لا تتوفر نتائج هذه اللحظة

في الرياضة : ليس شرطاً أن تعطي العيش لخبازه !

الرياضية أون لاين : كتب - محمد النخالة 

لم أتفق يوماً مع حكمة الأجداد التي تقول "أعطي العيش لخبازه ولو أكل نصه" ليس لشيء ولكن لأنني كل يوم أشاهد من حولي في غزة عشرات النماذج للتميز في العمل من أشخاص بعيدين عن التخصص في مجال إبداعهم .

 وعلى الرغم من هذه القناعة وجدت نفسي متشككاً عندما كنت في طريقي إلى منزل الدكتور خالد الوادية لحضور الإجتماع الأول للجان إتحاد رفع الأثقال الذي من المفترض أن يكون "أبو السعد" رئيساً له ! قلت في نفسي : "رجل أعمال واقتصاد ما شأنه بالرياضة وتحديداً لعبة رفع الأثقال التي يجهل تفاصيلها حتى الصحافيون الرياضيون" ! تسلل الشك عنوة إلى قلبي واستشرى الى عقلي فتجاوز الأمر مجرد شعور عابر وتحول الى شبه اقتناع أن الرجل كأولئك المسؤولين اللذين يهبطون "بالبراشوت" على كراسي المسؤولية .

 جلسنا وبدأ الرجل بالحديث ولم يخفي عدم حاجته للمنصب -وهو صادق- فهو تبوأ من المناصب وسافر إلى بلدان كثيره ما جعله أبعد ما يكون عن باحث عن "البرستيج" أو "السياحة والسفر" على مُقفّى الإتحاد ! النقطة الأولى أقنعتني وأزالت جزئاً يسيراً من الشك في داخلي، وبعدها بدأ يتحدث عن رؤيته وأهدافه وأن السنوات الثلاث العجاف السابقة التي لم يرى فيها الإتحاد أي خير ستطوى، وأنه سيعمل يداً بيد مع كوادر اللعبة وأيقوناتها من المخضرمين والأسماء التي حفرت بأظفارها في تاريخ اللعبة لإعادة بناء المنظومة من جديد .

 حينها أزيح نزرٌ آخر من الشك لكنه رفض الرحيل بالكامل عني، ربما لأني كإعلامي أميز جيداً بين الأقوال والأفعال ولإيماني العميق بأن الكلام سهل خاصة لو كان صادراً عن رجل مفوه مثله .

 مر شهران فقط الآن من هذه الجلسة ورغم قصر المدة ورغم أصوات المشككين والمحاربين العالية ورغم المعيقات من داخل وخارج المنظومة إلا أن النتيجة كانت مبهرة جداً ! بعد استلامه بأيام قليلة فقط وقبل مصادقة اللجنة الأولمبية على مناصب مجلس ادارته، أعلن الوادية عن إطلاق أول بطولة لرفع الأثقال بعد توقف لثلاث سنوات بميزانية قياسية مقارنة بسائر البطولات السابقة، وليس ذلك وحسب بل أطلق أول دورة من نوعها في تنظيم وتحكيم المنافسات للمبتدئين بمشاركة محاضريين دوليين عبر الفيديو كونفرنس، ليجتمع في خطوات أبو السعد العملية جانبين، تعزيز الحاضر و الإعداد للمستقبل .

 ما سبق ليس كل شيء فحصل الدكتور خالد أيضاً على عضوية المكتب التنفيذي لإتحاد غرب آسيا ما يعزز حضور فلسطين على الخارطة القارية للعبة . 

ويضاف إلى كل ذلك تنشيطه لعمل اللجان، وتقوية أواصر البيت الداخلي، والروابط الإجتماعية بين الإتحاد كمنظومة وكوادر اللعبة .

 كما أشرف على إنشاء نظام مراسلات راقي مع الإتحاد العربي والآسيوي والدولي للعبة، واكتملت الصورة جمالاً بتشجيعه ودعمه للنشاط الإعلامي للاتحاد، وتعزيز التواجد عبر فضاء مواقع التواصل الإجتماعي .

 بعد كل ذلك أدركت جلياً أني كمساعد لأمين عام الإتحاد ومسؤول للجنة الإعلامية أعمل تحت قيادة احترافية، جنباً الى جنب مع منظومة مهنية وراقية بوجود رجل الإقتصاد الأمين العام محمد سليم سكيك، و رجل الأعمال رائد السقا أميناً للصندوق، وسائر أعضاء مجلس الإدارة الذي شمل قامات كبيرة من المحافظات الشمالية والجنوبية والقدس والشتات .

 لقد أثبت جسم الإتحاد الحالي أنه على قدر المسؤولية، وأثبت رئيس الإتحاد الدكتور خالد أنه أهل لثقة ربان السفينة سيادة اللواء جبريل الرجوب رئيس اللجنة الأولمبية الفلسطينية .

 إن خوضي لهذه التجربة الفريدة كان نابعاً من حب الإستطلاع والمغامرة، ولحاجتي في اضافة تجربة جديدة إلى حصيلتي الغنية في مجال الإعلام الرياضي، ولرغبتي في خدمة الرياضة من داخل إحدى منظوماتها وليس من الخارج كما كنت خلال عملي الإعلامي .

 أؤمن بشكل عميق أن وقت الإنسان وجهده أمانة في عنقه سيسأله الله عنهما يوم الحساب، وأشعر أنا الآن بأني أستأمن بكل ثقة تسخيرهما تحت خدمة هذه المنظومة التي يقودها الدكتور خالد الوادية .

 أستطيع القول الآن أن هذه التجربة الواعدة جديرة بالإقتفاء في سائر الإتحادات ويمكن تعميمها، فكوادر سائر الألعاب يمكنهم التحليق بعيداً بإتحاداتهم لو كانت جهودهم وخبرتهم مستظلة تحت مظلة أشخاص وطنيين أكفاء ومحبين لخدمة مجتمعهم وشباب وطنهم .

 وختاماً أقول : ليس شرطاً أن تعطي العيش لخبازه وأن ترضى أن يأكل نصفه، فثمة من يمكنه أن يصنع العيش ويثري مكوناته بدون أن يأكل منه قضمة واحدة .