على أرض اليرموك .. تعانقت الذكريات المجيدة مع الآلام والنكبات الجديدة
على أرض اليرموك ..
تعانقت الذكريات المجيدة مع الآلام والنكبات الجديدة
كتب/ أسامة فلفل
سيظل ملعب اليرموك التاريخي، الذي أحتضن ابطال الرياضة الفلسطينية عبر محطات التاريخ، هذا الصرح الرياضي الشامخ ، الذي تتكسر على أرض صموده موجات الظلم والتحدي والتشرد، سيظل زاخرا بالأمجاد التى سطرها الأبطال والرواد الرياضين وسفراء الرياضة الفلسطينية ، وفلذات أكباد الوطن المسفوح الذين أجبرهم الاحتلال الصهيوني على النزوح القسرى لملعب الشعب التاريخي وموطن الامجاد والذكريات الخالدة.
اليوم من قلب مفطور وموجوع على حجم المأساة والمذابح والمجازر التى ارتكبت بحق شعبنا وأهلنا الصامدين بمحافظة الشمال الذين أشعلوا فينا روح الشهادة والاستشهاد ببطولاتهم وثباتهم وصلابة إرادتهم وصمودهم امام آلة البطش والدمار الصهيونية المدمره.
اليوم هذه العائلات المنكوبة المهجرة والنازحة من محافظة البطولة والفداء محافظة شمال غزة التى اتخذت من ملعب اليرموك مكان اقامة لها أمام صمت الصامتين وتخاذل المتخاذلين ، لسان حالهم يشكوا لله ظلم الظالمين.
اليوم أبطال شعبنا يكفنون بورقة التاريخ ، وخيام النازحين والمشردين من المحرقة الصهيونية والهولكوست الجديد يحطون بملعب اليرموك التاريخي، لتتعانق الذكريات المجيدة مع الآلام والنكبات الجديدة.
كل هذه الأوجاع لأهلنا الصامدين الصابرين الذين يلتحفون الأرض ويفترشون السماء بملعب اليرموك ، ستكتب هذه الملحمة الفلسطينية فصول ومناهج التاريخ، وستدرس للأجيال القادمة، وستبقى في ذاكرة الأجيال الفلسطينية وضمير أحرار العالم.
أهلنا بمخيم النزوح بملعب اليرموك يعبرون عن عمق الآلام والجراح الغائرة التى لا يمكن أن تندمل نتيجة لحجم المأساة والجريمة التى اقترفها الاحتلال الصهيوني بحقهم والإمعان في قتل الأبرياء والأطفال والشيوخ والنساء وارتكاب أفظع المجازر والمذابح التى لم تشهدها البشرية عبر التاريخ.
نحن واثقون بروح الثبات والصمود سوف نعبر سدود التحديات.
الجميع يدرك حجم الأوجاع والظروف المأساوية لأهلنا في كل مخيمات النزوح ، ولا سيما في مخيم ملعب اليرموك الذي يحتضن أهلنا النازحين من محافظة شمال غزة، ظروفهم المأساوية لا توصف ، لا يمكن أن يستوعبها العقل البشري ، فقدان الأهل والجيران والأقارب والأصدقاء وهدم المنازل فوق ساكينيها، وعدم معرفة أخبار ذويهم وأحبابهم ، واختطاف شبابهم وأبنائهم وعوائلهم وإخراجهم تحت النار والبارود عنوة وبقوة النار ،كل هذا غصة بالحلق لا يزول إلا بزوال الاحتلال الغاصب وملاحقته أمام المحاكم الدولية ومحاسبة مجرمي حرب الإبادة.
اليوم هؤلاء النازحين بمخيم ملعب اليرموك لا يجدون أبسط أمور الحياة العادية ، لا كهرباء، لا ماء، لا غذاء ' لا دواء ، لاغطاء لا خيام تقيهم برد الشتاء وقساوة الظروف و الأيام ، ولا المستلزمات الضرورية .
نعم الحسرة والآلام لا توصف ، والدمعة غليظة والموت الأسود يتربص بالجميع دون رحمة على مرآى ومسمع العالم الغائب الصامت المتخاذل.
ليعلم كل شذاذ الأرض أن أبطال الشمال والجنوب والضفة والجنوب اللبناني لن تقهرهم المذابح والمجازر البشعة ، بسلاح الصمود والصبر والثبات وقوة الإرادة والإيمان العميق سيعبرون ويقهرون أعدائهم ، وسيظل التاريخ يكتب حكاية ملعب اليرموك ومحطات نضاليه تاريخية.
ملعب اليرموك ياسادة ياكرام المدمر الذي طال الاستهداف كل مر افقة ومدرجاته، و حوله الاحتلال لمقر للشبح والاعتقال والقتل والتحقيق لم يكن المنشاة الرياضية والشبابية الوحيدة التى طالها الدمار والخراب، بل امتد العدوان لكل مؤسسات واندية الوطن والبنية التحتية والصالات الملاعب ومقرات ، اللجنة الاولمبية والاتحادات الرياضية ، واتحاد كرة القدم الفلسطيني.
ملعب اليرموك المعقل والصرح الرياضي الشامخ
احتضن وعبر محطات التاريخ أبطال وسفراء الرياضة الفلسطينية المشاركين بالبطولات الاقليمية والدولية
والدور ات العربية والاسيوية بعد نكبة العام ١٩٤٨م حتى نكسة العام ١٩٦٧م، كما واحتضن احتفالات أعياد النصر والجلاء التي كانت تقام في ٧ مارس و١٤ مارس و٢١ مارس بمناسبة الجلاء عام ١٩٥٦م ، كذلك كان الحاضة لدوري المدارس لكافة المراحل العمرية للألعاب الرياضية (كرة قدم ، سلة ،طائرة، ألعاب قوى ،جمباز ، تنس الطاولة) على مدار عقود طويله بالاضافة إلى الاحتفالات والمهرجانات الرياضية الختامية السنوية التى كانت تقيمها مديرية التربية والتعليم.
ملعب اليرموك التاريخي احتضن المهرجان المركزي لاستقبال الشهيد القائد الرمز ياسر عرفات ١٩٩٤م .
ملعب اليرموك كان المقر الرئيس لرابطة الاندية المرجعية الرياضية
للرياضة الفلسطينية في السنوات العجاف، ابان سنوات الاحتلال . ولجانها (المسابقات ،
الحكام ،ومقر مجلس الإدارة ) كما واحتضن كل فعاليات ونشاطات رابطة الأندية من فترة السبعينيات حتى قدوم السلطة.
في ذات السياق احتضن ملعب اليرموك اللقاء التاريخي عام ١٩٦٩م (لمنتخب القدس) مع شباب غزة (غزة الرياضي).
احتضن مهرجان مبعدي مرج الزهور واستقبل الأندية وفرق الضفة الفلسطينية والفرق الرياضية العربية خلال فترة الخمسينيات والستينيات أبرزها سلاح المشاة والمدفعية والقوة الجوية والمعهد العالي للتربية الرياضية ومنخبات المحافظات المصرية بالاضافة إلى دورات المدربين تحت اشراف الإدارة المصرية ، كما واحتضن فرق الوكرة القطري والوحدات الأردني والفيصلي والجزيرة ونجمة سيناء مع قدوم السلطة الوطنية الفلسطينية.
كان ملعب اليرموك المقر الرئيس لوزارة الشباب والرياضة منذ التأسيس وإداراتها ومديرياتها.
شهد ملعب اليرموك وعلى مدار عقود طويلة كل البطولات واللقاءات الرسمية والودية بالاضافة إلى أنه كان المقر الرئيس لاتحاد الفلسطيني لكرة القدم ولجانه بعد قدوم السلطة الفلسطينية.
ختاما ....
سيظل ملعب اليرموك التاريخ مهما تعاظمت التحديات وكبرت التضحيات مركز اشعاع ومعقلا من معاقل البطولة والوطنية والصمود وسيذكر ملعب اليرموك التاريخي دوما في سجلات وصحف وكتب المؤرخين وكتاب الأعمدة والمقالات الرياضية والوطنية ملاحم الصمود والبطولة، وحتما سيعود اليرموك كما كان واجه رياضية حضارية، وسواعد وزنود وهمم الأبطال ستعيد بناء وإعمار ما دمرته الحرب والعدوان .
اسامة محمد حافظ فلفل.
كاتب وباحث ومؤرخ.
30\10\2024
اقرأ ايضا
- ملعب اليرموك ... شباك المرمى و غرف اللاعبين ملاذ النازحين !!!
- داخل مخيم ملعب اليرموك..مع قرب الشِّتاء.. نازحون من شمال القطاع يشتكون من صعوبة الحياة
- "ملعب اليرموك" عندما تكون الصورة بألف كلمة..!
- الفدائي ابو سل قصة مكتملة الاركان بطلها ملاكم تحدى الآلام والاحزان
- ملعب اليرموك بغزة شاهد على وحشية الاحتلال الاسرائيلي