فوق الصافرة

في المرمى
فوق الصافرة
فايز نصّار- القدس الرياضي
مسكين المتنبئُ الجويّ، الذي يرصد للناس أحوال الطقس، لأنّ لعنات الناس تنصب عليه إن جانب التوفيق توقعاته، فيما يذهبون إلى "أنّهم يعرفون هذا مسبقاً" إن أصابت تنبؤآته، وفي الحالتين يشبه صاحبنا من زار ابنتيه في نابلس وأريحا، فلما عاد سالته أمّ البنين عن أحوالهما، فقال لها: ابك إن أمطرت، وإن أشمست".
يُسقطُ هذا على صاحب الصافرة، الذي يقضي بين اللاعبين في ميادين الجلد المنفوخ، كونه مغضوب عليه من الجماهير أياً كانت النتائج، وحتى لو خرجت المباراة بنتيجة توافق تطلعات الجمهور، سيسأله البعض عن ثوان من الوقت المحتسب بدل الضائع، وعن رمية تماس جانبه التوفيق في احتسابها، فلا "هو مع ستي بخير، ولا مع سيدي بخير".
يذهب الكثيرون إلى تخوين الحكام، ويتهمونهم بالضلوع في التآمر على فرقهم، ومحاباة فرق بعينها، لأنّهم يعتقدون أنّ هذه الفرق فوق الصافرة، والغريب أنّ كلّ طرف يتهم الطرف الآخر بالاتهامات نفسها.
معظم أنصار برشلونة يعتقدون أنّ صافرة الحكام تدوي وفق تطلعات مدريد، وفي ذهنهم ذكريات لا يتوقفون عن استعادة مشاهدها، حول مواقف تحكيميّة "مغرضة" وخاصة أيام حكم الملك فرانكو، الذي كان من أكبر أنصار الملكي، كما أنّك لن تستطيع اقناع أنصار الميرينغي بأنّ الحكام لا يحابون برشلونة، ويقعون تحت ضغط شماعة تظلمه التحكيميّ التاريخيّ، وفي يدّ هؤلاء دليل لم تثبته المحاكم في قضية فساد نيجريرا، الذي كان برشلونة يتعامل مع مكتبه في استشارات تحكيميّة، رغم كونه نائب رئيس اللجنة الفنيّة للحكام.
كانت أخطاء الحكام كثيرة قبل استحداث تقنية الفيديو المساعد، ولكنّ هذه الخطوة لم تقضي على جميع الأخطاء، لأنّ كثيراً من قرارات الحكام ترتبط بتقديرات البشر، ودليل ذلك الجدل الذي لا يتوقف حول هدف جمال، الذي لم يحتسب في كلاسيكو الموسم الماضي.
مثل هذه المناكفات حول التحكيم، والاتهامات المتبادلة حول الاستفادة من أخطائه موجودة بين مناصري الأهلي والزمالك، وبوكا جونيورز وريفر بليت، والهلال والنصر، واليونايتد والسيتي، وإنتر وميلان.. وتلك لعمري من مصادر الإثارة والمتعة في كرة القدم.
ولا تتوقف المسألة على الجماهير، لأننا في عالم من غريب، تُشكله مجموعة متنوعة من المتشككين، بدءاً من جوزيه مورينيو إلى دونالد ترمب، ونظريات المؤامرة التي تغذي وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تنبت من الأرض الخصبة المتبقية بعد نهاية فيروس كورونا.
ومع محطة جديدة من إثارة الكلاسيكو بين الريال وبرشلونة يأمل عشاق اللعب الجميل أن ينسى الجميع الحكام، وأن يقدم نجوم الفريقين وجبة كرويّة تعزز إنجازات الفريقين، وتنسي الشارع الرياضيّ الإسبانيّ ذكريات الأخطاء البيِّنة، التي كثيراً ما أثرت في نتائج المباريات، وساهمت في تغيير اتجاه البطولات.