شقائق الرجال
في المرمى
شَقائِقُ الرِجال
فايز نصّار
كانت المَرأةُ عندَ الإغريقِ محتقرةً، وأعتبرَها فلاسفتُهم "رِجساً من عملِ الشيطان"، وكانتْ المِسكينةُ كالمتاعِ، تُباعُ وتشترَى في الأسواق، مسلوبةَ الحقوقِ، محرومةً من حقِّ الميراث، وحقِّ التصرُّف في المال.
وأكثر من ذلك، فَمِن فَلاسفتِهِم من كانَ يَعتقدُ أنَّ المرأةَ رمزٌ للحسِّ والجَسدِ، وأنَّها مَكمنُ المَلذاتِ، لدرجةِ أنَّ أفلاطونهم، صاحبَ "المدينةِ الفاضلةِ" كان أسِفاً كَونَه ابن امرأة، وكان يَزدري أُمّه لأنَّها أُنثى، فيما كان سقراطُ يقولُ لتلامذتِهِ: "تزوجوا؛ فإما أن تَكونوا سُعداء، أو تُصبحوا فلاسفةً مِثلي!".
ومَع الأَيام، تَغيرت هذهِ الَنظرة "الذكوريّة" لشَقائِقِ الرجالِ، وساهمَ الإسلامُ في تحسينِ وضعيةِ المرأة، التي كانت تُدفنُ حَيَّةً قبلَ بِعثةِ النبيِّ الأكرمِ، الذي قالَ في خطبةِ الوَداع: " استوصوا بالنِساءِ خيرا".
وحتى بعد الثورةِ الصِناعيّةِ حافظت المرأةُ على عِفتِها وحِشمتِها في الغَرب، قبل انهيارِ القِيمِ، ونَجاحِ الخارجين عن السِياقِ الإنسانيِّ في نشرِ غرائِبِهم.
ولم تَكن المَرأَةُ تُشارِكُ في الألعابِ الأولمبيّةِ القَديمة، ولم تشارك في الدَورةِ الحديثةِ الأولى، لتكون البدايةُ في أولمبياد باريس 1900.
ولم يعترض الخَيرون يوماً على المُشاركةِ الرِياضيِةِ للمَرأة، وصفقوا لإبداعاتِها في المَلاعب، وتَفاعلوا مع تَزايُدِ مُشاركاتِها في مختلفِ المَحافلِ الرياضيّةِ، مع اشتراطِ أن لا ينالَ الأمرُ من أُنوثتِها وخُصوصيتِها، وقُدراتِها المورفولوجية.
وحققت المَغربيِةُ نوال المتوكل اختِراقاً مُهماً، وأصبحت مُلهمةً لنساءِ الشَرقِ في المَحفلِ الأولمبيّ، بعد نَيلِها أولَ ذَهبيّةٍ لنساءِ العَربِ في أولمبيادِ لوس انجلوس1984، ليتعززَ إنجازُ المُتوكلِ المُذهِل بذهبيَّةٍ ثانيةٍ للجزائريّةِ حسيبة بولمرقة، ثم بثالثةٍ للسوريّةِ غادة شُعاع، التي أثبتت نفسَها في مسابقةِ السُباعي، التي تَتَطلبُ قدراتٍ مُتكاملةٍ في عدةِ مسابقاتٍ ضمنَ أمِّ الأَلعاب.
ولأنّ كثيراً من الرِجالِ في وَطَنِ العَرَبِ الكبيرِ يَغطون في سُباتٍ عَميقٍ، ونسوا مُهمتهم الإبداعيِّة، وانخرطوا في ممارساتٍ غيرِ مُجديةِ، وضيّعوا وقتَهم بين الأَرجيلة والطرنيب، والجدلِ حولَ كراتِ ميسي الذَهبيّة، وأهدافِ رونالدو العالميّة.. ومع غيابِ إنجازاتِ الرجالِ في أولمبيادِ باريس، حملت حفيداتُ خولة بنت الأَزور المِشعل، فجاءت الجزائريّة كيليا نمور بذهبيّةٍ في الجُمباز، وحَققت البحرانِيَّةُ يافي ذهبيةً في سابق ال 3000م مَوانع، في انتظارِ صُعود إيمان خليف المَنصَّة، بعد تحقيقِها النَصرَ على منافساتِها في المَيدان، وعلى ألسنةِ المُغرِضين الطَويلة خارجَ الميدان.
كُلّ التَحيَةِ للنَشمِيّاتِ العَربِيّات، اللواتي يُحاولن تَعويضَ كَسَلِ أبو شَنب، وأبو شِهاب، وتحية خاصة لمُمثلتيّ فلسطين فاليري ترزي، وليلى المصري.
اقرأ ايضا
- وداعا مربي الاجيال وصانع الرجال
- مشاركة أول حكم من الفتيات بمنافسات الرجال لكرة السلة بغزة
- اتحاد الملاكمة يختتم فعاليات بطولة "فلسطين العامة" لفئتي الرجال والشباب بنجاح
- اتحاد ألعاب القوى يناقش ترتيبات إقامة البطولة الأولى لفئتي الرجال والفتيات
- المغرب.. فتيات "الألتراس" يكسرن احتكار الرجال لمدرجات الملاعب!