رأفة بقضاة الملاعب

في المرمى
رأفة بقضاة الملاعب
فايز نصّار- القدس الرياضي
قبل أيام كان الحديث الهاتفيّ ذا شجون مع المحاضر والمقيّم الآسيويّ المجتهد مهيوب الصادق، الذي وافق على شرح بعض القضايا التحكيميّة، من خلال إطلالة خاصة في القدس الرياضيّ، فيما توافقت معه على أنّ كلّ المستحدثات التقنيّة، والتعديلات القانونيّة لم تسطع الوصول إلى تحكيم مثاليّ، لأنّ كثيراً من الجزئيات ترتبط بتقديرات البشر.
تتواصل أزمات التحكيم، من خلال الجدل الغاضب في الدوري الإنجليزي، وفي الاتهامات التي تتزايد في "لاليغا"، وفي إصدار نادي الزمالك بياناً، يطلب فيه خبير تحكيم أجنبيّ يُدير لجنة الحكام، وإلا فإن الوضع مرعب كما جاء في البيان.
صنع ريال مدريد الحدث، برسالة غير مسبوقة إلى الاتحاد الإسباني، معبّراً عن غضبه الشديد تجاه الأداء التحكيميّ في مباراة إسبانيول، ومطالباً بإجراء تغييرات جذريّة في النظام التحكيميّ، ووصل الأمر إلى المطالبة بالحصول على تسجيلات محادثات الحكام خلال المباراة، وتحديداً في لقطة عدم طرد روميرو، والهدف الملغى لفينيسيوس، متهماً الحكام بـ"التلاعب" و"التزوير"، ومطالباً بـ"إصلاح هيكلي" شامل للنظام التحكيميّ الإسبانيّ، الذي وصفه بأنه "فاسد" و"مختل" و"غير نزيه".
بسرعة عقدت لجنة حكام إسبانيا اجتماعاً، حيث انتقد رئيس اللجنة كانتاليخو الحكام، بسبب الأخطاء الجسيمة، التي وقعت خلال المباريات، مشدداً على ضرورة تفادي مثل هذه الهفوات.. وبسرعة أعلنت اللجنة معاقبة عشرة حكام، من بينهم حكم الساحة رويز، ومسؤول تقنية الفيديو فيلانويفا، اللذان شاركا في إدارة مباراة إسبانيول والريال.
والحقّ يقال: إن تدخل اللاعب روميرو على مبابي كان خطيراً، ويستحق الطرد، فيما لا مشكلة في إلغاء هدف فيني بسبب مخالفة على مبابي نفسه، والمشكلة هنا أنّ غلطة الحكم هذه ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، وكلّ الفرق تضررت أو استفادت من هذه الأخطاء، ومنها ريال مدريد، الذي ظهر وكأنّه محصن حين حرم سيلتا فيغو ضربة جزاء امام الريال، وعندما نجا تشواميني وفينيسيوس من البطاقة الحمراء في نهائي السوبر، دون نسيان قصة ركلة الجزاء على إسبانيول نفسه في مباراة الذهاب.
لا خلاف على أنّ قضية التحكيم أزلية ومستمرة، ولن تتوقف ما دامت ترتبط بإنسان يخطئ ويصيب، حاله كحال حارس المرمى والمدافع والمهاجم والمدرب، والخلاف على مسارعة لجنة حكام إسبانيا لإعلان عقوبات غير مسبوقة على مجموعة من الحكام، بما قد يضعهم تحت الضغط في المباريات الكبرى، فتتأثر قراراتهم سلباً أو ايجاباً.
والخلاف أيضاً على ضرورة احترام مشاعر الحكام، بمعالجة ملفاتهم بعيداً عن الإعلام، والحفاظ على سريّة العقوبات، التي لا نعترض عليها، لأنّهم يتقاضون أجوراً مقابل عملهم، ويجب أن يحاسبوا. والخلاف الأهم ضرورة تحصين الحكام في مواجهة تصعيد الأنديّة، التي يجب إجبارها على مراعاة أحاسيس قضاة الملاعب، ومعاقبة الأندية التي لا تضبط كلماتها، تماماً كما يعاقب اللاعبون والمدربون، ممن ينتقدون الحكام بقسوة.