ملعب اليرموك ... شباك المرمى و غرف اللاعبين ملاذ النازحين !!!
الرياضية أون لاين : غزة - ماهر الزر
عندما نتحدث عن ملعب اليرموك فهذا يعني أننا نتناول النقطة المضيئة تاريخياً لرياضتنا الفلسطينية فهذا الملعب لا يعتبر مجرد إستاد يضُم ملعباً وأبنية ومرافق رياضية بل يُعتبر بمثابة مهداً للحضارة التاريخية للرياضية الفلسطينية فهو يعتبر من أقدم الملاعب الفلسطينية حيث تم إنشاؤه منذ ما يزيد عن السبعون عاماً وتحديدا عام 1952م ويتسع لقرابة تسعة آلاف متفرج، ولقد تم ولادة هذا الملعب كبيراً حيث تم إفتتاحه بإستضافة وحضور نادي القرن الإفريقي النادي الأهلي المصري، وإن كان هذا الملعب كبيراً بعطائه الرياضي لوطننا فالآن أصبح يُقدم دوراً إغاثياً للوطن من خلال إستضافة أرضيته للعديد من خيام النازحين الذين نزحوا بفعل الحرب ووجدوا من أرضية هذا الملعب حاضنةً وملجئ لهم.
لقد كان لهذا الملعب دوراً بارزاً في ترسيخ الهوية الفلسطينينة وتوحيدها داخلياً فإن ساهمت الظروف السياسية بإحداث عزِل جغرافي بين المحافظات الشمالية والمحافظات الجنوبية فقد ساهم هذا الملعب بإصلاح ذلك فهذا الملعب يعتبر بمثابة الملعب البيتي الأول لأندية المحافظات الجنوبية التي كانت تستضيف على أرضه أندية المحافظات الشمالية في العديد من المباريات النهائية الحاسمة، كما أن هذا الملعب إستضاف اللقاء التاريخي بين فريق منتخب العاصمة القدس في مواجهة فريق شباب غزة (نادي غزة الرياضي) عام ١٩٦٩م لتتوحد بواسطة هذا الملعب الهوية الفلسطينية المنعزلة جغرافياً لتتوحد المحافظات الشمالية والجنوبية على أرضية هذا الملعب ولتتمكن من خلاله الرياضة من إصلاح ما أفسدته السياسة بواسطة ملعب اليرموك
. إن هذا الملعب حاضراً بقوة على المستوى الخارجي للرياضة الفلسطينية فقد إستضاف العديد من الفرق الرياضية العربية خلال فترة الخمسينيات والستينيات أبرزها فِرق قوات المشاة والقوة الجوية المصرية، كما إستضاف حديثاً على أرضيته أندية الوكرة القطري والوحدات الأردني والفيصلي والجزيرة.
لم يشهد هذا الملعب مجرد عقد اللقاءات الكروية المحلية والخارجية بل كان لهذا الملعب دوراً بارزاً في تأسيس المنظومة الرياضية الفلسطينية، فقبل تأسيس الإتحاد الفلسطيني لكرة القدم كان هذا الملعب يعتبر المقر الرئيسي لرابطة الأندية الفلسطينية التي كانت تعتبر المرجع الرسمي للرياضة الفلسطينية، وبعد تأسيس الإتحاد الفلسطيني لكرة القدم أصبح المقر الرئيسي للإتحاد ولجانه حيث كانت الرياضة الفلسطينية يتم إدارتها من داخل أسوار هذا الملعب العريق الذي كان أيضاً مقراً رئيسياً لوزارة الشباب والرياضة الفلسطينية ليكن بذلك لهذا الملعب دوراً بارزاً في نشأة المؤسسات الرياضية الفلسطينية.
لم يقتصر عطاء هذا الملعب على الدور الرياضي بل كان لهذا الملعب دورٌ إجتماعي حيث كان يُقام على أرضيته الإحتفالات والمهرجانات الوطنية الكبرى فقد أقِيم على أرضه المهرجان التاريخي الخاص بإستقبال قيادة السلطة الوطنية الفلسطينية عند قدومها لأرض الوطن عام ١٩٩٤م ليكن بذلك لهذا الملعب دورٌ إجتماعي يُقدمه لوطننا وأبنائه. إن هذا الدور الرياضي الإجتماعي لهذا الصرح التاريخي كان يرافقه أيضاً دورٌ وطني فقد تعرض هذا الملعب التاريخي للتدمير خلال حرب ٢٠١٢م نتيجة قصف الجهة الجنوبية له والمدرجات الشرقية وخلال الحرب الحالية تعرض لقصف تسبب بأضرار واسعة وبليغة لكافة مرافقه، ومع ذلك فإن ملعب اليرموك إن لحق به الدمار وتسبب ذلك بغياب ملامح مرافقه الرياضية فإن ملامحه الوطنية حاضرة من خلال إستضافة أرضية هذا الملعب لعدد كبير من خيام النازحين الذين لم يجدوا لهم مكاناً لإيوائهم سوى أحضان هذا الملعب التاريخي الذي تحول مركزاً لإيواء أبناء وطننا الحبيب. ختاماً فإن ملعب اليرموك بدوره الرياضي الوطني التاريخي الإجتماعي سيبقى مهداً ومعلماً للحضارة الرياضية الفلسطينية، وبتحوله لمركز إيواء فهو بذلك يجسد أسمى صور الدور الإنساني للرياضة التي وجدت لترسيخ قيمنا الإنسانية التي أخرجها بأبهى صورها هذا الصرح الفلسطيني الشامخ بما يقوم به من دور إغاثي للإنسانية ممثلةً بالنازحين من أبناء فلسطين.
اقرأ ايضا
- لاعب "الفدائي" محمود أبو وردة: الكرة الليبية أعادت مجموعة من اللاعبين الفلسطينيين للحياة
- ارتقاء اللاعبين الشقيقين محمد ومحمود خليفة في استهداف منزلهما بالنصيرات
- صرخة النازحين تعلو بالخيام ولا مستجيب لها
- فلسطين حاضرة في ملعب ويمبلي خلال مواجهة إنكلترا وأيرلندا
- على أرض اليرموك .. تعانقت الذكريات المجيدة مع الآلام والنكبات الجديدة