقرير لجنة مراقبة الفيفا يختتم بما أسماه توصيات غير كاملة أي "السماح باستمرار الوضع الراهن أو إعطاء إسرائيل ستة أشهر لتصحيح الوضع أو استئناف المحادثات بين اتحادي كرة القدم الإسرائيلي والفلسطيني." وفي خطابه الموجز أمام المؤتمر السادس والستين، تمسّك الرجوب بالنقطة الثانية في توصيات سيكسويل وتوجه إلى الممثلين الـ199 الذين اجتمعوا في المنامة، قائلاً إنّ فلسطين مستعدة لإعطاء الإسرائيليين فترة قصيرة من الوقت لإنهاء توغلهم. وأضاف "إننا نوصي بمنح الاتحاد الاسرائيلي لكرة القدم حتى نهاية الموسم الحالي او ستة أشهر كحد أقصى لإنهاء مبارياتهم على الأراضي الفلسطينية وإلّا فليتحمّلوا العواقب."

وقال الرجوب إنّ اقتراحه ليس حلاً سياسياً. وأضاف: "هذا ليس حلاً سياسياً بل حلّاً رياضياً. وسيحدث التسييس إذا رفض المؤتمر هذه الفكرة وسمح لإسرائيل بمواصلة انتهاكها الصارخ للمادة 14-1 (ط) من قوانين الفيفا."

وعلى الرغم من نداءات الرجوب العاطفية ومحاولاته لحجب التصويت في اللحظة الأخيرة، إلا أن طلب المجلس بتأجيل أي قرار حتى آذار/ مارس 2018 حصل على تأييد 73٪، وتُعتبر هذه النسبة أقل بكثير من نسبة تأييد جميع القرارات الأخرى، مثل ميزانية الفيفا ورفع الحظر على الألعاب الودية العراقية، الذي تمت الموافقة عليه بواقع 90٪ من الأصوات.

وقالت سوزان شلبي، نائبة رئيس اتحاد كرة القدم الفلسطيني، للمونيتور إن الوفد الفلسطيني فرح بمعارضة 50 ممثلاً لقيادة الفيفا. أضافت: "هذا الأمر يؤثر فينا ويشجعنا على الاستمرار في مسيرتنا النضالية." والجدير بالذكر أن التصويت سرّي، لذلك فمن المستحيل معرفة مَن صوّت لصالح القرار ومَن صوّت ضده.

وأصرت شلبي على أن ما فعله رئيس الفيفا في المؤتمر يشكّل انتهاكاً للوائح الاتحاد. وقالت إنّ "قرار اللحظة الاخيرة يتعارض تماماً مغ ما تسمح به قوانين الفيفا التي تتطلب من جميع الممثلين أخذ الوقت الكافي لدراسة قرار قبل التصويت عليه" مضيفةً أنّ الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم سيطعن في القرار أمام محكمة التحكيم الرياضية.

وانتقد بيان صحفي أصدره الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم بعد وقت قصير من اختتام المؤتمر الـ67 وحصل المونيتور على نسخة منه "القرار الغامض" قانونياً. وتابع البيان: "إننا نخشى ان يشكل عمل إنفانتينو اليوم سابقة لتقرير الحكومات جدول أعمال مؤتمر الفيفا وانتهاك القوانين وسوء استخدام الأجهزة القانونية."

وبعد المؤتمر، تحدث إنفانتينو مرة أخرى عن هذه القضية في مؤتمر صحفي عُقد في المنامة في 11 أيار/مايو. وأوضح أنّ المجلس التنفيذي لم يتلق بعد تقريراً مكتوباً. قال: "لست سعيداً أننا لم نتخذ قرارا. لسنا الوحيدين الذين لم يتخذوا قراراً." وقال إنفانتينو إنه متفائل إزاء التقارير الإعلامية الأخيرة حول تطورات عملية السلام. "نأمل أن يجد الرئيس [دونالد] ترامب حلاً. إذا كان لديه طرح جيد، يمكنني أن أستعمله في الفيفا أيضاً."

إن فشل كيان رياضي دولي في اتخاذ قرار بشأن عدم احترام أعضائه لقوانين الفيفا يعكس مرة أخرى الضغط السياسي الهائل الذي تمارسه إسرائيل باستمرار على مختلف الهيئات العالمية لفرض السيناريو الإسرائيلي. ولا يبدو لاعتراف الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية بأنّ المستوطنات الإسرائيلية غير شرعية تأثير كبير. إن الإسرائيليين قادرون على استخدام علاقاتهم الوثيقة مع واشنطن لتخويف السياسيين والمنظمات لتجنب اتخاذ القرارات. ويبقى السؤال: إلى متى ستسمح الفيفا بهذا التخويف السياسي بالتحكم بالرياضة، على الرغم من تكرارها أنه ينبغي ترك اللاعبين والمشجعين يستمتعون باللعبة من دون تدخل سياسي؟