في المرمى.. الذهب الافريقي
في الَمرمى
الذَهَبُ الأفريقِيّ
فايز نصّار
سؤالٌ غريبٌ، طرحَهُ صَديقي، الذي يُضيعُ نصفَ وَقتِهِ في انتظارِ أخبارٍ حَربِيةٍ، يعتقدُ أنّها قد تَحرقُ الأَخضرَ واليابسَ.. قال أبو سعيد: ماذا لو كانت سيدةُ الجزائرِ الأولى إيمان تُلاكمُ باسمِ المُنتخبِ الفَرنسيّ؟ هل كانَ الغربُ ستعيدُهُ التعليقاتُ غير المسؤولة لقصصِ البدايات، وحكاياتِ الحقبةِ الاستعماريّة؟
طبعاً: لا، لأنَّ بلديات إيمان زين الدين زيدان، الذي كانَ يرتدي القميصَ الأزرق في مونديالِ 2006، نَطَحَ الايطاليّ ماتيرازي، بعد ثماني سنوات من " دَعسِه" على السعوديّ فؤاد أنور، ووجدَ في الحالتين احتواءاً رسمياً، وتبريراً إعلامياً، من فرانس فوتبول، وليكيب، وجوقةِ مطبلي الإعلامِ في بلادِ الحريّةِ والاخاءِ والمُساواة!
بعد ثلاثِ مونديالاتٍ حَرمت المحروسةٌ فرنسا تلميذَ زيدان كريم بن زيما من لعبِ المونديال، بسببِ مزحةٍ مع زميلِهِ فالبوينا، سموها ابتزازاً، لأنّ الأمرَ يتعلقُ بمواطنٍ من ذوي العيونِ الزُرق.
صحيح أنّ فرنسا كَرَمت زيدان في افتتاحِ الأولمبياد، ولكنَّ العربيَّ يبقى عربيا، ولو كان الكولونيل ابن داود، والافريقيّ يبقى افريقيّ، وغيرِ الأوروبيّ غير أوروبيّ، كما لخصَ القِصةَ التركيّ الطيب مسعود اوزيل حينَ قال: "في نظرِهِم أنا ألمانيّ حينَ نَفوز، لكن حين نَخسر، أنا مُهاجر".
قبل أوزيل لعبَ رئيسُ ليبيريا السابق جورج ويا، لأنديّة موناكو، وسان جيرمان، وميلان، وتشيلسي وغيرها، وكانَ أول افريقيّ يَظفرُ بالكرةِ الذهبيّة، ولكنَّه وجدَ تَنمُراً، عندما تَوقفت قدمُهُ عن توقيعِ الأَهدافِ الحاسمةِ.
يقولُ الرئيسُ جورج: أنا لا أفتخر بالكرة الذهبية، لأنني منذُ فزتُ بها عانيت من العنصريّة، أتذكرُ عنوانَ صحيفةِ عالميّةٍ في اليومِ التالي: "وااو، الأسود يفوز بالذهب".
قبل جورج ويا، زَلّت صافرةُ التونسيُ علي بن ناصر في مونديالِ المكسيك، وخدعَهُ مارادونا بتسجيلِهِ الهدف اليدويّ، يومها قالَ معلقُ قناة بلس: ألم تجد الفيفا حكماً غير هذا الافريقي؟ وقبلها بأيامٍ سخِرَ معلقٌ آخر بالسوريّ جمال الشريف، لكثرةِ عُقوباتِهِ في لقاءِ روسيا والكاميرون!
شخصياً، زرتُ أوروبا عدةَ مرات، والتقيتُ بكثيرٍ منَ الأوروبيين، في فلسطين وخارج فلسطين، والحقُّ أنَّهم طيبون مثلنا، ولكنّهم يفتحون أعينَهم كلَّ يومٍ على فبركاتِ الإعلام، الذي يقولُ عن الجنديِّ الإسرائيليّ، الذي تُوّجَ في الأولمبياد: بأنّه كانَ يحارِبُ لاسترجاعِ المختطفين من "الارهابين" في غزة.