صرخة غوارديولا الهادئة
في المرمى
صرخة غوارديولا الهادئة
فايز نصّار- القدس الرياضي
يقول المثل:" من شابه أباه، ما ظلم" وفي الأمر وفاء وانتماء، تشبهه مقولة: " كلّ فتاة بأبيها معجبة"، بما ينطبق على ابنة غوارديورلا" ماريا" التي المثل، فأثَّرت في أفكار والدها، الذي تعرَّف على المجتمع الشرقيّ عن قرب، عندما لعب لفترة مع النادي الأهلي القطريّ. تعبر ماريا بيب عن تضامن غير محدود مع الشعب الفلسطيني، بما يعكس انحياز قطاع الشبيبة في الغرب لفسطاط الحقّ، وقد أكدت موقفها مرمراً بتوشحها الكوفيّة الفلسطينيّة، التي أصبحت رمزاً للحرية بين الشعوب.
أكثر من مرة حوّل بيب فلسفته من الملاعب إلى الميادين السياسة، معبراً عن حزنه من الظلم الذي يحصل في العالم، وخاصة في الشرق الأوسط، بسبب الحروب التي تشنها إسرائيل، والتي ضربت الأمن والسلام العالميّ في مقتل.
استغل مدرب السيتي، الفيلسوف بيب غوارديولا المؤتمر الصحفي قبل لقاء فريقه مع ولفرهامبتون بصرخة هادئة حول ما يحصل في العالم، قائلاً: إن ما يحدث في العالم اليوم من حروب يعود في المقام الأول "لاعتقادنا أننا أفضل من الآخرين، وهذا ليس حقيقيا".
وأضاف معلقاً على الحروب القائمة في العالم: " هناك أشخاص يعتقدون أنهم أفضل بالنظر للمكان الذي ولدوا فيه، والعالم كبير للغاية، ويجب أن تكون منفتح الذهن"، مردفاً: "ما يحدث في روسيا، وإسرائيل، وأوكرانيا، وغزة، وكل هذه الأماكن في أفريقيا، هو أمر فظيع، كل ما يحدث هو أننا نعتقد أننا أفضل من الآخرين، لكننا لسنا كذلك".
أصاب الفيلسوف كبد الحقيقة، بقوله:" إننا نعتقد أننا أفضل من الآخرين"، وكأن الرجل الكتلونيّ يقرأ تساؤل الفاروق الغاضب: " متى استعبدتم الناس، وقد ولدتهم امهاتهم أحرارا؟".. وأكثر من ذلك، أخاله قرأ قول الرسول الأعظم عليه السلام: " لا فرق لعربيّ على أعجميّ إلا بالتقوى".
حتى من لا يحبون غوارديولا لميولهم الناديويّة يتفقون على ألمعيّة الرجل في الملاعب، كونّه يقدم للعالم عروضاً كرويّة، تشكل معزوفات من الفنّ الكرويّ الجميل، تكللها النتائج، التي لم يسبقه لها غيره في سنِّه، وفي فترته التدريبيّة.
ومع كلامه السياسيّ الهادئ، وثورته الحكيمة على الظلم، الذي تستبيح به القوى العظمى المستضعفين أثبت غوارديولا أنّه يفهم في السياسية، وكان من الممكن أن يكون زعيم حزب يساريّ، لو لم يكن مديراً فنياً يشار إليه بالبنان.
أتمنى أن يزداد صوت بيب ارتفاعاً، وأن تتسع دائرة الرفض للقتل في محيط الملاعب، على أمل أن يُذَكِّر كلامُ الرجل سلطانَ الفيفا إنفانتينو بما قاله في قطر قبل ثلاث سنوات: " أنا أوروبي، وبسبب ما فعلناه على مدى 3000 عام في جميع أنحاء العالم، يجب أن نعتذر لمدة 3000 سنة مقبلة، قبل إعطاء دروس أخلاقية".