الملك "زيزو": جاهلٌ في القراءة ،، عملاقٌ في الكتابة !!

سمير كنعان

(صحفي رياضي فلسطيني)

  • 1 مقال

الرياضية اون لاين/ كتب- سمير كنعان

قد يستغرب البعض من عنوان المقال، إلا أنّ الفكرة توضّح الهدف المنشود منه، ولنبدأ بالقراءة ويُقصد بها الرؤية الفنية وقراءة المباريات والمنافسين، والتجهيز لها بتكتيكات مناسبة، وقراءة المواجهة تكون قبل المواجهة نفسها وأثناء اللعب وبين الشوطيْن حتى صافرة النهاية، وهذا المجال كان "زيزو" فيه ضعيفاً رغم ما حققه من ألقاب إعجازية!

أما الكتابة فهي المجال الذي تعملق فيه الملك الفرنسي ذو الأصول العربية، فقد كتب التاريخ بما هو أغلى من الذهب، كما لم يكتبْه أي مدرب قبله ولا بعده.
وتمثّلت كتابة التاريخ في كونه أحد أفضل من لمسوا كرة القدم بإجماع الكرة الأرضية، ثم توجّه للتدريب تدريجياً فكان مساعداً ناجحاً بامتياز لكارلو آنشيلوتي وتوّج معه بلقب الأبطال، ثم تحوّل بقرارٍ شجاعٍ جداً لتدريب الريال خلفاً لبينيتيز الذي أفسد البيت الملكي وتركه مهلهلاً، فقام زيزو بتشييده ليعيده صرحاً خفاقاً فوق سماء الرياضة العالمية، يستحيل على غيره الوصول إليه.

وطبعا كتابة التاريخ كان لها عواملها التي يراها النقاد ويدافع عنها العشاق، ونستعرضها بإيجاز فنذكر الرأي الناقد، ثم الرد برأي العشاق لزيزو:

1-الفريق كبير عريق متعطش للألقاب لا يشبع من لحوم خصومه، يمتلك أكبر خزينة في العالم مدججة بالبطولات والدروع والكؤوس لا تكاد تكفيها، رغم التوسعة!
الرد من العشاق/ ليس كل مدرب يدير فريقاً كبيراً ينجح، كما حصل مع جوارديولا السيتي مثلاً!
2-الحظ سانده كثيراً في الأبطال، إما بالقرعة أو هفوات الخصوم.
الرد من العشاق/ ليس عيباً في الفريق استغلال أخطاء منافسيه، بل هذا أهم المميزات وعوامل النجاح، كما أن الحظ لا يمكن أن يكون وحده كفيلاً بالفوز ل3 مواسم أوروبية متتالية، وأصلاً لا يمكن لأي فريق أن يتوّج بأي لقب إلا ويكون الحظ حليفاً له (مع القوة والجدارة)، فكلمة "الحظ" في كرة القدم هي: ما يتبقى لك بعد أن تُؤدي ما عليك!!.

3-يمتلك لاعبين وخيارات عديدة ودكة قوية يتمناها أي فريق.
الرد من العشاق/ الدكة القوية شيءٌ يُحسب له لا عليه، فـ "زيزو" لا يمنع أي مدرب في العالم من حوزة دكة قوية تواجه الريال!!

كما أن اللاعبين المميزين والنخبة التي لديه، فإن بصمته موجودة بالصفقات المعقولة، وحسن التعامل في بعض وليس كل المواقف مع اللاعبين، ونجاحه في المداورة بينهم أكبر دليل!.
4-اللقب الثالث لولا إصابات الخصوم، ما فاز به.
الرد من العشاق/ الإصابات جزء من كرة القدم لا شك في ذلك، واندرجت الإصابات تحت "سوء حظ المنافسين"، ولا تنسوا أنّ الريال نفسه عانى في مواسم كثيرة من الإصابات الهامة والتي أدت لخسارته وخروجه من المنافسات، والمعروف أن الجهاز الطبي أصبح حجر أساس في الأندية الكبرى، وحتى مع زيزو كانت إصابات الريال تهزمه في الليغا والكأس، ولكنه ينتفض في الأبطال ويفوز مهما كانت الظروف!.

5-ثغراته الدفاعية كثيرة، ولكن المنافسين لم يستغلوا ويسجلوا، وإلا فازوا عليه بسهولة!.
الرد من العشاق/ ليس ذنب زيزو أن المنافسين يملكون أفضل لاعبي العالم، ولا يملكون القدرة على هز شباكه.

(وإن كنت أرى أن العيوب الدفاعية للريال أزلية ولا يمكن التخلص من "عقدتها" خاصة أمام صغار المنافسين الأقل جودة وقوة وعراقة).
6-زيزو لا يتعامل جيداً مع الطوارئ وانتكاسات الفريق في المباريات، مثل هدف مبكر أو ضربة جزاء أو طرد يربك الحسابات، كما حدث في لقاء فالنسيا بالجولة الثانية قبل عام، حين تقدم الخفافيش بهدفيْن في 8 دقائق، ولم يستطع الريال الرد وخسر من متذيل ترتيب الدوري وقتها الذي انطلق من بوابة الريال.
الرد من العشاق/ لكل جوادٍ كبوة، وكل المدربين الكبار أخطئوا، ولا يمكن نسيان تعامله الممتاز في بعض المباريات الهامة من الناحية التكتيكية، كما أتليتيكو في الأبطال يوم هاتريك الدون، ونهائي أوروبا ضد اليوفي، والسوبر الأوروبي والسوبر المحلي ضد البرشا ذهابا وإيابا.

وبين جيش المنتقدين وحشود العشاق، استطاع زيزو حفر اسمه من ذهب، وكتابة تاريخ مُعجزٍ لغيره، يُتعب أيّ خليفة له مهما كان الاسم، فالإرث الذي تركه كبير جداً، يصعب حمله، مهما اختلفت أسباب نجاحه، ومهما كانت الانتقادات الموجّهة له تكتيكياً وتباينت الآراء حول جدارته بالألقاب الإعجازية التي حققها، فلا أحد يُنكر أنه صاحب أكبر بصمة في السنوات الأخيرة على المستوى التدريبي، بعدما استقال من إدارة ريال مدريد في فاجعة كالقنبلة هزّت مدريد والعالم كله، وأصرّ على الخروج من الباب الأكبر بين كل زملائه المدربين، كما فعلها كلاعب من أكبر بوابات المجد، ما يجعل المقولة الأنسب لهذا الرجل الذكي جداً: (شِئنا أمْ أبَيْنا أيها الملك "زيزو": لعبتَ فأمْتَعتَ، فدرَّبْتَ فأعْجَزتَ!).