الرياضة تدفع الثمن
في المرمى
الرياضة تدفع الثمن
فايز نصّار- المحرر الرياضي بصحيفة القدس
لا تستطيع الكاميرات نقل حجم معاناة قطاع الرياضة والشباب، جراء العدوان السافر على قطاع غزّة، وبعد توقف الحرب ستصدمنا حقيقة ما خلّفه الاستهداف بشكل مبرمج، لأنّ المعتدين يدركون أهميّة هذا القطاع في وضع مداميك المستقبل الفلسطينيّ.
قبل توقف العدوان يتجول عدد من الجنود المجهولين بين بقايا الدمار، باحثين عن أسماء لكوادر الرياضيّة، ممن ارتقوا في خضم الجلجلة، وبالكاد يصلون إلى شيء من الحقيقة، لأنّ المشهد المأساوي جعل المنقذين يركزون على علاج المصابين، ولأنّ أشلاء الشهداء ما زالت تحت الركام.
يجتهد الرياضيّ الغزيّ ياسر الحواجري في نبش الدمار، باحثاّ عن بقايا لاعبين، ومدربين، وحكام، وإداريين، وإعلاميين رياضيين، وقادة جماهير بين الأنقاض، ويدوِّن ما يتيسر له من معلومات عن رياضيين، ارتقوا مع أكثر من أربعين ألف شهيد، فيما يحثُّ الإعلام الرياضيّ الرسميّ الخُطى لرصد المعلومات، التي يصل إليها جنوده المنتشرين في غزة والضفة، مسجلاً أسماءاً وأرقاماً مؤقتة حول الضحايا، لأنّ هناك الكثير من المفقودين، الذين دفنهم الاحتلال في مقابر جماعية، والكثير ممن أسرتهم قوات الاحتلال، دون الإعلان عن أسمائهم.
تشير الأرقام الموثَّقة إلى ارتقاء ما يقرب من 450 رياضياً فلسطينياً خلال العدوان، بينهم 305 شهيداً من قطاع كرة القدم، و 48 طفلاً، و221 شاباً، و51 كشافاً، و89 شهيداً من الاتحادات الرياضية العاملة، دون وجود أرقام دقيقة حول عدد المصابين من فرسان الحركة الرياضيّة والشبابيّة، وقد تصل أعداد هؤلاء إلى الآلاف، كما أنّه لا يوجد توثيق دقيق لعدد من تمّ أسرهم، ومن هدمت بيوتهم، ومن فقدوا عائلاتهم وممتلكاتهم، ومن نُكِّل بهم في معسكرات الاعتقال الجماعيّة، ومن عانوا الأمرين في رحلات النزوح التي لا تتوقف.
وتوثق الأرقام تدمير 54 منشاة رياضيّة، في انتظار التعرف على مرافق أخرى تمّ تدميرها في المناطق، التي يمنع الاحتلال الوصول إليها، وشمل الدمار الملاعب والقاعات الرياضية، ومرابض الخير، ومضامير السباق، ومقار المؤسسات الرياضية والأندية، وكل ما وصلت إليه الصواريخ من معالم الرياضة في غزة.
ولا يقتصر الأمر على ما فعله الاحتلال، لأنّ أيادي "حراميّة" الحروب امتدت إلى ما لم تصله قنابل العدوان، فسرق المارقون مقدرات الحركة الرياضية، حيث رُوى لي بأنّ الكثير من الكؤوس والدروع والأدوات الرياضية القيّمة تباع على البسطات.
الأكيد أنّ العدوان سينتهي، وأنّ المجرمين سيعاقبون بجريرة أفعالهم، وأنّ من سولت لهم أنفسهم سرقة كنوز الرياضة سيسألهم القانون يوماً، بما يقتضي رصد هؤلاء، وقيد الأدلة ضدهم، لأنّهم لا يقلون خطراً على رياضتنا من خطر العدوان.