دوامة الريال في كلاسيكو الأرض.. نفضته عاصفة البرشا إلى عنان السماء!

الرياضية اون لاين/ كتب-سمير كنعان

لا ينكر عاقل في هذا العصر أن مباراة الغريميْن قطبيْ أسبانيا (ريال مدريد وبرشلونة) فيما تُسمى بالكلاسيكو هي الأكثر جذباً للجمهور الكروي في العالم على الأقل في العقد الأخير، حتى وإن كان قدامى عشاق السحر الكروي يفضلون ديربيات أخرى وكلاسيكيات في دوريات غير الليغا.

المهم أنَّ برشلونة ألحقَ بغريمه الملكي خسارة ثقيلة جدا بخماسية لم يتوقعها أحد من الطرفيْن، خاصة وأنَّ الملهم الأول ميسي يتابع آخر اللقاءات من على المدرجات، وأنَّ الريال مهما كانت ظروفه سيئة، فالكامب نو في آخر السنوات كان ملعبا مفضلاً للاعبيه الذين قهروا برشلونة في داره أكثر من مرة، على عكس البرنابيو الذي يسرح فيه ويمرح لاعبو البرشا وبنتائج عريضة!.

ولا يخفى على أحدٍ أيضاً، أنَّ الريال سيء بكل المقاييس منذ خروج زيزو وكريستيانو بضربتيْن متتاليتيْن في الرأس الملكي، كادت تقتله، لكن الكبير يسقط لينتفض ويعود كبيراً، وكل ما حصل قبل الكلاسيكو كان ممكن نسيانه لو أن الملكي فاز على أرض غريمه الكتالوني، لكنّ ذلك لم يحدث بل حصل الأسوأ وهي الخسارة المهينة للمدرب لوبتيجي الذي كان أقل قدراً بكثير من مسئولية نادٍ بحجم مدريد!.


راموس وبيكيه

* أسوأ مشاكل الميرنغي هذا الموسم تنقسم إلى 4 محاور:
الأول/
مدرب عديم الخبرة في الدوري، كان يتعامل مع "أطفال" مواهب الماتادور الأسباني ويلعب ضد أطفال أوروبا وفاز بالألقاب، لكن ذلك لا يعني أنه يملك ما يخوله قيادة نجوم كبار ضد نظرائهم من عمالقة اللعبة، خاصة وأنّ زيزو ترك له إرثاً ثقيلاً، جداً!.

الثاني/ كيف يمكن تحفيز لاعبين حصدوا 3 ألقاب دوري أبطال متتالية بينهم ليغا وبضعة ألقاب سوبر محلي وأوروبي ومونديال أندية؟ بماذا يمكن تحفيز هؤلاء الأبطال بعد كل ما حصدوه جماعياً، ثم فردياً كجائزة أفضل مدافع وأفضل لاعبي وسط وأفضل ظهير وأفضل حارس وآخرهم أفضل لاعب في المونديال وأوروبا والعالم؟.

الثالث/ الريال وصل نهاية حقبة لامعة على مدار 3 سنوات، ومعظم اللاعبين انتهوا إكلينيكياً أو انتهى الحافز لديهم أو فقروا فنياً، وعلى الريال البدء بالتخطيط لمرحلة جديدة مع شبان ومواهب جديدة، ولكن المصيبة: هل يمكن التخلص من لاعبين حكموا أوروبا والعالم 3 سنوات متتالية؟ من يقدر على إهانتهم وإقصائهم من البيت الملكي؟! قرارٌ أصعب من المحور الثاني بكثير!.


برشلونة 5-1 ريال مدريد

الرابع/ العامل النفسي:
1-حين رأى اللاعبون كيف غادر أسطورة الفريق الأول من الباب الضيق، وكأنه لاعب مغمور، فإن الانتماء لديهم كُسر بعدما تيقنوا أن نهايتهم لن تكون أفضلَ مهما فعلوا للنادي!.
وإن كان تفكيراً خاطئاً فإن هناك سببا ثانياً لا يمكن إغفاله.
2-إحساس اللاعبين بخروج القوة الضاربة التي كانت تسجل لهم ما يزيد عن 50 هدف كل موسم، واستقالة الأب الروحي زيزو، فقدوا ثقتهم بأنفسهم، ففقدوا هيبتهم بأعين منافسيهم!.
تلك الهيبة وحدها ضمنت لهم الأبطال الثالثة التي لم يستحقوها بأفضليتهم على سواهم، بل بِخوفِ ورعبِ المنافسين من أرقام ريال زيزو "الأوروبية"، فكان الجميع جاهزاً للخسارة من هيبة الملوك آخرهم البايرن وليفربول، وقد كُسرت تلك الهيبة فعلاً بدليل آخر مواجهتيْن خسارة سيسكا وفوز صعب على بلزن، وهي فرق قد نجاملها بوصفها متوسطة!.


بيريز.JPG

وهنا رؤية كاتب السطور عن قمة الليغا:
1*كالعادة الدفاع سيء، لكنه في أسوأ حالاته هذا الموسم، والحصيلة أنه تلقى 14 هدفاً بالليغا في 10جولات، وليس أسوأ منه إلا ثنائي مؤخرة الترتيب هويسكا وفاليكانو 22، ثم سيلتافيغو 17، إيبار وليفانتي 16 وبلباو 15هدف!.
وبصراحة، ظهر جلياً ضعف فاران في المواجهات الفردية، وراموس في التغطية، وناتشو في الجبهة علماً أنه أفضل كقلب دفاع من الثنائي السابق حين كان يشارك مدافعاً لا ظهيراً.
ويعود سبب تراجعهما للغرور الزائد وتعاليهما على الكرة والمنافسين وكأنهم أقلاء!، حتى فاران لا يقوم بالانزلاق "التاكلينج" كي لا يلطّخ ثيابه، ويقبل بتلطيخ سمعة الفريق البطل، الذي كان يخشاه الخصوم يوماً.
وفوق كل هذا فإن مارسيلو (أفضل السيئين) لا يقوم بالتغطية العكسية، مع ميوله الهجومية الزائدة، وإن كان لاعباً مميزاً بل هو الأكثر تميزاً في بناء اللعب ومفتاح هجوم الملوك، إلا أنَّ وظيفته كظهيرٍ تحتم عليه الأداء الدفاعي، وإلا فليغير المدرب الطريقة إلى 4-5-1 أو 3-5-2 باعتماده لاعب وسط أيسر، للاستفادة من مهاراته وتمريراته ومراوغاته وحتى أهدافه، فالمتفق عليه من الجميع أن الريال بخير إن كان مارسيلو في يومه، صحيح أن خروج الدون أثر على مارسيلو نفسياً وفنياً، الأولى معروفة والثانية لأن الجبهة المنافسة مهما كانت قوتها، لا بدَّ وأن تتراجع وتخشى من هيبة وقوة جبهة (مارسيلو-كريستيانو) فلن تندفع للهجوم كما نشاهد منذ بداية الموسم، حتى انكشفت كل عيوب الدفاع.
وكان حتماً على المدرب الذي رأى جبهاته مفتوحة لخصمه أن يحاول إغلاقها، (خاصة اليمنى بغياب كارفخال المصاب) بإقحام فاسكيز مبكراً على الجبهة اليمنى أو آدريوزولا أو ريجيلون وكلاهما ظهير صريح، (وهنا يندم الملكي على التفريط بأشرف حكيمي المتألق مع دورتموند)، إلا أن فاسكيز بسرعته قد يكون أكثر فائدة كخيار دفاعي-هجومي، وهذا ما فعله لوبتيجي لكن متأخراً بعد تلقي هدفيْن بالشوط الأول!
بل وكان يجب عليه بعد نتيجة 2-0 أن يلعب بخيارات انتحارية ممكن أن تجعله يخطف الفوز، لو سحب فاران وناتشو معاً، ليلعب كاسميرو بجوار راموس وعلى جبهتهما مارسيلو وفاسكيز وأمامهم كروس، تاركاً الوسط لمودريتش مع سيبايوس ثم الهجوم بالثلاثي آسينسيو ودياز وبيل.


برشلونة 5-1 ريال مدريد

2*الوسط: ذلك الخط الذي كان يعجّ بالنجوم ويتمناه كل فرق العالم، بات مهلهلاً لا يجيد الدفاع وافتكاك الكرة، ولا يقدر على تمويل المهاجمين باللمسات الحاسمة، بعد تراجع واضح في أداء الثنائي كروس ومودريتش، وتذبذب مستوى إيسكو إلى أن يصل درجة الأسوأ أحياناً، ويبقى أفضلهم كاسميرو المحارب الوحيد، بعد خروج كوفاسيتش (غلطة لا تُغتفر)، والاحتفاظ –بلا حاجة- بالشابيْن لورنتي وفيدريكو الأوروغواياني الذي لا يعرفه أحد!.

والحسنة الوحيدة هي اكتساب الثقة للشاب سيبايوس الذي كان الأجدر بالمدرب أن يزجّ به في الكلاسيكو لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
3*الهجوم: يقال دوما الهجوم خير وسيلة للدفاع، وبمعنى أدق فإن الدفاع يبدأ من رأس الحربة، وهنا يتحسر الريال على عقمه التهديفي والدفاعي للمهاجمين (باستثناء قتالية دياز الذي يسعى لإثبات نفسه)، فلا بنزيما ولا بيل ولا آسينسيو يدافعون ولا يسجلون، وهم من أهم أسباب ظهور الريال بالشحوب الذي جعله لقمة سائغة لمن أراد.

مع تهميش الموهبة البرازيلية القادمة، الشاب فينيسوس جونيور ابن الــ18 ربيعاً والذي أثبت مهارته بالتهديف والاختراق وصنع اللعب.


برشلونة 5-1 ريال مدريد

والحق يُقال أن الهالة الإعلامية التي فجرها الريال حول نجمه الصاعد آسينسيو (أحد أهم حسنات زيزو) جعلته تحت ضغط مهول لخلافة الدون وإرثه العظيم، وليس كل اللاعبين باستطاعتهم اللعب تحت ضغطٍ كهذا، مع اختلاف شخصياتهم ونضجهم، فسقط آسينسيو كما سقط بيل القطار الويلزي في اختبار الخلافة التهديفية للدون، أو على الأقل إحداث الفارق الذي كان يفعله خَلَفُهم حتى بأسوأ حالاته!.
والأسوأ بين كل هذا هي المجاملة غير العادية ولا المقبولة للفرنسي بنزيما، الذي ثبت فعلياً أنه المنتهي ولا يقدر على حمل مسئولية هجوم فريق بحجم الريال وتطلعاته على كل الجبهات!.
ونختم بعبقرية زيزو الذي رأي كل ما سبق من عيوب، وقرر الاستقالة من على القمة، فهو يعلم أنه لن يقدر على الإضافة أكثر مما فعل.


برشلونة 5-1 ريال مدريد

ولمن يرى بأن غياب الدون سبب الهزيمة، عليه أن يتذكر مرات الخسارة التي تلقاها الدون من البرسا، صحيح أنه لا يُلام على دفاعه المترهّل، إلا أنه هو نفسه يعلم واثقاً في قرارة نفسه أن لو استمر مع الريال فلن يحرز شيئاً وستتكاثر عليه الصافرات والأصوات الظالمة له بالمنتهي، فيُحسب له عبقريته بالخروج من فوق القمة مثل مدربه زيزو، لخوض تحدٍ جديد في أصعب دوريات العالم من الناحية الهجومية، الكالتشيو!.
وللأمانة، فقد دفع الجميع ثمن عدم التعاقد مع نجم سوبر للهجوم مثل هازارد أو مبابي أو نيمار أو حتى إيكاردي، ومدافع صلب يخيف فاران وراموس على مكانهما الأساسي، إلا أنّ رؤية رئيس النادي "بيريز" وهو الأكثر سخاء بين نظرائه في الألفية الثالثة، يرى بأن الإنفاق على الملعب وتوسعته أهم في الفترة الحالية من التعاقدات، وربما كان محقاً لمصلحة النادي، ومضراً بمصلحة المشجع، الذي لا يتحمل رؤية معشوقه بهذه الحالة يُرثى لها.

ختاماً: قد يعين الريال مدرباً جديداً قادراً على إعطاء المرونة التكتيكية مثل كونتي، فنرى وجهاً مغايراً لما شاهدناه، خاصة مع نظرية المؤامرة من اللاعبين على لوبتيجي الذي باع منتخب وطنه من أجل الريال فعاقبه القدر بأسوأ طريقة، فالبعض يقول ومنهم كاتب السطور، أن لوبتيجي كان بيدق تضحية لكسر حاجز زيزو، كما هو حال دياز بالرقم سبعة لكسر حاجز هيبة الرقم لمن بعده، وإن كان دهاءً من بيريز الذي قرأ الأحداث منذ استقالة زيزو، إلا أنه عليه التدارك كي لا يعبث بالتاريخ، تاريخ سيد أندية أوروبا والعالم!.