الجريمة الرياضيّة
في المرمى
الجريمة الرياضيّة
فايز نصّار- القدس الرياضي
تغيرت ملامحُ لاعب جبل المكبر محمد أبو خديجة كثيراً، بعد خروجه من سجون الاحتلال الساديّة، التي قضى فيها 18 شهراً، بما يشير إلى الوضع السيء، الذي قضاه نجم الكرة في غياهب السجن، والمعاملة القاسيّة التي تعرض لها من سجانيه.
قد أحسن الله بأحمد إذ أخرجه من السجن، ليذكِّرنا الخبرُ بسبعة عشر لاعباً اعتقلوا في الضفة منذ السابع من تشرين أول 2023، فيما لا توجد إحصائيات لعدد الأسرى الرياضيين من القطاع، بسبب سياسة التعتيم التي ينتهجها الاحتلال على أسماء وأعداد أسرى غزّة.
قبل الحديث عن الأسرى الرياضيين، تشير إحصائيات اتحاد كرة القدم غير النهائية إلى ارتقاء 454 شهيداً من أبناء الحركة الرياضيّة والكشفيّة منذ بداية العدوان، وأسماء هؤلاء موثقة، ومنهم 313 لاعباً، وبينهم 87 شبلاً، و226 شاباً، وبينهم أيضاّ 51 كشفياً، و90 إدارياً مسيراً رياضياً.
الأرقام كثيرة، ولا يتحدث عنها الكثيرون، لأنّ الجريمة أدت إلى ارتقاء ما يقرب من خمسين ألف شهيد على جبهتيّ فلسطين ولبنان، وأدت إلى تدمير مئات المنشآت الرياضيّة، لأنّ الاحتلال يصبّ آلة حقده على معالم الحركة الرياضيّة والشبابيّة، ويحاول محو مقدرات شعبنا الرياضيّة، كما فعل بأبي الملاعب الغزّيّة اليرموك، الذي حوله إلى معتقل ساديّ شاهد فظاعته العالم.
أقول: شاهد فظاعته العالم، ولكنّه لم يحرك ساكناً، كونه تعود على مشهد الإبادة، ويرى ما يحصل في العالم بعين واحدة، لأنّ التقارير لم تثبت أنّ روسيا تقتل الرياضيين، وتدمر المرافق الرياضيّة، وتحول الملاعب إلى معتقلات، ومع ذلك تعرضت إلى عقوبات مغلَّظة من المؤسسات الرياضيّة الدوليّة، وحُرم الرياضيون الروس من المشاركات الدوليّة، الأمر الذي لم يطبق على دولة الاحتلال، لأنّ في سياسة المؤسسات الدوليّة" عِزة ومِعزة".
تخيلوا معي لو أنّ دولة ما مسّت رياضياً أمريكياً، أو بريطانياً ، أو فرنسياً، ماذا سيكون الردّ؟ أكيد ستتحرك الاساطيل، ويشنّ وحش الجوّ الغارات، لأن حقوق الإنسان في الغرب تصدح، وإذا زارت بلادنا تصبح بكماء.
في بداية الحرب كثرت مبادرات رفض الحرب في ملاعب العالم، وشاهدنا ملامح تضامن شعبيّ معزول في منطقة الباسك، واسكتلندا، ولكنّ الأمر كان محدودا.. وحتى ما نشاهده في الملاعب العربيّة لا يعبر عن غضب شامل في جميع الملاعب، ويقتصر على جماهير بعينها في عدد من الدول، وكم تمنيت لو أنّ لوحة التيفو الرائعة، التي جسدها مشجعو الاتحاد السعوديّ في ديربي جدة لمَّحت لشيء من العدوان على الرياضيين، أو لو تسربت لمباراة الأهلي والعين همساتٌ حول الموضوع؟
لك الله يا فلسطين، وعند الله تجتمع الخصوم، وبإذن الله سيتوقف العدوان، وسيعود رياضيونا إلى الملاعب، ويسمعوا العالم صوت التألق الفلسطيني من جديد.