أولمبياد المستقبل
في المرمى
أولمبياد المُستَقبَل
فايز نصّار
كانت ليَّ أفكارٌ غريبةٌ في طفولتي الإعلاميّة، لأنَّ العفويّةَ والبَراءةَ تَحكمُ كتاباتِ البدايات.. من ذلكَ أنَّني كتبتُ في الثَمانيناتِ عن رياضةِ الملاكمةِ، التي زادت شهرتُها في بلادي، بعد نجاحاتِ الدرويش محمد علي كلاي، الذي رَمى ذهبيةً أولمبيةً في النهرِ، احتجاجاً على عدوانِ بلادِهِ في فيتنام، وبعدَ ما توارد لأَذهانِنا عن بُطولاتِ اليافاويِّ أديب الدسوقيّ، الذي حملَ موهبتَهُ لحلباتِ الأُردنِ والكُويت.
لستُ أدري كيفَ خرجَ معيَّ مقالُ "الفنِ الثَقيل"، وما تَضَمَنهُ من رَفضٍ لهذهِ الرياضة، التي تَلكمُ الأَوادمَ على الوجهِ المُكَرمِ من الخالقِ عَزوجلَّ، مطالباً- بكلِّ بساطة،- بإلغاءِ هذهِ الرياضة، التي تُسمى" الفنِ النبيل"؟!
ومع الأيام، تواصلِ دَعوتي لترشيدِ هذه الرياضة، وتزويدِها بمزيدٍ من الاحتياطات، حتى لا يَؤول مصيرُ المُلاكِمين، إلى حالةِ محمد علي، المصاب في رأسِهِ، جراءَ لكماتِ سبينكس، وجو فريزر.. وغيرِهما.
تذكرتُ هذا، بعدَ اقتراح أحدِهم، بِضمِّ الرياضاتِ الميكانيكيّةِ لألعاب الاولمبياد، حتى تكمل القصة، ونَبني بجانبِ القريةِ الأولمبيّةِ مشفى حديثاً، لأَنَّ حوادث الفورمولا والدراجاتِ الناريّةِ قاتلة، ولكم أن تَسالوا عن مصيرِ بطلِ أبطالِها ايرتون سينا.
ورغمَ أنّ محاوري صاحِبنا ساقوا الحُججَ الفَنيّة، التي تحولُ دون مَكنَكةِ الأولمبياد، إلا أنَّ اقتراحَ الرجل يجبُ أن يجدَ لهُ مكاناً على طاولةِ المشاركين في تطويرِ الاَلعابِ الأولمبيّة، وإثرائِها، مع شرطِ أن لا يجلسَ معهم أصحابُ الأجنداتِ الماليّةِ والإعلاميّة.
أقترحُ على هذا المطبخِ التفكيرَ بإصلاحٍ جذريّ للألعاب، التي أصبحت مسابقاتُها كثيرة، حيثُ توزعُ في أولمبيادِ باريس 329 ذهبيّة، وهوَ عدد مسابقاتِ الألعاب الفرديّةِ والجماعيِةِ، التي تُنظم خلال 15 يوماً، بِمشاركةِ 10500 رِياضيّ من 206 دول.
يجب أن يَدرسَ الفنيون كلَّ الجوانبِ الزمانيّةِ، والمكانيّةِ، وشكلِ ومضمونِ الأولمبياد، مع الخروجِ بحلولٍ جذريّةٍ، من ذلك مثلاً توزيع المسابقاتِ على السنواتِ الأربع، بما يخففُ حِملَ المُنظمين، ويضمنُ تَواصلَ الإِثارة الأولمبية، ويفسحُ المجالَ لعددٍ أكبر من الدولِ للمُشاركةِ في استضافةِ المسابقات.
علمتً –وعلمَ من ضَمَّ مجلسُنا- أنَّ اسطنبول الرائعة حُرمت من الاستضافة عدةَ مرات، وتُفكرُ المدينةُ - التي تمزجُ سحرَ الشرق بديناميكيةِ الغرب- في استضافةِ نسخةِ 2036، وقد لا تَنال الشَرف، إذا تَنافست معها عاصمةٌ من العَواصمِ الشَقراء.
أحلمُ بأولمبيادٍ تَحتضنَهُ اسطنبول، وقبلَ ذلك أسال نفسي: متى سيمرُّ الأولمبيادُ من صحراءِ العرب؟ ألم تُثبت قطر أنّنا قادرون على الاستضافة؟ لماذا لا نتعاونُ لجلبِ الأولمبيادِ إلى الدَوحة، أو دُبي؟ وهل هناك موانع من مشاهدةِ السباقات الأولمبيّةِ في الدارِ البيضاءِ ، أو الجزائر، أو تونس، أو قربَ الأهرامِ في قاهرةِ المُعزّ؟