صناعة الأَبطال
في المرمى
صناعة الأَبطال
فايز نصّار
سألني صديقي، الذي تقتصِرُ معلوماتُهُ الرِياضية على نتائج كلاسيكو الريال وبرشلونة، وأكثر ما يَهمُهَ ما يفعلُ ميسي ورونالدو في عطلتِهِما: كَم ذهبية يتوقعُ أن يَحصلَ عليها رِياضيونا؟ والرَجلُ مُحقّ في سؤالِهِ، ويفتح المَجالَ لسؤالٍ أكثرَ جدوى: كيفَ يُصنعُ البطلُ الأولمبيّ؟ وكيفَ يُعَدُّ من يحصلونَ على الأصفرِ الرنّانِ في المسابقاتِ الكبرى؟ وبما أنَّنا كفلسطينيين نتأَثرُ بشكلٍ كبيرٍ بِمّا يحصَلُ في دولِ الجوار، ونُبالغُ في قراءةِ تجاربِ الأشقاءِ العرب، يبدو مَثَلُنا الأَعلى متواضعاً في إنجازاتِهِ من المعدنِ النَفيس، حيث لم يحصل العربُ بقَضِّهم وقَضِّيضهم، في تاريخِ الأولمبياد، إلا على 23 ميدالية ذهبية، بما لا يصلُ إلى نصفِ رصيدِ جزيرةٍ منسيةٍ مثلَ كوبا. طبعاً لا يستطيعُ عبدٌ فقيرٌ مثلي تحديدَ ملامحِ الخِططِ القَريبةِ والبعيدةِ لتحقيقِ مثلِ هذهِ الإنجازات، وأحيلُ الخَطَّ للأكاديميين، مثل الدكاترة جمال أبو بشارة، ومازن الخطيب، ومنصور الحاج سعيد.. وغيرهم لربطِ الإمكانياتِ القليلة، مع الطُموحاتِ الكُبرى، لأنً طموحات شبابنا تُلامسُ أعنانَ السماء، ولا يَرضَون إلا بالصدرِ دونَ العالمينَ. قبلَ سماعِ آراء هؤلاء، لا بُدَّ من قراءةٍ متأنيَّةٍ لتجاربِ الدول، التي حققت الإنجازات الكُبرى في ظروفٍ صعبة، مثل دولة كوبا المُحاصَرة، والمانيا الشرقِيّة قبل سقوطِ جدارِ برلين، والتي كانت تتفوقُ على شقيقَتِها الغَنيَّة بالرصيدِ الأولمبيّ، وهَزمتها في لقاءِ المنتخبين الموندياليّ سنة 1974 على أرضِها، وبين جَماهيرِها. ولا بدَّ هنا من تَصفُحِ رصيدِ العربِ الأولمبيّ، لأنّ نصفَه أتت به أمُّ الألعاب، وخاصة في الجناحِ الغربيّ، الذي قدم الأولمبيين القَمّودي، وعُويطة، والمُتوكل، ومُرسلي، وبولمَرقة، والقروج، دون نسيانِ شُعاعِ سوريا، بما يقتضي صبَّ اهتمامِنا على ألعابِ القوى، وخاصةً السباقاتِ الريفيّة، التي يجبُ أن تُنظم في كلِّ مكان، وتصبحَ مواسمَ رياضيّة، لا تحتاجُ إلى إمكانياتٍ ماليةٍ كثيرة. أزعمُ انّ دُولَ المغربِ العربيّ استفادت من موقِعها المُتوسطيّ في إعداد أبطالِ ألعابِ القوى، وخاصةً في السباقاتِ المُتوسطة، لأنَّ السباقاتِ القصيرة تحتاجُ إلى عملٍ كبيرٍ، وخِططٍ استراتيجية، فيما ذَهَبَ أبطالُ كينيا واثيوبيا بذَهَبِ السباقاتِ الطويلةِ للجنسين. أعتقدُ أنَّ أولى خطواتٍ البحثِ عن الذهب في المسابقاتِ الدولية تبدأُ من الجَري، الذي يجبُ أن يُصبحَ ثقافة، ويجبُ أن يُمارسُه الجَميع.