نهاية مرحلة وبداية عهد جديد
الرياضية
إذا كانت مباراة ربع نهائي كأس العالم البرازيل 2014 في ماراكانا قد شكلت نقطة النهاية بالنسبة لمشوار الفريق الفرنسي، فإنها تعني أكثر من ذلك بالنسبة لميكايل لاندرو. فقد كانت موقعة ماراكانا ضد ألمانيا بمثابة آخر ظهور للحارس البديل في مسيرته الاحترافية.
وقال ابن الخامسة والثلاثين لموقع الفيفا "إنه ليس من السهل أبداً أن ينهي المرء مسيرته على هذا النحو. كانت أمسية غريبة ومعقدة، لقد كانت محبطة بشكل لا يمكنني أن أنساه. لقد أظهرنا بعض جوانب اللعب المثيرة جدا للاهتمام، لكن فريقنا لا يزال شاباً..."
وُلد لاندرو في سبعينات القرن الماضي، وقد كان اليوم هو اللاعب الفرنسي الوحيد الذي يتذكر سقوط الزُرق ضد ألمانيا عامي 1982 و1986، حيث كان قادراً بالفعل على إدراك وزن تاريخ المواجهات بين المانشافت والديوك في ربع نهائي أم البطولات. لكن المباريات حسمت "بتفاصيل دقيقة" في نهاية المطاف، حسب تحليل لاندرو، إذ "لم يكن هناك مجال للتمرير. رغم أننا جعلناهم يشكون في أنفسهم، إلا أننا افتقدنا للخبرة التي يتمتعون بها في اللعب على أعلى مستوى".
ولكن الحارس الألماني كان عاملاً حاسماً آخر كذلك. فبينما كان أداء نظيره الفرنسي هوجو لوريس مثالياً، عندما حرم المانشافت من الهدف الثاني (في الدقيقتين 73 و 83)، فماذا يمكن القول عن مانويل نوير الذي قدم مباراة قاربت الكمال؟
وقال لاندرو في هذا الصدد: " أظهر نوير اليوم ما يمكن أن يقدمه حارس المرمى في مباراة حاسمة. إنه جزء من الفريق، ويتقن اللعب عالياً وبالقدمين... وهذا أفضل ما يمكن أن يفعله لاعب كرة القدم. أن أنهي مسيرتي في ماراكانا وضد حارس مثله وهو في قمة تألقه، فهذا أمر مشرف. لعبت ضده بعض المباريات، ووقفت شاهداً على بداية مسيرته ... ولقد طلب مني قميصي هذه الليلة. أعترف أن هذا جعلني أشعر بالاعتزاز".
"أنا فخور جداً بما قدمه لاعبونا خلال كأس العالم. لم يكن الفارق بيننا كبيراً. اليوم واجهنا فريقاً معتاداً على مثل هذه المباريات الكبيرة" ديدييه ديشامب
لاشك أن الألماني انتابه نفس الشعور، لأن لاندرو يعتبر رمزاً حقيقياً من رموز كرة القدم الفرنسية. وفي هذا الصدد، قال ديدييه ديشامب لموقع الفيفا "لقد كانت مسيرته رائعة. خاض اليوم آخر مشاركة له، لكنه سيبدأ مرحلة جديدة في حياته. أتمنى له كل التوفيق".
يُعتبر لاندرو اللاعب الذي خاض أكبر عدد من المباريات في الدوري الفرنسي الممتاز (795) - حيث بلغ هذا السجل بقميص باستيا هذا العام، علماً أنه يعرف خبايا المنتخب الفرنسي منذ كأس العالم ألمانيا 2006 ، مما جعل منه عنصر خبرة لا غنى عنه في كتيبة الديوك.
بعد الخسارة في ماراكانا، قال لاندرو، الذي لم يكن ضمن الفريق الأزرق الذي عاد بفشل ذريع من جنوب أفريقيا، ولا ضمن المنتخب الذي خاض يورو 2012 في بولندا/أوكرانيا، حيث تركت فرنسا صورة سيئة أيضاً: "تم استثمار طاقات كثيرة في العمل وفي إعداد الفريق، وعلى المستوى الإنساني كذلك.
تسود حالياً أجواء الإحباط وخيبة الأمل. ولكن من حيث الصورة العامة وكذلك من حيث الأداء، أعتقد أننا ما أظهرناه خلال نهائيات كأس العالم هذه كان إيجابياً للغاية ومهماً جداً بالنسبة لفريق فرنسا، وبالنسبة لبلادنا. لقد حققنا شيئاً ما في البرازيل. فريقنا آخذ في النمو. تنتظرنا بطولة أوروبا بعد عامين، وتجربة كأس العالم ستكون مفيدة لنا من دون شك".
على الأقل، هذا ما يمكن استنباطه من التجربة الفرنسية في الأراضي البرازيلية. فإذا لم تشكل هذه المغامرة فرصة لطرد أشباح الماضي - حيث لا يزال الديوك عاجزين عن هزم ألمانيا في مرحلة خروج المغلوب ضمن نهائيات كأس العالم– فإنها شكلت فرصة لتتصالح فيها فرنسا مع ذاتها، حيث ختم المدرب ديشامب بالقول: "أنا فخور جداً بما قدمه لاعبونا خلال كأس العالم. لم يكن الفارق بيننا كبيراً. اليوم واجهنا فريقاً معتاداً على مثل هذه المباريات الكبيرة. كما خانتنا التجربة أيضاً وافتقدنا للفعالية كذلك. هذا الفريق شاب ويزخر بالكثير من الموهبة والمهارة ورباطة الجأش. يجب أن نستند إلى كل ذلك في الطريق إلى بطولة أوروبا المقبلة".
إنها نهاية مرحلة وبداية عهد جديد.