اللاعب الجريح محمد اشتيوي.. فقد جميع أفراد أسرته ويبحث عن علاج لساقيه
نجم الملاعب الغزيّ الجريح محمد اشتيوي
فقد جميع أفراد أسرته، ويبحث عن علاج لساقيه
غزة- أحمد المشهراوي /القدس الرياضي
الحلقة الأولى
الحديث مع نجم كرة القدم في أندية قطاع غزة والقدس، وأحد المع لاعبي المنتخب الوطني، ومنتخب الخماسي الكروي، ومنتخب الشواطيء لكرة القدم، حديث ذو شجون، ومليء بالأحزان والدموع، وحيث يحتار القارئ من أين يبدأ قصة مأساته؟ هل من البيت المؤلف من أربعة طوابق، الذي دمر فوق رؤوسه ساكنيه في حزام ناري إسرائيلي دون سابق إنذار؟، أم من ارتقاء زوجته وابنه البكر وأشقائه وأبناء شقيقاته وأمه؟ من أين نبدأ؟ من جثث أهله التي لا زالت تحت الأنقاض منذ ٧ شهور، وتعجز آليات الدفاع المدني المستهدفة والمدمرة عن إخراجهم ليكرموا بأبسط حقوق الإنسان وحقوق الأموات "لأن إكرام الميت دفنه", أم من إصابته المضاعفة والمتفاقمة في ساقه التي أقعدته عن الحركة؟
كان ضيفنا محمد شتيوي يتميز بقدرته على المراوغة في الميدان، والخروج من بين مدافعي الفريق المنافس كالغزال، وأهدافه كانت تسكن الشباك كالسهم الطائر، حيث تشهد له ملاعب الضفة الغربية وقطاع غزة والمنتخب الوطني، وهو الآن لا يستطيع الحراك أو حتى تناول شربة ماء واقفا
أهوال القيامة
تحدث النجم الكروي محمد اشتيوي عن تلك الليلة المرعبة، التي مر بها مع أسرته الصغيرة، وعائلته من اخوانه وازواجهن واطفالهم، حيث نفذت طائرات الاحتلال حزاما ناريا مخيفا، والحزام النار، يقول: "تقوم مجموعة من طائرات الاحتلال بمساندة المدفعية وطائرات "الكواد كابتر" المزودة بالتقنيات الحديثة والتصوير الليلي، والمزودة بعدة رشاشات وقنابل مستعدة للقتل بإلقاء عشرات القنابل الثقيلة، التي يزيد وزنها عن طن بإنزالها فوق المنازل والمباني بشكل عشوائي، في مربع سكني كامل وفي الأحياء الشعبية؛ بهدف إرهاب الناس وتشريدهم، وإلحاق أضرار كبيرة في المكان بغية تنفيذ عدوانهم كدخول الدبابات برا، أو الدخول في المنطقة المقصودة.
كانت تلك الليلة مشهدا من أهوال يوم القيامة، الضحايا تحت ركام الأبنية، ومن نجا ما بين مصاب ودماؤه تنزف لا يدري أين يذهب وماذا يفعل؟ وأين صغاره ومصيرهم أو كبار السن، الذين تهرسهم الصواريخ القاتلة وأعمدة الأبنية المتساقطة كالمطر، وغبار الرياح، التي تسببها هذه القنابل.
فقدت اولادي وزوجتي
يشير النجم محمد إلى أنه استطاع الخروج مع من خرج من تحت الأنقاض في حوالي الساعة الثامنة مساء، وقد تدمر منزلهم المؤلف من أربعة طوابق، وأصبح بمساواة الأرض في حي الدرج الآمن، الذي خرج منه نجوم القطاع بكرة القدم، وعلى رأسهم ناجي عجور، ورزق خيرة.. وغيرهم من اللاعبين، ليتبين أن زوجته وأولاده برفقة أمه "زوجة أبيه" تحت ركام الطابق الأول، الذي كان متواجدا فيه برفقتهم قبل أن يكتب له النجاة.
مجزرة عائلة اشتيوي
ينحدر محمد اشتيوي من عائلة رياضية، كثير من أفرادها من لاعبي الأندية، وكذلك زوج اختهم اللاعب السابق، وحكم كرة القدم ومراقب المباريات محمود الجيش، ويذكر بتأثر والعبرات تغلبه: لقد استشهدت عائلتي الصغيرة، وزوجة أبي، وكذلك أخي الحبيب وكبير العائلة بعد رحيل والدي نجم نادي غزة الرياضي أيمن إشتيوي "ابوجهاد' ، وابنه جهاد وزوجة جهاد وابنته الطفلة الصغيرة الغضة، كما استشهد في المجزرة شقيقه الآخر أشرف وابنه محمد، وزوج اخته، ممن كانوا لدى العائلة في البيت.
عملية إنقاذ معقدة
يذكر محمد أنه مكث تحت أنقاض البيت ما يقارب ٧ ساعات حتى عصر اليوم الثاني، وقد بادرت قوات الدفاع المدني بمعداتها البسيطة، وما تبقى من أجهزة بعد أن دمرها الاحتلال في طلعاته على مقار الدفاع المدني والمتطوعون من أهل الحي في عملية الانقاذ، حيث تبين أن سقف الغرفة قد سقط فوق رأسه، وبحث عن مكان يحتمي فيه، فيما سقط عمود من الباطون على ساقه، التي تعرضت إلى كسر مضاعف، ولزم وضعها في أسياخ البلاتين، بعد أن كانت من السيقان، التي تتغنى بها الجماهير في تسجيل الأهداف وامتاعهم بالفوز.
ويصف محمد اللحظات الصعبة الأخيرة مع عائلته قبل استشهادهم، ويقول: كانت زوجتي رحمها الله عليها وابني في الناحية المقابلة لي من البيت تحت الأنقاض، احدثهما ويحدثاني، وابعث إليهما برقيات الصبر والتحمل وآيات القرٱن والاحتساب، والنطق بالشهادة مع مرور كل لحظة، لتمكينهم من التحمل والتجلد تحت اسقف الباطون وعمدانه المتساقطة، وهما في قبر صغير وسط العتمة ورائحة البارود والقتل.
ويكمل: لقد استطاع المنقذ إخراجهما، لكن في حوالي الساعة الحادية عشرة ليلا فارقا الحياة نتيجة ضيق النفس وانعدام الأكسجين في مكانهما، لقد رحلا ولم يرحم الظالمون توسلات هذه الأم، التي وجدت نفسها فجأة في هذا المكان المعتم القاتل مع طفلها الصغير بعيدة عن باقي أسرتها.
رحلة علاجه
وعقب استهداف المستشفيات والمؤسسات الصحية من قبل أسلحة الاحتلال المدمرة وانقطاع العلاج، يأمل محمد أن يعالج من إصابته البليغة بوجود كسر مضاعف في ساقه أدى إلى تهتك الأنسجة والأعصاب ووضع اسياخ البلاتين في ساقه، مشيرا إلى أن مشوار علاجه هو أكثر ما يؤرقه بعد أن فقد كل شيء زوجته وابنه واشقائه واهله وجيرانه وأحبابه في مجازر لا تنسى ولا تطمس من الذاكرة.
البحث عن جهاز رنين
وبما أن المنظومة الصحية في قطاع غزة باتت متهالكة، فمنذ إصابته في السادس من كانون الأول وهو يبحث عن جهاز رنين أو تخطيط عصب، وكذلك عن طبيب أعصاب، حيث أدت الحرب المدمرة إلى استشهاد عدد كبير من الأطباء المتخصصين واعتقالهم، أو نقلهم قسرا إلى جنوبي القطاع في المنطقة الآمنة المزعومة كذبا، خوفا من تضاعف الإصابة وتفاقمها.