حتى لا ننسى
في المَرمى
حتى لا ننسى !
فايز نصار - المحرر الرياضي بصحيفة القدس
رُوِي عن الرسول الأكرم أنّه قال: "لا تكتبوا عني شيئا، ومن كتب عني شيئا فليمحه" فيما اختار عليه السلام عددا من الصحابة النجباء لكتابة القرآن الكريم، للمحافظة على كلام الله عز وجل، الذي ضمن حفظ هذا الكتاب على مرّ العصور !
وبعد انتقاله عليه السلام إلى الرفيق الأعلى، كان بين شهداء حروب الردة كثير رواة الحديث، فأمر الصديق بجمع القرآن، ثم أمر ذو النورين بتدوينه في عدة نسخ، أرسلت إلى الأمصار، قبل انطلاق عميلة تدوين السنّة النبويّة.
ورغم الجهود التي بذلت في هذا المجال، إلا أن بعض الكذّابين سرّبوا كلاماً غير ثابت عن أبي القاسم، والأمر نفسه تعرض له الرواة، ممن نسخوا الشعر الجاهليّ، فنجحوا في العملية بدرجة جيدة، على عكس النثر الجاهليّ الذي ضاع معظمه، حتى قال العلماء: ما ضاع من الشعر عُشره، وما بقي من النثر عُشره!
لا خلاف على أهمية التدوين والأرشفة، لأنّ ما يُدوّن على السطور، أبقى مما يحفظ في الصدور، بما يقتضي ثورة في عالم التدوين، للحفاظ على الموروث الرياضيّ قبل فوات الأوان.
كانت الرياضة الفلسطينيّة صفحة مشرقة في دفاتر الموروث الحضاري للفلسطينيين، ولعبت دوراً فاعلاً في الحفاظ على الهوية الفلسطينيّة، وإسماع العالم صوت فلسطين، قبل النكبة وبعدها.
ولعل أخشى ما يخشاه نبلاء الرياضة، أن يسطو الدخلاء على موروثنا الرياضي، كما حصل مع الاتحاد الإسرائيلي، الذي يزعم أنّه تأسس سنة 1928، رغم أنّ دولة الاحتلال أعلنت سنة 1948.
الحقيقة التي لا جدال فيها، أننا لا نملك أرشيفاً رياضياً واضحاً، يشكل مرجعيّة للرياضيين الفلسطينيين، ويقتصر الأمر على محاولات فرديّة معزولة، تجتهد في عرض شيء من المعلومات عن وقائع رياضيّة، لا تشمل الكلّ الفلسطيني، زمانا ومكانا!
نعترف أننا لا نملك أرشيفا رياضيا، ولك أن تَسأل الأندية إن كانت تحتفظ بنتائج فرقها الرياضية، وإن كانت هذه الأندية تؤرشف بمهنيّة نتائج مبارياتها الرسميّة، وحتى لو وقفنا على شيء من هذا في أدراج بعض الانديّة، فهل تستطيع هذه الأندية رصد كلّ مبارياتها الرسميّة والوديّة، ولكلّ المراحل السنيّة، وفي كل الرياضات؟ وهل تستطيع أنديتنا تقديم ورقة حول كلّ مبارياتها، أو عن رصيد هدافيها عبر العصور، أو تشكيلات الفرق التي مثلتها منذ تأسيسها ؟
المطلوب من جميع المؤسسات الرياضية- الرسميّة والأهلية- الاهتمام بهذا الملف، وتشكيل لجنة خاصة، مهمتها العناية بالأرشيف الرياضي، ولتمنح اللجنة الموعودة كل الإمكانيات لجمع تراثنا الرياضيّ، من صدور صناع المجد في الميادين، الذين نخشى أن يتخطف الموت من تبقى منهم، فترحل معهم أسراراً وأخباراً رياضيّة نحن بحاجة ماسة لها، وهؤلاء منتشرون في الوطن والشتات، ولن يبخلوا على اللجنة بالمساعدة.