الأزمة الاقتصادية .. تطال الرياضة وتهدد الأندية

غزة/ علاء شمالي: 
تعيش أندية غزة منذ سنوات في عقبات ومعيقات متعددة أهمها الأزمة المالية الخانقة التي عصفت بجميع الأندية بسبب الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة والمستمر منذ (11) عام. 
التراجع الاقتصادي الذي تعيشه كل جوانب الحياة في غزة أثر بشكل أكبر على التراجع المالي للأندية وقدرتها على الإيفاء بالتزاماتها لفرقها ولاعبيها. 
وفي تقرير سابق نُشر في صحيفة "فلسطين" بيَّن أن ما يقارب (2100) لاعب في غزة يتقاضون رواتب شهرية تبلغ قيمتها مليون شيكل شهرياً بإجمالي مصروفات جميع الأندية في كل الدرجات والتي تبلغ ما يقارب (7) مليون شيكل في كل عام. 
ويعتمد لاعبوا كرة القدم في غزة على مصدر دخلهم الوحيد من ممارسة كرة القدم في الأندية منذ انتظام الحياة الرياضية عام 2010 بشكل رئيسي دون وجود أي عمل آخر أو وظيفة أو مصدر دخل آخر.
وظهرت خلال الفترات الماضية وبشكل متفاوت عدة قضايا وإشكاليات بين اللاعبين والأندية بسبب عدم تمكنها من دفع مستحقات اللاعبين المتفق عليها في العقود المبرمة في بداية كل موسم. 
وتقدر موازنات الأندية التي تُصرف على كرة القدم في أندية الدرجة الممتازة (70-120) ألف دولار في الموسم الواحد ، فيما دائماً ما ترتفع نسبة تخصيص موازنات الأندية في كل موسم جديد بسبب احتياجات الأندية وارتفاع أسعار اللاعبين، لكن المعاناة للأندية تتفاقم بشكل كبير حينما لا تستطيع الأندية صرف الموازنات المخصصة بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية وتضطر للاستدانة في بعض الأحيان أو ترحيل بعد المستحقات لسنة مالية جديدة في أحيان أخرى. 
وتراجعت بشكل ملحوظ الدعم المالي التي تحاول بعض الأندية الحصول عليه من الشركات والمؤسسات التجارية الداعمة لكرة القدم في غزة. 
ومثّل حصول الأندية على منحة الرئيس محمود عباس والنائب محمد دحلان وجزء من رعاية شركة الوطنية انعاشاً جزئياً والتخفيف من حجم الأعباء المالية التي عوَّضت ما يقارب (40%) من حجم المصروفات الإجمالي للأندية في الموسم.

تأثيرات اللاعبين 
وبدا واضحاً تأثر اللاعبين من الأزمات المالية وتردي الأوضاع الاقتصادية بشكل عام بعد عدم تمكنهم من الحصول على مستحقاتهم ورواتبهم الشهرية بانتظام وهذا ما أثر بشكل فعلي على اللاعبين الذين لا يعملون في أي مهنة غير كرة القدم. 

واشترط اللاعب (خ.ج) على المشرف الرياضي الحضور للمباراة بدفع قيمة بدل المواصلات التي لا تتجاوز (20 شيقلاً) والتي تنقله بين شمال غزة وجنوبها بسبب عدم حصوله على راتبه وعدم امتلاكه هذا المبلغ الزهيد للذهاب للمباراة وممارسة كرة القدم. 

وتمثلت معاناة اللاعبين بترك أنديتهم والذهاب لأندية أخرى بسبب عدم قدرة بعض الأندية على الالتزام بما تم التوقيع عليه ما أدى لرفع شكاوى وقضايا في المحاكم المدنية على بعض الأندية. 

نماذج مؤلمة 
ويفكر اللاعب فادي العراوي (29) عام في البحث عن مهنة أخرى تضمن له حياة كريمة وتغطية احتياجات أسرته وعائلته غير كرة القدم التي يتقاضى منها شهرياً (200$) يدفع أكثر من نصفها إيجار لبيت عائلته ويقضي ما تبقى من راتبه على أيام الشهر. 

وأكد العراوي أن اللاعبين يعيشون وضعاً صعباً هذا الموسم بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية وتأثيرها على الأندية والإيفاء بالتزاماتها ودفع الرواتب بشكل منتظم، لكنه أشار إلى أن الأندية وزعت جزء بسيط من المستحقات بعدما تلقت مبالغ منحة الرئيس ورعاية شركة الوطنية. 

عيد العكاوي لاعب كرة قدم آخر لا يستطيع ترتيب أمور أسرته في ظل تراجع الأوضاع الاقتصادية التي أثرت على حصوله على راتبه من ناديه سواء بتقليصه أو تأخير موعد صرفه، في وقت أصبح العائد المادي من كرة القدم لا يكفي لسداد احتياجات أسرته. 

ويترقب عشرات اللاعبين موعد صرف رواتبهم أو نسبة منها بشكل منتظم لحاجتهم لها وتسديد جزء من احتياجات عائلاتهم وحياتهم الأسرية. 

أزمات متعاقبة 
ويقول خالد أبو نحل رئيس النادي الأهلي أن الأندية تأثرت بشكل كبير من الواقع الاقتصادي المتردي الذي دفعنا للعمل على تقليصات كبيرة في كل الجوانب التي شملت اللاعبين وتسريح بعض الموظفين من عملهم.

وأكد أبو نحل أن الواقع المرير دفعنا للعمل باستراتيجية تخفيض المصروفات والتكاليف في النادي من ضمنها كرة القدم والتي أدت لعدم القدرة على الحفاظ على بعض اللاعبين وعدم التعاقد مع آخرين ما جعلنا نعاني في منافسات الدوري وهذا ما سيعضنا في أزمة رياضية كبيرة إذا تعرض الفريق للهبوط. 

بدوره قال عيسى صباح رئيس نادي شباب خانيونس أن الأندية باتت تعيش أوضاع قاسية بسبب عدم الإيفاء بالتزامات اللاعبين وهذا ما أثر بشكل واضح على أداء الأندية والإعداد للدوري. 

وأكد صباح أن نسبة الديون والعجز في توفير الاحتياجات تتصاعد في كل موسم ، منوهاً إلى أن الإمكانات المتوفرة لا تفي بالحد الأدنى من احتياجات اللاعبين وصرف مخصصاتهم الشهرية. 

وأضاف صباح أن الأندية باتت لا تستطيع وضع خطط تطويرية لعمل الأندية ومواجهة الظروف المالية الصعبة بسبب تخلي الشركات الكبرى والتجارية عن دعم الأندية، مشيراً إلى أن الأندية تعتمد بشكل كلي على المنح المالية المقدمة من الرئيس عباس والنائب دحلان وشركة الوطنية والتي لا تمثل سوى (30%) من نسبة المصروفات الموسمية.